أن يولد أو يصاب الشخص بالعمى فهذا ليس إزعاجاً على الإطلاق ولكنه قدر أو نوعاً من أنواع الإختلافات بين البشر بإرادة الخالق سبحانه وتعالى ويسهل التعايش مع هذا الإختلاف بأي شكل كان وبأي طريقة ووسيلة من الوسائل أي ما كانت ولكن الإزعاج الحقيقي أو المؤسف حقاً هو تعامل وتعاطي قوانين الدولة وتشريعاتها مع الإختلافات بين البشر برؤية تفتقد لأبسط معايير إحترام الآدمية وصون كرامة الأشخاص وإن كنا نعتقد حقاً بأننا نعيش في دولة تكفل كل هذا كما يشاع فإني مضطراً آسفاً أن أضع أمامك يا من تقول هذا الكلام العاري تماماً عن الصحة أمام حقيقتي المره وهي أنني شخصاً كفيفاً ولا أعتبر هذا عيباً في أو شيء يدعوني للخجل أو الإنكسار ولكن ما كسرني وأحسسني بالعجز والضعف وقلة الحيلة هو أني أمام قوانين وتشريعات جائرة على حقي وظالمة لي لكوني فقط مجرد شخص لديه إختلاف يسمى فقد البصر أو بمعنى واضح أعمى نعم أعمى فتراني القوانين والتشريعات أني إنساناً لا يستحق أن يعطى صفة إنسان وإليك القصة من البداية وسأترك الحكم لكم إن كنت إنساناً حقا له إحترامه وصون لكرامته التي تهدرها قوانين وتشريعات إنتهت صلاحيتها من عقود.
أضطرتني الظروف أن أسعى لعمل حساب بنكي وكنت أعلم من فترة وبالأحرى سعيت من مدة ليست بالطويلة أني أحاول أن يكون لي حساب بنكي ولكن ليس كما ألحت علي ظروف هذه الأيام حينما سعيت لهذا طرقت أبواب خمس بنوك منها ما هو مصري ومنها ما هو أجنبي ولكن يعمل على أرض مصر بشروط البنك المركزي المصري هذه المرة طرقت أبواب 15 بنكا وكانت الإجابة محزنة وجاحفة وظالمة جداً وهي أنه ليس من حقي عمل حساب بنكي إلا بشرط وهو أن يعين لي وصي على تصرفاتي وولي أمر قضائي يكون مسؤولا بشكل مباشر عن كل ما أريده في حياتي وليس فقط التعاملات البنكية مع أنني أعلم مسبقاً أن نظرة القوانين المصرية لي هي أني شخص فاقد للأهلية بالكامل وما هو السبب لفقداني أهليتي ببساطة كوني أعمى وليس هذا مزاح أو نوعاً من أنواع الطرفة التي من الممكن أن أسخر بها أو تكون مساراً للضحك هذا هو الواقع نعود للموضوع كانت مفاجأة مليئة بالمرارة والقسوة يومين كاملين أحاول أن أجد بنك يوافق على أني أقوم بعمل حساب بنكي ولكن المؤسف لم أجد 15 بنكا رفضوا رفضا قاطعاً مع بداية رحلة بحثي نشرت تلك الأزمة على حسابي على شبكات التواصل الإجتماعي وكانت الإندهاشة بتعليق من شخص قانوني بنص مادة من قانون 39 لسنة 52 وهي تنص على “إذا كان لشخص أعمى أو أصم أو أصم أبكم أو اعمى أصم أو اعمى أبكم وتعذر عليه بسبب ذلك التعبير عن إرادته جاز للمحكمة أن تعين له مساعداً قضائيا يعاونه في التصرفات المنصوص عليها في المادة 39 ويجوز لها ذلك أيضا إذا كان يخشى من انفراد الشخص بمباشرة التصرفات في ماله بسبب عجز جسمانى شديد)” النص بالطبع واضح وصريح ولا يحتاج لأي إيضاح ولكن تعليمات البنك المركزي كانت كالآتي “لا يجوز عمل أي حساب بنكي أو إجراء أية معاملات بنكية من أي نوع لأي شخص كفيف إلا بعد تعيين شخص مسؤول له عن تصرفاته (وصي) ويكون هذا الشخص مرافق للكفيف في أي عملية بنكية من أي نوع مهما كان لأن الكفيف شخص غير مسؤول عن تصرفاته وغير قادر على الإدراك ومعرفة كيف يتصرف في أمواله بأي شكل” وهنا يجدر الإشارة إلى أن تعليمات البنك المركزي ليست تعليمات مكتوبة ولكنها شفهية وليس لها أي سند قانوني غير تلك المادة المنصوص عليها والمشار لها أعلاه.
