هل فرحت لعودة سعودي مذيعة راديو هيتس بعد أن أعادها السيسي لموقعها؟
إذا كنت واحدا من المبتهجين فأنا لم أبتهج لكن كي تخرج من طابور المبتهجين مثلي فعليك أن تعود بالصورة 24 ساعة، وتعيد قراءة خطوطها؛ فالمذيعة اقتنصت ثوان عبرت فيها عن ألمها من تبرئة لص المستقبل مبارك وحاشيته، وجاء القرار صارمًا وعاجلًا بإيقافها عن العمل.
وبعد اهتمام السوشيال ميديا، تحول الحدث إلى قضية رأي عام، بعد أن وضع إلى جانب أحداث أخرى؛ كحديث النزيل مبارك إلى الفضائيات بالمخالفة للقانون، وتوقيف وقتل المعترضين على براءته من المتظاهرين، كحزمة تصرفات دالة على عودة الدولة الأمنية.
وإزاء الضغط الشعبي، وبوادر تفكك حلف ثلاثين يونيو، واتهام نظام السيسي بأنه امتداد لمبارك، سارع الرجل للتنصل من أنصار مبارك، ومن ينتسبون إليه من السبابين والبلطجية في الوسط الرياضي، وأعاد المذيعة للعمل بقرار منه، ووعد بسن تشريع يعاقب من يسئ ليناير.
تحركات السيسي قوبلت باستحسان لدى بعض الأصوات الغاضبة، وبالطبع التصفيق (الجيني) لمن تورطوا في تلويث يناير “كعاري المؤخرة الإعلامية” أحمد موسي.
لكن بين نوبة الارتياح والطبل تبرز حقائق، أن قرار إيقاف سعودي جاء فرديا ودون تحقيق، بتهمة تبدو في جوهرها الحقيقي مخالفة توجهات السلطة، وهو أمر يبدو ملتصقا بماسبيرو ولم يتخلص منه منذ خمسين عاما، وعززته أمثلة عديدة كتورط مراسل التلفزيون المصري في السويس في الكذب، ونقل ما يخالف الحقيقة، وسط الناس بقوله إن الأهالي استقبلوا الحكم على مبارك بالترحاب، ما تسبب في سبه على الشاشة من محيطين به.
ويعيدنا الأمر إلى ما قيل عن إلغاء وزارة الأعلام واسناد مهمة التنسيق الإعلامي لمجلس مهني، على ما بشر به الدستور، فيكتشف المصريون أن الوضع كما هو، سلطة تتحكم في الإعلام الرسمي، مع تغيير المسميات.
سواء رحل صفوت الشريف أو جاء أسامة هيكل ذهب المناوي وجاء مكي، مشى الوزير أو جاء (الأمير)، القبلة واحدة.
ومثلما كان قرار الإيقاف تسلطيا، عكس قرار الإعادة لسعودي نهجا تسلطيا هو الآخر، فالأمر مرتبط برغبة رئيس، شاءت الصدفة أن يرى واحدا من الرعية يتعرض لقمع مفضوح، فتدخل “كأخ أكبر” لإزالة القمع.
وهو تصرف يذكرنا بتدخل مبارك لإبعاد التنكيل عن طالبة تعرضت للرسول لأنها هاجمته في موضوع تعبير بالدقهلية قبل الثورة.
يتدخل الأخ الأكبر ويغيب منهج حرية التعبير، أو المحاسبة والعقوبة المؤسسية، التي تستند إلى تحقيق، قد يبرئها ويعيد لها الاعتبار.
لهذا لم أبتهج كثيرا لطريقة عودة سعودي، وإن كان المشهد في مجمله يحمل شيئا من الإيجابية، منبعها أن مصر لم تعقم الغضب ضد الظلم بعد.