عبدالرحمن جاسم يكتب: "أثينا".. ريهام حجاج تحمل مفتاح السرّ

يحظى مسلسل أثينا" كتابة محمد ناير وإخراج يحيى إسماعيل" بالعديد من نقاط القوّة الخاصة، بدايةً مع قصة مؤثرة خصوصاً لناحية الإضاءة على تأثير السوشيال ميديا والذكاء الإصطناعي وألعاب الفيديوعلى الجيل الأصغر سناً، أو كما يسمى بالجيل "زي".

قبل سنوات انتشرت لعبةٌ على التليفونات المحمولة اسمها "مريم"، تقوم قصّة هذه اللعبة "القذرة" على أن تظهر فتاةٌ تدعى "مريم" للاعبين شكلها مرعب ومخيف خلال استعمالهم للهاتف بقصد إرعابها وإخافتهم. عرفتُ عن اللعبة من خلال قريبتي الطفلة سامية، التي كانت في الثامنة من عمرها، وأخبرتني أنها لا تنام في الليل خوفاً من "مريم" التي اعتقدت أنّها ستخرج لها من الهاتف. يومها لم أكن بعد قد عرفت بأنَّ الأطفال -الذين أصبحوا شباناً الآن- يعرفون "التعامل" مع السوشيال ميديا، ويلعبون على الهواتف، بعدما كنت أعتقد أن أكثر ما يعرفونه هو "ماشا والدب" و"كاندي كراش" ومثيلاتها.

في المسلسل تظهر "أثينا" بمثابة حسابٍ تفاعليٍ يتعامل مع أبطال العمل الشبان والشابات بغرض "دفعهم للإنتحار". طبعاً الحساب هذا لايتضح هويته، لكنه يعرف كيف يتحدّث مع هذا الجيل بطريقةٍ يفهمونها ويقاربونها، ففي مشاهد الحلقة الأولى نجد مي" جنا الأشقر" الشقيقة الصغيرة لبطلة العمل نادين "ريهام حجاج" تحاول الإنتحار برمي نفسها من شباك غرفتها. تسقط الفتاة الشابة التي لم تتخطَّ العشرين من عمرها لكنها لا تموت بل ينكسر عامودها الفقري وتقع فريسة للغيبوبة، مما يجعل شقيقتها الصحافية البارزة في مجال التحقيقات الاستقصائية راغبةً في معرفة ما يحدث. لاحقاً تبدأ أحداث كثيرة بالحدوث خصوصاً حينما تعلم أنَّ شقيقتها كانت ضمن مجموعة جامعية سافرت إلى مدينة أثينا في السابق، مطلقين على أنفسهم حال عودتهم، "مجموعة أثينا". لاحقاً يتعقّد الموضوع أكثر وأكثر حينما تعرف بأنه كان هناك أيضاً مشروع جامعي حيث تدرس شقيقتها يدعى "مشروع أثينا"، مرتبط بالذكاء الاصطناعي والمراقبة ومعرفة الأسرار والقياس. بعد هذا التشابك الكبير، يمرر المخرج يحيى إسماعيل مشاهد عبر الفلاش باك لمي وأصدقائها ونفهم علاقتها بالحساب المسمّى "أثينا" والذي يتواصل معها من خلال الجملة المكتوبة على "تتر" المسلسل وعنوانه "ممكن نبقى صحاب"، وهي استعارة من لعبة "بوبي" الطفولية المرعبة على أجهزة المحمول والحاسوب. جملة "ممكن نبقى صحاب" التي لا يستطيع من يتحدّث معهم أثينا رفضها، ذلك أنَّ الحساب -والذي يتحدّث بلغة ذكورية- يرسل لضحاياه فيديوهات ومقاطع صوتية من "حسابات" زملاء لهم يتحدثون فيها عنهم. هذا الأمر -أي لعبة السر- تجعل ضحاياه راغبين أكثر في معرفة كيفية حصوله على هذه الفيديوهات من جهة، كما الرغبة "التلصصية" المعروفة في معرفة "السر" أكثر وأكثر. هنا يبدأ "أثينا" في اصطياد ضحاياه وتبدأ القصّة في التعقّد أكثر وأكثر.

أدائياً تظهر ريهام حجاج أداءاً متطوراً عن معتادها، فلا تتكئ على جمالها وهذا أمرٌ يحسب لها، بل تحاول أن تتكل على مهاراتها في التمثيل. يخدم المسلسل كذلك وجود عدد كبير من الوجوه الشابة التي يمكن دائماً الحديث عن أن الدراما المصرية ولّادة خصوصاً مع شبان وشابات يمتلكون الموهوبة الكبيرة والتي بالتأكيد سيراكم عليها خلال السنوات القادمة مثل جنا الأشقر، جيدا منصور، ميران عبدالوارث، علي السبع وسواهم. نفس الخدمة يؤديها مجموعة من الممثلين القديرين أصحاب الخبرة فنجد القديرة سوسن بدر والتي تعطي توازناً لأي عمل أو دور تحضر به، كذلك سلوى محمد علي الماهرة والتي لو ظهرت على الشاشة لثوانٍ فهذا يكفيها كي تسرق الحضور من سواها. كذلك تجدر الإشارة إلى إداء الموهوب أحمد مجدي الذي يمتلك مهارات عالية كمؤدٍ وإن لم يستغلها حتى اللحظة كما يجب. بدوره أتى حضور محمود قابيل -رغم قلّته- جميلاً ويحملاً بعداً نوستالجياً جميلاً فـ "يوسف ناصف" أحد أهم أبطال مسلسل "هوانم جاردن سيتي"(تأليف منى نور الدين، إخراج أحمد صقر، 1997) لايزال يحتل القلوب على الرغم من عرض المسلسل قبل سنواتٍ طوال.

نرشح لك: عبد الرحمن جاسم يكتب: عن أسامة أنور عكاشة.. المعلّم الذي وضع "مسطرة القياس"