مصطفى شهيب يكتب: حد شاف "جودر"؟

سؤال المقال هو سؤالي لمن أقابله في قعدات القهوة وتجمعات العائلة ولقاءات الغرباء، والأجابة مشتركة، ابتسامة واسعة تليها كلمات المدح والثناء ثم مزيداً من جمل الأطراء على موهبة ياسر جلال الاستثنائية.

إذن لماذا لا أرى هذا الزخم والتشابك مع المسلسل وأحداثه بالقدر الكافي على السوشيال ميديا توازياً مع الواقع؟

والإجابة أن بطل العمل موضة قديمة، قرر أن يعتمد على النجاح الجمهاهيري في الشارع مكتفياً بنسب المشاهدة الحقيقية دون دفع حملات ممولة بأرقام خيالية لأصحاب الصفحات والمواقع للترويج عن المسلسل واعلانه المسلسل الأكثر مشاهدة، الأكثر بحثاً، الأكثر رواجاً، وبطله بالطبع رقم واحد في السباق الرمضاني ومسلسله هو مسلسل الشارع.

ياسر جلال نجم حقيقي، مؤمن بالأفكار الكلاسيكية التي تقول أن النجاح مثل الشمس لايمكن أن تخفيها عن أحد، وهو يلمس نجاحه بنفسه دون اللجوء لطريقة "التريند الحرام" لكي يشعر بنجاحه، هو نجم لا يهتم أصلاً بالسوشيال ميديا لدرجة أنه أعلن مؤخراً فقط عن صفحة رسمية له بعد كل تلك السنوات التي حملت صفحات مجهولة اسمه وسببت له في العديد من الأزمات دون أن يكون طرف حقيقي فيها.

تلك المقدمة كانت ضرورية للحديث عن نجم مسلسل "جودر" لكي نفهم لماذا لا ترى أحداث المسلسل على التايم لاين وترى أسماء مسلسلات اخرى – بعينها - طوال الوقت.

مسلسل "جودر" مؤلفه أنور عبد المغيث ومخرجه إسلام خيري وبطولة نور وياسمين رئيس وتارا عماد وغيرهم من النجوم يستحق أن ينال وسام الاستحقاق والتميز كأفضل عمل رمضاني هذا العام، لا أستطيع أن أشرح أحداثه لأنها أعمق من أن تحكى، ولا أستطيع أن أعد مزاياه لأنني قد أظلمه وأنسى عنصر، ولكن يكفي أن أقول النص والاخراج والمؤثرات البصرية والجرافيكس وأماكن التصوير والموسيقى التصويرية وأداء الممثلين كلها خرجت كاملة مكتملة بأبهى صورة وكان كل مشهد بمثابة لوحة فنية مدهشة.

والتفاف الجمهور حول المسلسل كان لتميزه الشديد، فهو مختلف عن أي شئ وكل شئ ، افتقد المشاهدين الأختلاف بعدما تشابهت عليه المسلسلات، وكانت خصوصية هذا العمل كفيله ان تخطف قلبه دون مجهود.

وقد قرأت تصريحاً للمؤلف قال فيها أنه عانى كثيراً لخروج العمل الى النور بعد أن ظل ورقه حبيس الأدراج لسنوات، بالطبع كان الموضوع يحتاج لفنان مغامر يؤمن بالمغامرة لكي يمد يده ويعبر بالعمل لبر الأمان ويحوله من ورق لصورة مدهشة، هذا الفنان الجرئ الذي لا يحب الاستسهال، كانت بداية ياسر جلال قوية جداً في مسلسلات " ظل الرئيس و"رحيم" وتربع وقتها على قمة مسلسلات الأكشن والأثارة ثم أنتقل بمرونة للدراما الشعبية في "الفتوة" وفي عز نجاحه يقرر أن يخوض تجربة درامية خاصة وهي "الاختيار 3" ومن بعدها مسلسل رومانسي اجتماعي وهو "علاقة مشروعة" وأخيراً الفنتازيا الاجتماعية "جودر".

عندما تتصفح أعمال هذا الفنان تكتشف أنه فنان "ملوش مسكه"، فنان مخادع.. يخدعك بنجاحه المذهل وتظن أنه سيتخصص ويركب - بلغة السوق- على هذا النوع الدرامي ولكنه فجأة يأخذ اتجاه مختلف أخر تماما، يخالف ياسر جلال أعراف السوق الذي يقول أن من ينجح في شئ يظل يكرره ويكرره لأن الكارت الذي تلعب به تكسب به، و يقرر أن يخرج من منطقة الراحة لمنطقة العذاب في التحديات الدرامية المختلفة لأنه يعرف أن منطقة الراحة هي فخ كبير حرق الكثير من الفنانين الذين استهلكو أنفسهم في نفس النوع من الدراما حتى لفظهم الجمهور وأنسحقت شعبيتهم مع الوقت، يؤمن ياسر جلال بأن الفنان ليس عليه أن يجاري الموضة بل عليه أن يصنع هو نفسه الموضه، يؤمن بأن الفنان عليه أن يغير من جلده قبل أن يطلب الجمهور ذلك منه وهو ما جعله يسير بخطوات ثابتة نحو نجومية لا تفقد بريقها، أعتقد أن ياسر جلال ليس فقط ممثل، هو حالة فنية لما يجب عليه أن يكون الفنان ومثال لكل الفنانين الشباب الذين يبدأون مسيرتهم ليرو كيف يصنع الفنان تاريخا من الأعمال المختلفة دون أن يحبس نفسه فى سجن الاستسهال والتكرار وكسر حاجز الخوف من التجربة.

وأختم كلامي بنفس السؤال.. حد شاف جودر ؟ وانتظر الإجابات التي ستصلني هنا أيضاً في هذا العالم الافتراضي.