انتهت رحلة "تيتا زوزو" ولم تنتهِ حكاياتها، حيث فتح المسلسل قضايا شائكة يجب أن نواجهها ونتوغل فى أعماقها، لنرى ما بداخلها من علامات تحذير سواء على الصعيد العائلي أو على الصعيد الاجتماعي وعلاقة كليهما بالتقدم التقني والاختراع العصري الشهير بالذكاء الاصطناعي، العمل قدم رؤيته في معالجة ما قدمه من اشكاليات بأسلوب جديد خارج الصندوق، حيث تناغم أسلوبه بين التربوي غير المباشر والكوميديا الممزوجة بالميلودراما بشكل متوازن يتسق مع الموقف الدرامي.
المميز فى العمل؛ إنه لم يكتفي بدق جرس الخطر مثلما هو الحال فى أغلب الأعمال الدرامية، ولكنه حاول بشكل أو بآخر أن يقترح حلولا لتلك القضايا، فعندما أشار المسلسل إلى خطورة استخدام المبيدات والكيماويات - لزيادة المنتج الزراعي وتحقيق أرباح عالية على حساب صحة المستهلك- كشف عن أن البديل هو الزراعة الحيوية والعودة إلى الطبيعة للحفاظ على الصحة العامة للفرد.
تتمحور القضايا الاجتماعية التي تناولها المسلسل حول طبيعة العلاقة بين الآباء والأبناء والفجوة فيما بينهم، وانعدام وجود لغة حوار مشتركة مما يؤدي إلى تواجد كل فرد من أفراد الأسرة داخل شرنقته منعزلا عن الآخرين، حيث كانت أسرة سيف -الابن الأكبر لتيتا زوزو- هي النموذج الأقرب لذلك، فالأب الذي يتصور أن التربية القاسية والديكتاتورية هي الأسلوب الأنسب لتنشئة جيل ناجح تصوره بالتأكيد خاطئ.
وهذا ما كشفه العمل من خلال رسم الفجوات الفكرية والتمرد واختلاق الأبناء لعوالم خاصة بهم بعيدة عن الوالدين، مما أدى إلى وقوع الأبناء في العديد من المشاكل، كذلك تناول تأثير الأب البخيل الأناني الذي يسعى لتحقيق طموحاته المالية على حساب أسرته وأبنائه، وطمعه وجشعه تسبب في سجن حماته بسبب حماقته واستغلال التاجر الفاسد لاطماعه.
أما الإبنة الصغرى لتيتا زوزو فكانت نموذج للأنثى التي تخدعها المظاهر، فتتزوج بزوج مراهق لا يستوعب مسئولياته كأب، يعتقد أن دوره كزوج وأب يقتصر على تقديم الهدايا وتوفير متطلبات الحياة، تفكيره الضيق لم يسمح له برؤية الأزمة النفسية التي تمر بها ابنته، والتي تصاب بالشلل النفسي عقب صدمتها في حقيقته.
لكن يظل خالد الابن الأقرب لتيتا زوزو، الذي يعينها على حل مشاكل الأسرة، الجدير بالذكر أن تيتا زوزو قدمت براعة في التعامل مع الابن خالد الذي يعاني من اضطراب الوسواس القهري، فتفهمها لطبيعة مرضه جعلتها تنجح في جعله شخص طبيعي لا يتسبب في المشاكل لنفسه وللآخرين، بل صنعت منه شخصية مسئولة فأصبح هو السند والداعم الدائم لتيتا زوزو وأسرته، وذلك على العكس من سيف الأخ الكبير الذي يتصور أن الجدية الحادة والعقل المتحجر هما سمات الشخص المسئول، فاتخذ من القسوة والسخرية في طريقة تفكير الآخرين والشجار الدائم مع إخوته وسيلته لإظهار الاهتمام بهم، ومن ثم وضع سيف حاجز بينه وبين إخوته، فلا أحد منهم بات يلجأ إليه لحل مشاكله مثلما هو الحال مع الأخ الأصغر خالد
ومع كل تلك الأحداث والأزمات تسعى تيتا زوزو لإيجاد حلول تارة ولملئ الفراغ العاطفي عند أحفادها تارة أخرى، وفي خضم العواصف والأعاصير التي تعصف بتيتا زوزو من وقت لآخر تكتشف الذكاء الاصطناعي الذي أعانها على المواجهة والاستمرارية، بل وكان سبباً فى خروجها من السجن وإظهار براءتها بواسطة التقنية.
تيتا زوزو أدركت مزايا الذكاء الاصطناعي وحاولت توظيفه لمساندتها ولاسعادها، ولكنها أيضاً كشفت عن خطورته إذا ما تمكن من حياتنا، وسيطر عليها سيطرة كاملة خاصة السيطرة الانفعالية والحسية، لذلك اختارت الابتعاد عنه والتضحية برشدي صديقها من الفضاء الإلكتروني والاحتماء بحب ودفء أسرتها، فأولادها وأحفادها هم المصدر الحقيقي للونس والسعادة والأمان.
وفي النهاية لم تخبرنا تيتا زوزو هل ستحاول تحقيق أحلامها المؤجلة المدونة فى دفترها أم ستظل مؤجلة؟؟ مسلسل تيتا زوزو دراما هو اجتماعية كوميدية من تأليف محمد عبد العزيز وإخراج شيرين عادل