سهام ذهني تستعيد كواليس كتابها "أحب رائحة الليمون.. حوارات نجيب محفوظ"

بحضور نخبة من المثقفين ورجال الإعلام، استضاف متحف نجيب محفوظ، التابع لقطاع صندوق التنمية الثقافية برئاسة المعماري حمدى السطوحي، الكاتبة الصحفية الكبيرة سهام ذهني، التي تحدثت عن كتابها "أحب رائحة الليمون.. حوارات نجيب محفوظ"، وهي سلسلة من الحوارات التي أجرتها الكاتبة مع "محفوظ"، فى الفترة الممتدة من ١٩٨٣ الى ٢٠٠٢، وهو ما يشكل سيرة متكاملة عن الأديب الكبير.

في البداية لفتت الكاتبة سهام ذهني النظر إلى أهمية عقد مثل هذه الندوات التي تتكامل مع أهمية مقتنيات الكاتب الكبير؛ لأن ما تركه نجيب محفوظ ليس فقط أشياء مادية مثل الساعة والنظارة والسماعة، إنما هو مقتنيات من الكتابات الآخاذة التي ضمتها صفحات رواياته المحفوظة جميعها في قاعة المكتبة التي تقام فيها الندوة، وكأن كلام أبطاله في الروايات يطل على كلامنا حول ما ضمته تلك الأعمال، وحول حياة صاحبها، وتكاد سطور الروايات أن تصافح فكرة الندوة باعتبارها "السوفت وير" الذي يمنح الحيوية للمقتنيات الأثرية أو "الهارد وير".


وأضافت قائلة: "حين أتحدث عن كلام نجيب محفوظ في حواراتي معه التي أعيد نشرها الآن أجد أن كلامه كالعطر المعتق ما أن نفتح غطاء قنينته حتى يفوح العبير، ويتيح الأُنس للروح. فعلًا إعادة قراءتي لما دار بيني وبين نجيب محفوظ من حوارات هو أمر قد حقق الأنس لروحي أنا صاحبة الحوارات نفسها التي دارت بيني وبينه وجها لوجه، واستمتعت بما قاله لي فيها على مدى حوالي عشرين عامًا هي عمر لقاءاتي معه من قبل حصوله على جائزة "نوبل" في الأدب، ومن بعد حصوله على الجائزة".


وقالت: "أكثر ما يجذبني فيما قاله لي هو ما رواه حول أنه كان يخرج في الليالي المقمرة وهو يحمل معه استعداداته لمقابلة القمر في مكان مفضل له على النيل مكشوف وهادئ، حيث يجلس على وسادة من المشمع كان قد جهزها ضمن استعداداته للقاء المتكرر بالقمر كي تحميه من رطوبة الأرض الخضراء الممتدة على شاطئ النيل".

وأضافت: "أقرأ ما حكاه لي عن ذهابه لملاقاة القمر فيتحول في وجداني إلى لوحة رومانسية لمحب يخرج لمقابلة القمر الذي يعشقه وأطلق عليه "سيد الكل" كان هذا هو التعبير الذي وصف به القمر عندما سألته عن علاقته به بعد أن كنت قد سألته عن السحاب فتحدث عنه واصفا إياه بأن تشكيلاته آية في الجمال، وعن الغروب في الإسكندرية على البحر الذي قال عنه أنه من المناظر البديعة التي "تأسرني". لاحظوا جمال استخدام لفظ الأسر هنا حيث هو أسير للجمال، كأن نبرات صوته تأتيني وهو يحكي لي أن من الأمور التي تبهجه هو أن تضم أصابعه وردة بلدي يكرر استنشاق عبيرها خلال فترة إمساكه بها. وبعد أن أستعيد ملامح أقواله الرومانسية لا بد أن تطل أفكاره العميقة التي قدمها في رواياته؛ حيث لخص نجيب محفوظ أحوال الدول في الحارة، وكثف تركيبة الدول الكبرى والحكام في (الفتوة). الفتوة الذي إما أن يعدل فيسود الأمن، أو أن يطغى ويذل أهل الحارة، فيشقوا ثم يأتيه يوم فيه هو أيضًا يشقى.

ثم أضافت: "كما أستعيد قول صاحب نوبل لي حول أنه في بداياته كان طبقًا لتعبيره "يتسول" النشر. كما أستعيد قوله لي حول معاناته في سنواته الأخيرة بسبب ظروفه الصحية التي حالت بينه وبين التواصل مع المنابع التي يحصل منها على ما يلهمه للكتابة، إلى أن اكتشف أن الحلم قد صار منبعًا للمواقف المتجددة، فاستخدم التعبير "فقفشت فيه".

واختتمت كلمتها قائلة: "لقد التقيت به في حوارات على مدى حوالي 20 عامًا، كنت أسأل فيتحملني، ويجيب فأتأمله، ثم أرحل من منزله وأنظر حولي فأرى الحياة.. أرحب. وعندما أعدت تجهيز كتابي هذا للنشر وجدت الحياة من جديد أكثر رحابة، فأتمنى أن يصل هذا الإحساس للقارئ. شكرًا".

فى نهاية اللقاء الذي أداره الكاتب الصحفى طارق الطاهر المشرف على متحف نجيب محفوظ، تجول الحضور فى أرجاء المتحف، مشيدين بمقتنياته وما يضمه من قاعات كاشفة عن تاريخ وسيرة نجيب محفوظ.