وصلت رواية "بيت القاضي: مسيرة قاسم بن يونس" للكاتب محمود عادل طه إلى القائمة القصيرة لجائزة نجيب محفوظ لعام 2024، التي تنظمها الجامعة الأمريكية.
رواية "بيت القاضي: مسيرة قاسم بن يونس" هي العمل الأدبي الأول للكاتب محمود عادل طه. تنتمي للأدب الاجتماعي التاريخي، إذ تسلط الضوء على حياة عائلة القاضي الشرعي أحمد الفضل، نموذجًا لأسرة مصرية تعاني تحت وطأة الاحتلال العثماني.
يستعرض الكاتب حياة هذه العائلة من منظور تاريخي، وتتقاطع أحداث الرواية مع التحولات الكبرى التي شهدتها مصر في تلك الحقبة، حيث كانت مصر تخضع لسلطة العثمانيين.
وبالتزامن مع هذا الإعلان عن وصول الرواية للقائمة القصيرة للجائزة، تواصل "إعلام دوت كوم" مع الكاتب محمود عادل طه للحديث عن الرواية وتبعات وصوله للجائزة، وفيما يلي أبرز التصريحات:
1- وصول الرواية إلى القائمة القصيرة لجائزة نجيب محفوظ يُعتبر خطوة أولية هامة، خاصة لكاتب في بداياته، حيث يساهم في بناء قاعدة جماهيرية ويستهدف شريحة من القراء الذين قد يقرؤون العمل لأول مرة دون تحفّظ مسبق؛ سواء بسبب حداثة سن الكاتب، أو عدم شهرته، أو ربما لأنه لم يُختبر من قبل.
2- تُولِّد الجوائز شعورًا إيجابيًا من الثقة لدى القارئ تجاه العمل وحرفية صانعه، مما يجعله أحيانًا يتخلى عن دفاعاته أو بعض من ميوله النقدية، ليتفاعل مع العمل بعين القارئ لا الناقد. ولا ضير في الجمع بين الاثنين، حيث يتمكن من العيش داخل أحداث الرواية، ورؤية مشاهدها كصور نابضة بالحياة، وهذه تجربة أكثر إمتاعًا لذائقة القارئ وأكثر إرضاءً لتطلعاته. هذا ما يقدمه هذا الحدث الأدبي الرفيع.
3- ورغم أنني على قناعة بأهمية كتابة العمل بذاته في مرحلة إنشائه وبما يرضي قناعات الكاتب ومنطقه دون التفات لحسابات القراء وأذواقهم المتباينة، إلا أنني أتفق على أن العمل، بعد اكتماله، قد كُتب ليُقرأ، وهذا هو المصير الطبيعي للأمور، وما يتطلبه من جهود للإعلان والترويج وغيرهما من اعتبارات "السوق".
4- تقدمت للجائزة بنفسي بإخبار وتنسيق مسبق مع دار النشر. سعدت كثيرًا أنني تمكنت من نيل هذا التقدير عن أولى كتاباتي المنشورة، وإن كنت خلاف ما قد يحسبه الكثيرون على توقُّع مسبق بحدوثه، لا كضرب من الغرور، بل بثقة الصانع الكبيرة في صنعته، وأن طبائع الأمور تقضي بأن يفرض العمل الجيد ذاته، بما أُتيح له من وقتٍ مفرد، وتمعنٍ في إخراجه بصورة تقترب إلى الكمال، وتنازعٍ مع تفصيلاته وجزئياته من قبل كاتبه. يجب أن تظهر ثمرة الحصاد لذلك الجهد في الزراعة؛ كي تتحول البذور ما بين الماء والتراب إلى حصيلة أدبية تستحق الإشادة، وتلك ثقتي بنواميس الكون وصنعة الله فيها.
5- لربما كانت أبرز الأسباب، إلى جانب ذائقة وتقييم لجنة التحكيم وما تحريته من عوامل لإنجاح الكتابة في ذاتها، من حوارات فلسفية ونقاشات فكرية غير مُقحمة يفرضها واقع المكان والحدث، هو موضوع الرواية. حيث بيئة الحارة المصرية، وأجوائها التراثية المشبعة بدفءٍ صرنا جميعًا نفتقده، ونتقصى أثره في نواحي مصر المملوكية، في شارع المعز، في أروقة الحسين، وأيضًا في كتاب "بيت القاضي: مسيرة قاسم بن يونس"، بما يحمل من صبغة تراثية حرصت على إبرازها من خلال السرد، واللغة التي حاكت شيئًا من ألسنة أهلها بفصحى تحمل إيحاء العامية. وبما تضمّنت الرواية من رباعيات عامية تسير على خطى رباعيات السيرتين الهلالية والظاهرية، فهي كذلك مسيرةٌ للفتى المتمرد قاسم، وهي سيرةٌ لمدينته المحروسة.
