ضمن صالون إعلام للكتاب بالشراكة مع مكتبة وهبان، أُقيمت ورشة بعنوان "كيف تنشر كتابك الأول؟". من تقديم الناشر أحمد مهنى، مدير النشر والتطوير بدار دوّن للنشر والتوزيع.
تناولت الورشة عدة محاور بشأن نشر الكتاب الأول، منها علاقة الناشر بالكاتب، وأزمة الوعود، والتوقعات. كذلك كيفية التواصل مع دور النشر من أجل الكتاب الأول. إضافة إلى نصائح عديدة ومتنوعة قدمها أحمد مهنى للحضور في ذات الشأن.
نرشح لك: تفاصيل قصة "معجزة" المأخوذ عنها الفيلم الممنوع "آخر المعجزات"
اختلاف الرؤية بين الكاتب والناشر
وصف "مهنى" العلاقة بين الكاتب والنشر بأنها تُشبه علاقة الرجل بالمرأة وتحتاج إلى فهم حتى يستطيع كل منهما فهم الآخر والتعامل معه، وذلك في ظل متغيرات صناعة النشر في المنطقة. موضحا دورة مسؤوليات الناشر، التي تزيد في عدد مسؤولياتها عن الكاتب نفسه، والذي يمكن أن يتحول إلى ناشر لنفسه. مؤكدا أن تفكير الناشر في الكتاب يختلف في مساره عن تفكير الكاتب.
أشار "مهنى" إلى اختلاف الرؤية بين الناشر والمؤلف حول العمل الأدبي من عدة جوانب، منها الغلاف والتصور الفني للعمل، فغالبًا ما يرى المؤلف العمل بشكل فني بحت، وقد يختار تصاميم رمزية أو معقدة، بينما يهتم الناشر بالجوانب التسويقية للغلاف. والتسعير يفضل المؤلف أن يكون الكتاب بأسعار أقل لزيادة الانتشار، بينما يضع الناشر تسعيرًا يغطي التكلفة ويضمن الربحية، بناءً على حسابات دقيقة تشمل تكلفة الإنتاج والتسويق.
وفي الجانب التسويقي يوضح "مهنى" أن المؤلف يرى أن التسويق يجب أن يركز على كتابه بشكل خاص، لكن الناشر يعمل ضمن خطة تسويقية لمجموعة من الكتب لضمان التوازن في الترويج والربح. وبالنسبة للتعاقد التعاقد تختلف العقود حسب نوع الاتفاق، فبعض الناشرين يفضلون التعاقد لفترات طويلة لضمان حقوق التوزيع. بينما يمكن أن يوافق البعض على عقود أقصر في حالات معينة، خاصة إذا لم يكن للكتاب بُعد تجاري قوي.
يسرد أحمد مهنى أن الناشر يتمتع بنظرة تجارية عامة تتضمن اختيار الأعمال التي تتماشى مع خطته الإنتاجية، فيما يرى المؤلف أفكاره كجزء من مشروعه الأدبي الشخصي، وغالبًا ما يعبر عن اهتمامه بالإبداع الفني بشكل رئيسي دون حساب للتأثيرات التجارية.
الاتفاقات المالية بين الناشر والكاتب
أكد مدير النشر بدار دوّن، أنه قبل الوصول لصيغة التعاقد، على الكاتب معرفة إذا ما كان مستعدا نفسيا للنشر بمقابل مادي أم لا، لأن النشر بمقابل مادي تجعلك تتحول إلى عملية الإنتاج. موضحا أن صيغ النشر وآليات التعاقد المالي بين المؤلف والناشر متعددة، حيث تلعب هذه الاتفاقات دورًا أساسيًا في تحديد عائدات المؤلف وطريقة احتسابها، فالبعض يتعاقد مقابل نسبة من سعر بيع الكتاب، وهذه الصيغة الأكثر شيوعًا. أو بالحصول على نسبة من أرباح الكتاب بعد خصم كافة التكاليف مثل تكاليف الطباعة والتوزيع والتسويق.
كذلك هناك اتفاقات القطع الكاملة، في هذه الصيغة، يقوم الناشر بشراء حقوق الكتاب من المؤلف دفعة واحدة، مما يعني أن المؤلف يحصل على مبلغ مالي ثابت مرة واحدة مقابل تنازله عن حقوق الكتاب للناشر بشكل قطعي. مشيرا إلى الفروقات بين نسبة الأرباح وسعر البيع. متابعا أن هناك مؤلفون حققوا نجاحات رغم حصولهم على نسب منخفضة نسبيًا من سعر البيع، كما أن هناك ناشرين استثمروا في دعم مؤلفين عبر نسب عالية، حتى لو كان ذلك يتسبب بخسائر مؤقتة للناشر، وذلك لرؤيتهم لأهمية العمل في بناء اسم المؤلف والناشر. وأكد أنه ينبغي على المؤلفين النظر بعناية إلى صيغة الاتفاق المالي الأنسب لهم.
