حماقة كنا في غنى عنها ..
قبول مصر للتصويت الجماعي للدول المرشحة لعضوية لجنة الاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي التابعة للأمم المتحدة، وكان من بينها دول عربية امتنعت عن التصويت للكيان الصهيوني.. هو حماقة منقطعة النظير، مصر كانت مقاطعة للتصويت ثم جاء إليها مندوب قطر والدول المرشحة و هذا الكلام بحسب مصادر دبلوماسية مصرية _ قد يكون الغرض منه تبييض الوجوه _ بإلحاح في أن تصوت مصر للدول العربية “الامارات_ قطر_ سلطنة عمان_ و الكيان الصهيوني” و دولة خامسة… و بحسب المصادر طلبت مصر أن يكون التصويت فردياً لكل دولة منفردة، لكن هذا الأمر رفضته الولايات المتحدة، و أصرت أن يكون التصويت جماعياً وهو ما أدى لتصويت مصر للدول المرشحة و معها “الكيان الصهيوني”.
أولاً: لم تكن مصر مجبرة على المجازفة بوضع نفسها في مرمى سهام النقد و المزايدة بعملية التصويت هذه حتى لو من باب المجاملة للدول العربية المرشحة والذي يقتضي الأمر معها أن تقف مصر بجانبها، لكن وجود اسم الكيان الصهيوني كان كافياً لتمتنع مصر عن التصويت، ويتفهم الأشقاء ولا يترصد المغرضون.
ثانياً: حتى و إن كانت مصر لم تصوت، بطبيعة الحال العضوية محسومة لبني صهيون بحكم الانحياز الأمريكي _الأوروبي، ناهيك أنهم وقفوا ضد ترشح مصر في الأمم المتحدة، إلى جانب قطر التي لم تصوت لمصر ومعها تركيا وإيران ودولاً أخرى..
ثالثاً: أن تخرج بعض مصادرنا الدبلوماسية وتلقي بالمسئولية على مندوب قطر والدول المرشحة، الذين ألحوا في تصويت مصر حفاظاً على مصالحهم.. فإنه أمر غير مقبول ويسئ لها…
رابعاً: من المفترض أن يتم توضيح الأمر منعاً للالتباس من قبل النظام المصري الذي يدعي مناصريه أنه وقف ضد المشروعات الصهيو أمريكية، ويسير على طريق الاستقلال الوطني، وإن صح هذا الخبر، فإنه يخصم كثيراً من رصيد مصر..
خامساً: مصر الكبيرة بتاريخها المشرف في دعم القضية الفلسطينة والقضايا العربية بإستثناء مرحلة ما بعد توقيع إتفاقية العار “كامب ديفيد”، التي عزلتها عن محيطها القومي، وأزاحتها بعيداً عن دورها التاريخي، بإعتبار أن القضية الفلسطينية كانت وما زالت هى البوصلة لقيادة الأمة العربية والتي طالما تصدرت لها مصر على مدى تاريخها، ما كان لها أن تسلم أذنها لمطالبات __ حتى ولو كانت من أشقاء عرب بغية تحقيق مصالحهم __ تضعها في موقف حرج و تضع علامات استفهام حول قدرات الدبلوماسية المصرية في وزن الأمور بما لا يشين تحركاتها، فبدا الأمر وكأنه طعم أكلته مصر، في ظل صمت مطبق يزيد من الحيرة و الالتباس.
الغريب في الأمر أنه عندما تم تسريب خطاب الرئيس المعزول محمد مرسي الملئ بالعبارات الحميمية لرئيس الوزراء الإسرائيلي، متضمناً “عزيزي أو صديقي بيريز”، قامت الدنيا ولم تقعد، رغم أن هذا الأمر قديماً منذ توقيع اتفاقية العار… الآن مصر السيسي تضع نفسها في مأزق كبييير، لم نشاهد حتى خبر واحد أو تصريح رسمي ورد من الخارجية المصرية في وسائل الإعلام المصرية يوضح ماهية الأمر والتزم الجميع الصمت وكأن على رؤوسهم الطير.