سالي فراج
افتتح مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة في دورته الـ26 فعالياته بعرض الفيلم الروائي القصير "ثريا"، الذي يسلط الضوء على واقع النساء في الصعيد المصري، حيث تُفرض عليهن قيود اجتماعية واقتصادية تجعلهن في مواجهة مستمرة مع التحديات.
يطرح الفيلم تساؤلات حول مصير المرأة في مجتمع يضعها دائمًا في موضع التضحية، إذ تركز القصة على البطلة ثريا، التي تجد نفسها مجبرة على العمل لمساعدة والدها، ولكن والدها يرفض ذلك كونها فتاة، وتواجه خيارًا قاسيًا حين يضعها القدر ليُضحى بها من أجل الحصول على الآثار ومعالجة شقيقها مما يجعلها وسيلة لإنقاذ شقيقها المريض، حيث يرى أهل القرية أن الفتاة تُعوض ولكن الولد لا يعوض!
تكشف الأحداث عن شخصية قوية، تسعى لكسر القيود التي تحاصرها، وتبحث عن دور حقيقي لها في الحياة، بعيدًا عن الأدوار النمطية المفروضة عليها.
طرح اجتماعي عميق بلغة سينمائية بصرية
يعتمد الفيلم على معالجة سينمائية تعكس التناقضات الحياتية، حيث تمتزج لحظات الفرح بالحزن، ويتجاور الموت مع الحياة، يقدم العمل صورة صادقة للمجتمع الصعيدي، لكنه لا يقتصر على توثيق الواقع، بل يتجاوزه إلى طرح تساؤلات حول الأسباب التي تدفع الأفراد لاتخاذ قرارات قاسية في ظل أوضاع معيشية صعبة.
أراد صُنّاع الفيلم حسبما قال مخرجه أحمد بدر كرام في تصريحات خاصة لإعلام دوت كوم، نقل المُشاهد إلى بيئة واقعية، فتم البحث عن موقع تصوير يعكس أجواء القرى الصعيدية، وذلك بعدما تعذر التصوير في إحدى قرى الصعيد الفعلية لأسباب إنتاجية، وتم اختيار قرية بديلة في محافظة الجيزة تتناسب مع أجواء الفيلم.
رؤية المخرج.. من رصد الواقع إلى استكشاف دوافع الشخصيات
جاء الفيلم نتاج معايشة مخرجه أحمد بدر كرام، لأحداث مشابهة له، حيث نشأ في بيئة صعيدية بمحافظة أسيوط، مما جعله شاهدًا على العديد من الظواهر الاجتماعية التي انعكست في العمل، لا يكتفي الفيلم برصد هوس الناس بالتنقيب عن الآثار، بل يتعمق في استكشاف الأسباب التي تدفعهم إلى مثل هذه القرارات، من خوف وجشع وصراع داخلي بين المبادئ والحاجة الملحّة.
يركز الفيلم على التباينات الكبيرة في الحياة الصعيدية، حيث تظهر مشاهد الجنازة جنبًا إلى جنب مع مشاهد الفرح، ويتجاور الخوف مع الشجاعة، ليعكس حقيقة الحياة بكل تناقضاتها.
بطلة الفيلم.. وجه جديد يحمل ملامح الصعيد
اختيار بطلة الفيلم جاء بناءً على ملامحها الصعيدية الحقيقية، حيث وقع الاختيار على إسراء علي، وهي وجه جديد في السينما، لكنها تمكنت من تقديم أداء طبيعي يعكس واقع الشخصية.
يعكس الفيلم واقع العديد من النساء في الصعيد، بحسب تصريحات بطلة العمل مع إعلام دوت كوم، حيث يركز على النساء اللواتي يتحملن المسئولية في صمت، ويتولين أدوارًا محورية في العائلة والمجتمع، رغم النظرة النمطية التي تحصر أهمية الرجل في كونه مصدر الدخل الأساسي.
تصوير مضغوط وتجربة مختلفة
تم تصوير الفيلم في يوم واحد فقط، حيث استغرقت العملية 24 ساعة متواصلة، وفقًا لتصريحات إسراء علي، مما شكّل تحديًا كبيرًا لصُنّاع العمل، ورغم الظروف الصعبة، استطاع الفريق تقديم تجربة سينمائية متكاملة تنقل المشاهد إلى قلب الحدث، مستعرضة تفاصيل دقيقة عن حياة البطلة ومعاناتها.
"ثريا" ليست مجرد قصة عن فتاة صعيدية، بل هو مرآة تعكس واقعًا أوسع، تتكرر فيه معاناة النساء في مجتمعات مختلفة، حيث يواجهن صراعات بين الواجبات المفروضة عليهن وأحلامهن الخاصة، وبين القيود الاجتماعية ورغبتهن في التحرر وإثبات ذواتهن.
نرشح لك: بين الحرب والحرية.. شهادات سينمائية على معاناة المهمشين بمهرجان الإسماعيلية