نصائح للمؤلفين في التعاقد مع دور النشر
قدم "مهنى" مجموعة من النصائح للمؤلفين الجدد، لافتا إلى ضرورة التأكد من شروط الاتفاق المالي، فعند اختيار صيغة النشر، ينبغي على المؤلف تحديد ما إذا كان الاتفاق يستند إلى النسبة من الأرباح أو من سعر البيع، حيث إن لكل منها تأثير مختلف على قيمة العائد النهائي. ومن المهم تجنب الوعود المبالغ فيها أو الوهمية، والحرص على اختيار دار نشر موثوقة والاتفاق معها على شروط واضحة.
ملاحظات حول التقديم للنشر
قال الكاتب إنه يُنصح بتجهيز ثلاثة ملفات:
- العمل نفسه
- تعريف بالمؤلف: يشمل نبذة عن الكاتب وأعماله أو اهتماماته.
- ملخص عن العمل: يساعد في تقديم فكرة مختصرة عن الكتاب ويجذب اهتمام الناشر، ويفضل أن يتضمن التصنيف الأدبي والنوع.
أضاف أنه ينبغي أن يكون الملخص شاملاً لفكرة الكتاب، ويُفضّل توضيح النوع الأدبي مثل الرومانسي أو التاريخي، حيث قد تبحث دور النشر عن أنواع محددة من الأعمال. مشيرا إلى أنه لا يشترط تدقيق الكتاب بالكامل لغويًا قبل إرساله، لكنه من الأفضل أن يخلو العمل من الأخطاء الإملائية أو النحوية الأساسية؛ حيث تعطي الأخطاء الانطباع الأول للمراجعين عن الكتاب. وقد يقوم الناشر لاحقًا بعملية تدقيق لغوي تفصيلية، لذا يجب التركيز فقط على الأساسيات لضمان جودة النص. مؤكدا على ضرورة اختيار الناشر الذي يناسب الكتاب.
لفت أحمد مهنى إلى أنه يمكن أن تساهم مقابلة أحد موظفي دار النشر في زيادة فرص الاهتمام بفحص العمل، وإن لم تكن هذه المقابلة شرطًا للقبول، فقد تساعد في تسريع عملية الفحص. ويُفضّل استغلال الفعاليات مثل معارض الكتاب للتواصل مع مسؤولي دور النشر. لذلك يجب على المؤلفين دراسة خياراتهم المتاحة في صيغ النشر، مع التأكد من شروط الاتفاق المالي.
إدارة التوقعات وتأثيرها على الرضا عن النجاح
أكد أحمد مهنى أنه من أكثر التحديات التي تواجه المؤلفين، خاصةً عند نشر أول عمل لهم، هو التوقعات المبالغ فيها حول نجاح الكتاب وإمكانية أن يحقق "نجاحًا ساحقًا" أو "يكسر الدنيا". ينشأ هذا التحدي نتيجة التصورات غير الواقعية حول ما قد يحققه الكتاب من شهرة أو مبيعات، مما يؤثر على رضاهم عن النجاح الذي يحققه العمل فعليًا. مشيرا إلى أنه عندما يتبنى المؤلف توقعات عالية، قد يفوته الإحساس بالنجاح حتى لو كان هناك تقدم ملموس.
أضاف أن الكتابة هي عمل تراكمي يحتاج إلى سنوات طويلة، حيث يتعرف القارئ على المؤلف تدريجيًا. قد يتطلب بناء قاعدة جماهيرية سنوات من العمل المتواصل وكتابة عدة كتب. مؤكدا على ضرورة إدارة التوقعات، إذ يحتاج المؤلف إلى فهم أهمية الاحتفاء بالنجاح الصغير والنظر إليه كنقطة انطلاق نحو نجاحات أكبر في المستقبل. ذلك سيجنب المؤلف نفسه خيبة الأمل إذا تمكن من إدارة توقعاته بشكل جيد، وأدرك أن الشهرة والنجاح الأدبي يتطلبان تراكمات مستمرة. موضحا أنه على المؤلف أن يدرك أن الكتاب الأول قد لا يحقق الانتشار الكبير، وأن هذه النتيجة ليست فشلًا. إنما هو جزء من عملية بناء اسم المؤلف، وتكوين قاعدة من القراء.
أوضح الناشر أحمد مهنى أنه يرى أن معيار النجاح للكتاب الأول من وجهة نظره، هو الأثر. لأن الكتاب الأول لا يتطلب وضع المعايير الأخرى للنجاح، حتى لا يُصاب الكاتب بالإحباط.
نرشح لك: تفاصيل مسابقة "أحرار نوفمبر" الشعرية