ست سنوات فقط عاشها الطفل اليمني فريد شوقي الذماري من المهد إلى اللحد ومن بين الدروس القليلة التي تعلمها خلال عمره القصير أن من يموت يدفن ويهال عليه التراب. لم يشفع له تشبثه بالحياة ولا أنينه الذي لا يكاد يسمع بوضوح وهو يتوسل للطاقم الطبي المشرف على علاجه قائلاً باللهجة المحلية والدموع تغمر وجهه: “لا تقبروناش”، أي لا تدفنوني.
ظهر فريد في مقطع فيديو حظي بمشاركة واسعة على صفحات اليمنيين على شبكات التواصل منذ الاثنين 13 أكتوبر الجاري وشاهده أكثر من 70 ألف شخص على موقع فيسبوك وحده. وذكرت تقارير صحفية أنه أصيب بشظايا في رأسه وأماكن متفرقة من جسده النحيل بالإضافة إلى نزيف داخلي إثر قصف منزله في تعز الأسبوع الماضي من قبل قوات الحوثي وعلي عبد الله صالح بينما كان يلعب مع 5 أطفال آخرين على الأقل بجوار المنزل.
باسم كل طفل عربي توسل الطفل اليمني الشهيد لهم أن لا يدفنوه فلم يعش بعد إلا القليل، ومتأثرا بإصابته راح في غيبوبة لأكثر من يومين انضم بعدها فريد اليمن إلى إيلان الشام داخل القبور التي ربما تكون أكثر رحمة ورفقا بهما من قلوب المتصارعين على السلطة في بعض دول المنطقة.
ونقلت بي بي سي عن المصور الذي نشر المقطع، ويدعى احمد الباشا إنه كان يسير في الشارع بينما سمع صوت إطلاق قذيفة فتوقف في مكانه ليرى أين ستستقر وأصابت القذيفة منزلاً بينما كان الأطفال يلعبونه خارجه فحملهم شبان بالمنطقة على دراجات نارية لأقرب مستشفى ولحق بهم المصور ولاحظ أنه بين الأطفال الخمس كانت إصابة فريد هي الأسوأ فقد فقد الوعي عدة مرات وعلق الباشا على الأمر قائلاً: “تأثرت كثيرا بما رأيت فسارعت بنشر المقطع على فيسبوك. ولكنه لم ينتشر بهذا الشكل الواسع في البداية، شىء مؤسف أن الناس لم تهتم بالأمر بينما كان على قيد الحياة، وأضاف الباشا: “كلمات فريد ستبقى معي…”.
بعض المواقع الأوربية ضمنت الخبر تحذيرًا من أنه يحتوي صورًا مأساوية وفاجعة، وربما كان موت فريد قد جعل القصة الإخبارية أكثر صعوبة وثقلا على قلوب القراء، ولكن كلماته الأخيرة كانت معبرة عن لسان حال الآلاف الذين شاهدوا الفيديو، لقد لخص فريد كل شيء في عبارة وجيزة مناشدا كافة الأطراف المعنية إيجاد طريقة ما لإنهاء الصراع خاصة مع التكلفة البشرية الباهظة فقد قتلت الحرب في اليمن نحو 2300 مدنيا بينهم 500 طفلا على الأقل.
يذكر أن هناك مشاعر كراهية قوية ضد الحوثي في تعز، والعديدون من المدينة نشروا على شبكة الإنترنت أنهم يؤيدون التحالف الذي تقوده السعودية والذي يهدف إلى هزيمة الحوثي وحلفائه ولكن الحديث عن موت هذا الصبي الصغير يبدو أنه قد تجاوز الانقسامات. وكتب كثيرون على صفحاتهم بمواقع التواصل: “الحرب يجب أن تنتهي، وآخرون أكدوا أن الأطفال يقعون ضحايا ولا شأن لهم بالسياسة، وكتب شاب يمني على فيسبوك:
“إلى طفلي الذي لم أرزق به بعد، سوف تشكرني لأني لم أنجبك فهذا البلد لن يكون مكانا جيدا أو آمنا لك ، ثق بي أنا لست قويا كما كانت جدتك وجميع قصص قبل النوم التي أعرفها تحكي عن الحرب والموت وأشخاص مخبولين ووطن ضاع من أيدينا” .