احتفى رئيس مهرجان بي بي سي عربي للأفلام والوثائقيات الإعلامي سمير فرح بعشرين فيلمًا تسجيليًا اختارتها لجنة التحكيم من بين مئات الأفلام للقائمة القصيرة للعرض ضمن فعاليات المهرجان بدورته الثانية (2015)، وشملت القائمة فئات الأفلام القصيرة والأفلام الوثائقية والأفلام الوثائقية القصيرة والربورتاج. وقال فرح إن هذه الأفلام التسجيلية ذات مغزى إنساني مهم يتحقق لدى المشاهدين فور إنتهاء العرض ليفاجئ كل منهم نفسه بعبارة ” حقا! لم أكن أعرف هذه القصة!”، واضاف أنه لولا الكاميرا وجهد الصحفيين الذين يتصدون لإنتاج مثل هذه الأفلام لماتت قصص ثرية مع أصحابها دون أن يشعر بوجودهم أحد، منوهًا إلى أن الأمر المثير في هذه القصص المتلفزة هو أنها تتحدى قطاعات كثيرة من الاختصاصيين ممن يدعون بأنهم وحدهم العالمين ببواطن الأمور، وبصفة خاصة من الصحفيين، الذين يظنون بأنهم على دراية تامة بأخبار هذه المنطقة من العالم، وهم في الواقع لا يعلمون عن المنطقة إلا القليل. أفتتح المهرجان الجمعة الماضية، ومن المقرر أن يقام حفل الختام مساء اليوم الاثنين (2 نوفمبر/تشرين الثاني) وتقدمه الكوميدية شابي خورساندي، وفيه تعلن أسماء الفائزين في كل من فئات المهرجان الأربع. ويلي ذلك أداء حي من فريق الروك اللبناني ”مشروع ليلى“.
وعلى مسرح راديو بي بي سي الواقع داخل مبنى “برودكاستنغ هاوس” العريق وسط لندن يعرض المهرجان الفيلم التسجيلي القصير «صيصة… المرأة الحديدية» للصحفي المصري علي السطوحي، الذي يحكي قصة المرأة الأقصرية “صيصة أبو الدوح النمر” التي توفى زوجها بينما كانت حامل بطفلتهما هدى، فمضت في درب الحياة متنكرة على مدار 43 سنة في جلباب بلدي وعمامة رجالية كي تعمل وتربي ابنتها وتحميها من الاحتياج بعد أن أدار الأهل والأقارب ظهورهم لها، ولم تستلم أو ترضخ لتهديدات شقيقها بدفنها حية إذا أصرت على العمل بالمخالفة لتقاليد القرية التي تفرض على المرأة المكوث بالمنزل. ويحكي منتج ومخرج الفيلم علي السطوحي كيف كسبت «صيصة» قوت يومها من بعض الأعمال الشاقة التى اعتاد الرجال العمل بها، فجابت الشوارع بصندوق تلميع الأحذية وحملت على كتفيها الطوب في أعمال بناء المقابر والبيوت فى بلدتها.
كما يعرض المهرجان الفيلم الوثائقي القصير “شيماء” للصحفي المصري عبدالفتاح فرج، وكان الفائز الأول بجائزة بي بي سي عربي للصحفيين الشباب في العام الماضي عن فيلم “صابر على الغلب”، يذكر أن عبد الفتاح فرج أنتج فيلم “شيماء” بعد تدريب تلقاه في بي بي سي. ويحكي الفيلم قصة الشابة الثلاثينية شيماء ابنة تل الحدادين بمدينة طنطا محافظة الغربية، التي ترتدى ملابس الرجال وتعمل بأحد محلات بيع الخردة منذ أن كانت فى الرابعة عشرة من عمرها، فقد وجدت نفسها يتيمة الأب، وكان عليها أن تعول أمها ولم تجد بدًا من العمل والكفاح، فتوجهت إلى صاحب أكبر محلات الخردة فى تل الحدادين ومن ثم التحقت بالعمل في تحميل عربات النقل الثقيل بعد أن اختبرها صاحب المحل للتأكد من تحملها المسئولية وقدرتها على أعباء العمل.
أكد الصحفيان على السطوحي وعبد الفتاح فرج أنهما مثالاً حيا لما يمكن تسميته صحفي الشارع المعني بالناس وتفاصيل حياتهم ومعاناتهم اليومية، وأكدا أن البعض لا تستوقفه المواقف اليومية المعتادة، إلا أن صحفي الشارع يجد في تلك المواقف قصصا جديرة بالتوثيق وأفكاراً تستحق التغطية وتصلح كموضوعات لأفلام تسجيلية ثرية ومهمة بل إن “صيصة” تعجبت وبكت تأثرا من ردود الفعل الواسعة على قصتها التي كانت تحسبها أمراً عاديا غير جدير بالتأمل أو التوثيق.
وقال طارق كفالة، رئيس القسم العربي في بي بي سي: “بينما كان جل تركيز مهرجان بي بي سي للأفلام والوثائقيات في عامه الأول على القضايا السياسية المتعلقة بالعالم العربي، فإن المهرجان في دورته الثانية لهذا العام يتناول نظرة شمولية أوسع تتطرق لقضايا اجتماعية لها أثرها على أجيال كاملة في المنطقة العربية. واختيار موضوع المهرجان لهذا العام (حاكمون ومحكومون: السلطة في عالم عربي متغير) يثرينا بقصص منوعة تأتينا من مناطق متفرقة وبلغات مختلفة.
قوة المهرجان تكمن في تقديم أفلام وثائقية وإبداعية تعكس تعقيدات الحالة القائمة في العالم العربي”.