سالي فراج
في الساعات الأخيرة، اجتاح هاشتاج "#إغلاق_قناة_الحرة" مواقع التواصل الاجتماعي، متصدرًا محركات البحث، مع تزايد القلق حول مصير القناة والمنصات الإعلامية التابعة لها.
ويأتي ذلك بعد توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على أوامر تنفيذية تهدف إلى وقف تمويل بعض الوكالات الإعلامية الموجهة للخارج، وعلى رأسها شبكة الشرق الأوسط للبث (MBN)، التي تدير قناة "الحرة".
وعلى الرغم من أن القناة لم تُغلق رسميًا حتى الآن، إلا أن قرارات ترامب الأخيرة تهدد بإنهاء مسيرتها التي امتدت لأكثر من 20 عامًا، وسط انتقادات واسعة واتهامات بأن القرار قد يضعف الدور الإعلامي الأمريكي في العالم العربي.
كيف بدأت الأزمة؟
تعود جذور الأزمة إلى توقيع ترامب يوم 14 مارس أمرًا تنفيذيًا يستهدف تقليص حجم البيروقراطية الفيدرالية، عبر خفض أو إلغاء تمويل سبع وكالات حكومية، من بينها الوكالة الأمريكية للإعلام العالمي (USAGM)، التي تُشرف على عدد من المؤسسات الإعلامية الدولية، مثل "راديو أوروبا الحرة/راديو ليبرتي" (RFE/RL)، و"صوت أمريكا" (VOA)، و"راديو آسيا الحرة"، و"راديو مارتِي"، وصندوق التكنولوجيا المفتوحة (OTF)، إضافة إلى شبكة الشرق الأوسط للبث (MBN)، المسؤولة عن قناة "الحرة".
وطالب الأمر التنفيذي رؤساء هذه الوكالات بتقديم تقارير خلال سبعة أيام إلى مكتب الإدارة والموازنة، تؤكد التزامهم بتنفيذ القرار، وتوضيح الوظائف أو المهام التي تُلزم القوانين الفيدرالية باستمرارها.
وسرعان ما بدأت التداعيات الفعلية للقرار التنفيذي بالظهور. ففي 15 مارس، تلقى موظفو "صوت أمريكا" إشعارات بوضعهم في إجازة إدارية مدفوعة الأجر، لكنهم مُطالبون بالعمل إذا طُلب منهم ذلك.
كما أفادت تقارير بأن مئات المراسلين والموظفين في مؤسسات إعلامية أخرى مثل "راديو أوروبا الحرة" و"راديو آسيا الحرة" تلقوا رسائل إلكترونية تفيد بمنعهم من دخول مكاتبهم، وإلزامهم بتسليم بطاقات اعتمادهم الصحفية وهواتفهم وأجهزة العمل، ما أثار حالة من الغموض والارتباك حول مستقبلهم المهني.
اعتراضات وانتقادات حادة
قرار إيقاف تمويل الإعلام الأمريكي الدولي قُوبل بموجة انتقادات واسعة، سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها.
وقال ستيفن كابوس، الرئيس التنفيذي لراديو أوروبا الحرة، إن إلغاء التمويل يعد "هدية كبرى لأعداء أمريكا"، محذرًا من أن هذا القرار سيُضعف الدور الإعلامي الأمريكي في مواجهة الأنظمة الاستبدادية.
أما لجنة حماية الصحفيين (CPJ)، فقد وصفت القرار بأنه "كارثي"، ودعت الكونغرس الأمريكي إلى التدخل فورًا لمنع "تقويض الصحافة المستقلة التي تحارب الروايات المضللة للأنظمة الاستبدادية حول العالم".
مصير قناة "الحرة"
في ظل هذا التصعيد، أصدر جيف غيدمان، الرئيس التنفيذي لشبكة الشرق الأوسط للبث (MBN)، رسالة داخلية إلى موظفي الشبكة، يعرب فيها عن خيبة أمله العميقة بعد تلقيه إخطارًا رسميًا بإنهاء اتفاقية تمويل قناة "الحرة" بأثر فوري.
وأوضح غيدمان أن هذا القرار جاء رغم موافقة الكونغرس على تمويل الشبكة حتى نهاية السنة المالية، مما أثار تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء وقف التمويل بشكل مفاجئ.
وأضاف: "نحن في MBN نخدم دافعي الضرائب الأمريكيين، ونواجه أعداء أمريكا عبر توفير معلومات دقيقة ومستقلة. شبكتنا تُعد شوكة في خاصرة الأنظمة المتطرفة، وكذلك الأنظمة المعادية لأمريكا".
وشدد على أن MBN تعتبر "المنصة الإخبارية الأمريكية الوحيدة الناطقة بالعربية"، مؤكدًا أن تكاليف تشغيلها "أقل من طائرتي أباتشي، لكن تأثيرها الإعلامي والدبلوماسي لا يُقدر بثمن".
هل هناك أمل في إنقاذ "الحرة"؟
رغم الموقف الصعب الذي تواجهه قناة "الحرة"، لا يزال هناك أمل ضئيل في إنقاذها، خصوصًا إذا تدخل الكونغرس الأمريكي لإعادة تمويل الشبكة، أو في حال تراجع إدارة ترامب عن قرارها بعد الضغوط المتزايدة من المؤسسات الإعلامية والحقوقية.
فقد أكد غيدمان في رسالته أن شبكة MBN "لن تستسلم"، وأنها ستواصل الدفاع عن وجودها، قائلاً: "نعمل في منطقة تضخ فيها الأنظمة المعادية لأمريكا مئات الملايين من الدولارات في الدعاية المضللة. الاستسلام ليس خيارًا".
أما إذا تم تنفيذ القرار بشكل نهائي، فسيكون مصير قناة "الحرة" هو الإغلاق النهائي إن لم تصمد في وجه أزمة التمويل، ووفقًا لآراء معارضين القرار فكل ذلك قد يفتح المجال لوسائل إعلام منافسة، مثل القنوات المدعومة من روسيا والصين، لملء الفراغ الإعلامي.