6- تنتمي الرواية إلى فئة الخيال التاريخي، حيث تمثل لمحة من الماضي لا تتناول الأحداث التاريخية بدقة، بل تتمحور حول حدث تاريخي أكبر هو الاحتلال العثماني لمصر وسقوط دولة المماليك. ورغم ذلك، يظل التاريخ الحقيقي حاضرًا، حيث يسترجع أبناء المحروسة ذكريات الاستقلال وما حدث من فظائع خلال فترة الغزو. إن السجالات الفكرية التي تجري على ألسنة "مشايخ الجامع" تعكس قضايا ظلت تؤرق العقل الجمعي لرجال ذلك الزمن، ولا أُبالغ إذا قلت إنها تاريخٌ وماضٍ لا يزالان حيَّين حتى يومنا هذا، وتُفرض لهما أوقاتٌ على شاشات التلفاز، ويُخاض فيهما جدلٌ، وغالبًا ما يكون هذا الجدل عقيمًا.
7- "بدائع الزهور" لابن إياس هو المصدر التاريخي الأول الذي اعتمدت عليه لوصف مرحلة سقوط مصر تحت حكم المماليك على يد الأتراك، في حين أن "مقدمة ابن خلدون" كانت ما أهلني لدخول أجواء المراحل الزمنية السابقة التي ورد ذكرها في الكتاب، حيث تضمن إيضاحًا لطبيعة المجتمعات المشرقية آنذاك، بالإضافة إلى الحرف والصناعات والمهن وطبيعة الأزجال الشعبية وغيرها.
8- تخلق الرواية التاريخية حالة مثيرة من الهروب: الهروب من مشاهداتنا اليومية، ومن المناخ الخانق، ومن الملوثات البصرية والأخلاقية التي تعمِّر محيطنا، إلى عصرٍ لم تُهدر فيه بعدُ قيمة الرجولة الحقيقية وما تفرضه من سلوكيات، من نخوة ومروءة تجاه الأهل والوطن، ومن تمسُّك بالأرض، واحترام لقيمة الشيخ، ورب البيت، والمرأة. إن هذا الهروب لا يفضي بنا إلى العزلة الكاملة، بل يتيح لنا إسقاط ما يتناقض مع واقعنا، ويولد لدينا قدرًا من الإكبار لقيمنا الأصلية والأصيلة، تلك التي تمسك بها أجدادنا، وسقطت فينا بسبب نوازل الدهر وتقادم الأيام.
9- وبالطبع أتوقع أن يسهم الترشح وما قد يلحقه من احتمالات، أن تنتشر الرواية على نطاق أوسع بين القراء.
10- يجري بالفعل في الوقت الحالي التحضير لعملٍ بل لأعمال قادمة قريبًا، ومن بين المشاريع التي شرعت فيها روايات تندرج تحت تصنيف التاريخي البحت، والفلسفي، والملحمات الخيالية، والأدب الساخر.
11- ولي في الكتابة شأن غريب، حيث تناديني فكرة بعينها فأدون لها بداية ونهاية وعنوانا، ثم أدعها وقتا كي تختمر في ذهني، ولربما شرعت في كتابة هوامش ومسودات لأكثر من عمل، ثم أنصرف عنهم لبعض شأني، وأعود لأكثر ما يناديني منهم كي أستأنف كتابته؛ فإذا ما استقر قلمي على نسق للشخصيات وتتابع للأحداث؛ أصل لتلك النقطة التي لا أعلم بصدق إن كان يمر بها سواي من الكتّاب أم لا، حيث يكتب العمل نفسه بنفسه، ويحملني حملا لاستنباط ما يستجد فيه من مجريات، وكأنني لست فيه إلا ناقلا، لا صانعا للحدث!
12- تخرجت من قسم الاتصالات والإلكترونيات بكلية الهندسة جامعة المنصورة، مواليد 22 أكتوبر 1994 في أجا، محافظة الدقهلية. أعمل حاليا كمهندس اتصالات لدى شركة VOIS (خدمات فودافون الدولية). وأبلغ من العمر 29 عاماً.
يشار إلى أنه من المنتظر إعلان الفائز في 11 ديسمبر 2024، حيث تبلغ قيمة الجائزة 5,000 دولار، بالإضافة إلى ترجمة الرواية إلى الإنجليزية لتوزيعها في جميع أنحاء العالم.