عدد البنوك العاملة في مصر 27 بنكا وكلها تخضع لقواعد وإجراءات حددها البنك المركزي المصري ولا يمكن الخروج عنها أو حتى تغييرها لأن الواقع يقول أن هذه هي نظرة كل القوانين والتشريعات للكفيف وليس المعاملات والإجراءات البنكية فقط.
شخص عاقل بالغ راشد ويتحول إلى شخص فاقد للأهلية وغير مسؤول عن تصرفاته لمجرد أنه أعمى شخص قادر على أن يتمتع بإستقلالية في حياته يفاجأ بأنه يجب أن يكون عليه وصي رقيباً على تصرفاته وليس له الحق في تقرير أي شيء يخصه لمجرد إختلاف بسيط يسمى فقد البصر.
أعاقب على شيء ليس لدي فيه أي ذنب وأعاقب على أني شخص أريد أن تكون لي حياة مستقلة أسوة بالآخرين وكل هذا لأني أعمى نعم كل هذا لأن كل جريمتي في الحياة أني أعمى حينما يتحول العمى إلى نظرة قميئة جدا وهي أني شخص سفيه وأبله ويجب أن يحجر على حقي الطبيعي بالعيش بكرامة وإحترام كينونتي أني إنساناً له إختلاف ويجب تهيئة كل الظروف المحيطة بي لتكون ملائمة لأتعامل معها بمنتهى اليسر والإستقلالية.
ليست المفاجأة فقط في هذا كله هنالك مفاجأة أخرى وهي ليس من حقي التقاضي وأن أقدم طلب للمحكمة لتعيين وصي لأحد أقاربي من الدرجة الأولى ولكن المفترض أن يقدم هذا الطلب ولي أمري ولست أنا بشخصي وصفتي لأني أفتقد للأهلية القانونية بالكامل فأعامل معاملة الطفل الرضيع بل أسوأ بكثير.
أليس القتل الرحيم كما تقتل الكلاب والقطط أكرم وأشرف لي أليس تمني الموت أو الهجرة أيهما أقرب أكثر صوناً لكرامتي كإنسان أردت أن أحيى في بلدي حياة كريمة!؟
وإذا أردتم أن تحلوا هذه الأزمة فحلها بسيط وسهل جداً ومعترف به عالمياً بسهولة عمل لجنة ثلاثية من موظفي البنك خلال مدة تواجدي بالبنك وتكون مسؤولة عن عمل جميع الإجراءات التي أريد أن أفعلها ويوقع أعضائها بشهادتهم عن ما تم بالتاريخ والساعة والدقيقة.
لست شخصاً ضعيفاً أو عاجزاً كما تراني قوانينكم وتشريعاتكم لست شخصاً قليل الحيلة أو سيئ التصرف كما تصفونني لست سفيهاً يا سادة ولكن كل جريمتي أني ولدت أعمى في بلد لا أستحق فيها الحياة لمجرد أني لدي إختلاف عن السائد فيها.
كتبت هذه السطور وأنا يعتصرني وجع وألم ومرارة على نفسي وكوني أعمى كتبت هذه السطور حتى أخفف عن ما بي من كره لذاتي على الرغم أني موقن أن كوني أعمى ليس شيء من إختياري ولكنها جريمتي الكبرى التي أعاقب عليها ولست متوسماً أي شيء على الإطلاق سوى أني أموت أو أهاجر أيهما أقرب.