أحمد عدلي
في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر النقد الدولي بالرياض التي تحدث فيها المخرج السعودي عبد الله المحيسن عن مسيرته السينمائية كان لافتا عن بداية المداخلات من الحضور اهتمام الناقد المصري طارق الشناوي بالناقد اللبناني إبراهيم العريس وتفضيل الشناوي أن يتحدث العريس أولاً تقديراً لمكانته، لكن الناقد اللبناني الذي خصصت له جلسة في اليوم الثاني لم يحترم ولو بشكل غير مباشر ليس فقط الشناوي ولكن كافة النقاد السينمائيين.
خلال حديثه في الجلسة التي أدارها الناقد السعودي فراس الماضي اعتبر العريس أن النقد انتهى ولم يعد هناك جيل من النقاد، فالكبار توقفوا ولا يوجد سوى جيل يتشكل، بالتأكيد لكل شخص رأيه الذي يمكن تفهمه لكن نفس الجلسة شهدت تناقضات عدة من العريس عكست صورة مشوشة لديه عن النقد السينمائي في الوقت الحالي.
ولأن كاتب المقال ليس ناقداً فنيا، فالحديث لا يبدو دفاعاً عن الذات، ولكن دفاعاً عن جميع النقاد الذين شعرت بتعرضهم للإهانة من تصريحات العريس التي عممت الحديث ولم تراع وجود أجيال متعددة ونقاد تختلف وتتفق مع أسلوبهم لكن في النهاية هما نقاد من أبرزهم طارق الشناوي الذي يحظى حتى مع الاختلاف أحياناً حول بعض مواقفه بمكانة متميزة باعتباره اسم مهم في عالم النقد السينمائي عربياً.
في ندوة العريس تحدث عن صديق له لم يدرج السينما ضمن الأمور التي تلعب دوراً في تشكيل الوعي، منتقداً كلام صديقه عن عدم مشاهدته أي فيلم سينمائي، وهو انتقاد لم يطبقه على نفسه مع تأكيده عدم قراءة نقد سينمائي منذ 20 عاماً، فكيف يقيم من يتواجدون الآن وهو لا يقرأهم!.
في اليوم التالي بجلسات المؤتمر الذي نظمته "هيئة الأفلام" أدار الناقد المصري محمد طارق ندوة مع الناقد كمال رمزي، للحديث عن مسيرته الممتدة لأكثر من 5 عقود، مسيرة تحدث خلالها عن تعلمه من أستاذته بشكل واضح وتأثيرهم فيه، وإعطاء دفعة للشباب وعدم التقليل من محاولتهم في أي مجال يحاولوا الانخراط فيه لأن أحد هؤلاء الشباب سيكون نجم في المستقبل.
تحدث كمال رمزي في الندوة باحترام وتقدير عن الجميع، دبلوماسية تضمنت عدم تسميه أي شخص أو تعميم إخفاقات لكنها لم تخل من لوم على بعض السلوكيات منها الانطباعية والمجاملات التي تحدث أحياناً لكون النقاد يشاهدوا الفيلم مع الأبطال.
موقف رمزي الذي يعد من كبار النقاد سناً ومكانة ومنتظماً في الكتابة عن الأفلام السينمائية ويشاهدها لم يختلف كثيراً عن المخرج خيري بشارة الذي أكد اهتمامه بمتابعة ما يكتب حتى لو كانت أراء انطباعية وليست مقالات نقدية معمقة مشيداً بمقال كتب عن فيلم "آيس كريم في جليم" من كريمة المخرج مجدي احمد علي بعد أكثر من 20 عاماً على الفيلم واعتبره من أفضل المقالات النقدية، رغم نشره عبر "فيسبوك".
المؤكد أن حديث العريس عن عدم وجود نقاد جانبه الصواب، فالمؤتمر الذي شارك فيه تواجد فيه نقاد عرب من مختلف الدول العربية وعدد من النقاد السينمائيين الدوليين أعضاء الاتحاد الدولي للنقاد "فيبرسي"، وبالتالي إن كان لا يجد جيلاً من النقاد ويقر بانتهاء جيل الكبار توجب عليه الاعتذار عن المشاركة، وعدم الحضور.
صحيح أنه حاول تلطيف الأجواء مع مشاهدته الاحتقان من تصريحاته بين الحضور بالتأكيد على أن الجيل الحالي يتشكل ويتبلور وسيكون هناك من بين الحضور في المستقبل إلا أن الناقد اللبناني يبدو ان تعريفه للناقد السينمائي أو الفني مختلف، تعريف يحتكره بحكم خبرته الممتدة ورافضاً الاعتراف بجيل جديد لا يكلف نفسه بالقراءة له أو حتى معرفته.
يقف إبراهيم العريس بالزمن قبل أكثر من 20 عاماً، غير مدرك تأثير مواقع التواصل الاجتماعي، وأهمية وجود الناقد أمام الجمهور واشتباكه مع الأعمال المطروحة كما يفعل الكثيرين أو حتى متابعتها ومشاهدتها والكتابة عنها، لكن الرجل الذي يبدو أنه فضل الاكتفاء بإرثه لا يزال يعيش متباكياً عن الأطلال، فما بين حضوره مهرجان الجونة السينمائي وملتقى النقد السينمائي لم نقرأ مقالة واحدة كتبها "آخر النقاد الكبار"!
نرشح لك: 7 تصريحات من أنطوان خليفة.. أبرزها عن "شرق 12" وتكريم منى زكي