مسلسل "Zero day".. قرار روبرت دي نيرو المؤلم في "يوم الصفر"

أسماء مندور
يعود النجم العالمي روبرت دي نيرو في عمل فني جديد، ولكن هذه المرة عبر منصة نتفليكس في أول عمل تلفزيوني له من خلال مسلسل "Zero Day"، الذي يحمل في طياته إثارة سياسية مشحونة بالتوتر السيبراني.

المسلسل، الذي تصدر قائمة الأعلى مشاهدة على نتفلكس بعد أيام قليلة من عرضه، ليس مجرد دراما سياسية تقليدية، بل هو مرآة تعكس هشاشة الأنظمة السياسية أمام تهديدات التكنولوجيا الحديثة، حيث يجد بطل العمل نفسه أمام قرار مصيري في لحظة فارقة، تضعه بين مسؤولياته الوطنية وجراحه الشخصية.


هجوم رقمي يُشعل الفوضى

تبدأ أحداث المسلسل مع هجوم إلكتروني مُدمّر يشلّ البنية التحتية للولايات المتحدة لمدة دقيقة واحدة فقط، لكنه يخلف ما يقرب من 4 آلاف ضحية نتيجة تعطل الأنظمة الحيوية والمرافق الطبية.

هذا الحدث يُثير حالة طوارئ وطنية، ويدفع الإدارة الأمريكية إلى استدعاء الرئيس السابق جورج مولن، الذي يجسد شخصيته روبرت دي نيرو، لقيادة لجنة تحقيق استثنائية.

مولن، الذي انسحب من المشهد السياسي بعد مأساة شخصية غامضة، يضطر للعودة إلى أجواء المؤامرات والضغوط الإعلامية والسياسية، ولكن مع توغل التحقيقات، يبدأ في كشف شبكة معقدة من المصالح الخفية، تتجاوز مجرد هجوم إلكتروني، إلى صراع على السلطة يهدد استقرار الدولة نفسها.

دي نيرو في مواجهة القرار الأصعب

يُقدم روبرت دي نيرو واحدًا من أعمق أدواره الدرامية، حيث يجسد شخصية مُتخيلة عن رئيس سابق تتجاذبه الصراعات بين الماضي والحاضر، ربما محاولًا إيصال رسالة مفادها أنه ليس بطلاً خارقًا، بل زعيم مُثقل بالندوب، يحمل على عاتقه مسؤولية إنقاذ وطنه بينما يُصارع أشباح ماضيه وقراراته السابقة.

أداء دي نيرو يُبرز ببراعة ضعف مولن الإنساني، خاصةً مع تلميحات حول مشاكله الصحية وتوتر علاقته بابنته، التي تعارض رؤيته السياسية، وهي كلها عوامل تُضيف بُعدًا نفسيًا معقدًا إلى الشخصية، وتجعل قراراته في "يوم الصفر" أكثر إيلامًا وتأثيرًا.

المسلسل الذي يثير الاهتمام للقضايا المتشابكة التي يتناولها، يبرز كذلك بصفته أول عمل تلفزيوني لروبرت دي نيرو، والذي قال عنه في تصريحات إعلامية حول إمكانية تكرار التجربة مرة أخرى: "لا أعلم، إنه عمل شاق، الأمر أشبه بتصوير ثلاثة أفلام متتالية".

إسقاطات سياسية عميقة

لا يكتفي "Zero Day" بكونه مسلسلًا تشويقيًا، بل يتعمق في تحليل المشهد السياسي الأمريكي والعالمي من خلال تسليط الضوء على تهديدات الأمن السيبراني وكيف أصبحت الهجمات الرقمية أخطر من الحروب التقليدية.

أيضًا الصراع بين الأجيال في السياسة، حيث يُواجه القادة المخضرمون تحديات من جيل جديد أكثر تمرّسًا في التكنولوجيا والإعلام، فضلًا عن تأثير الأخبار الزائفة والمنصات الرقمية في توجيه الرأي العام والتلاعب بالحقيقة.

هذه القضايا تجعل العمل ليس مجرد دراما، بل قراءة نقدية لعالم السياسة الحديثة، حيث تتداخل المصالح الإعلامية والتكنولوجية مع قرارات الحكومات.

واقعية سينمائية

يتميز "Zero Day" كذلك بأسلوب إخراجي يُحاكي أفلام الجاسوسية والتشويق السياسي، مع مشاهد تُبرز أجواء التوتر والانقسامات داخل البيت الأبيض، وهو ما عززه استعانة الإنتاج بمستشارين سياسيين لضمان دقة تفاصيل الحوارات والإجراءات الحكومية، مما أضفى على العمل طابعًا وثائقيًا مقنعًا.

ورغم الإشادة بأداء روبرت دي نيرو والطرح الجريء، إلا أن المسلسل تلقى آراء نقدية متباينة، حيث اعتبر البعض أن القصة تُعاني من تشعبات معقدة قد تُضعف إيقاع السرد، في حين رأى آخرون أنه عمل سياسي جريء يستحق المشاهدة.

اختبار ذكاء المشاهد

ما يميز العمل كذلك أنه دراما سياسية مكثفة، حيث يضع المشاهد أمام سؤال محوري مضمونه "كيف يمكن للعالم أن يواجه حروب المستقبل، عندما يكون العدو غير مرئي؟"، وبقيادة أداء روبرت دي نيرو الاستثنائي، يُصبح قرار "يوم الصفر" لحظة فارقة، ليس فقط في مسيرة الشخصية، بل في تجربة المشاهد أيضًا.