أشرف أبو الخير يكتب : عن الجسر الجوي

بسبب ظروف اجتماعية متعددة، تقطعت بيني وبين الكتابة في “إعلام.أورج” السبل، ورغم أن ظروفي مازالت قائمة إلا أن حالة من الدهشة تنتابني منذ أيام وتدفعني رغما عني للكتابة وتفريغ شحنة التعجب ضارباً بتلك الظروف عرض الحائط… فالجسر الجوي الذي أقامه رجال الإعلام في مصر بين مدينة الإنتاج الإعلامي وشرم الشيخ هو حدث جلل يجبر أي عاقل على التأمل في عبثية الأفعال التي التزم بها الجميع – ما شاء الله عليهم – فذهبوا “بربطة المعلم” إلى المدينة الخالية ليدعوا العالم عبر النايل سات لزيارتها من جديد.

من على “فيسبوك” رأيت العديد من زملائي العاملين بمختلف المحطات التلفزيونية والإذاعية وهم يعلنون (بمشاعر متباينة) عن ذهابهم إلى شرم الشيخ لدعم السياحة وتشجيع الأجانب على العودة إلى البلبطة في البحر الأحمر من جديد… ومع تكرار “البوستات” من زملائي وأصدقائي، حير قلبي سؤال ظل يرن في أذني لساعات طويلة .. ما هذا العبث؟؟

قالوا قديماً، البراميل الممتلئة لا تصدر اصواتاً عالية، الواثقون من أنفسهم لا يصدرون كل هذا الضجيج، الهادفون إلى تحقيق نتيجة حقيقية لن يركضوا بتلك الطريقة في طابور طويل طويل طويل من القاهرة لشرم الشيخ،  مئات العاملين بالقنوات الفضائية والإذاعات المصرية، الخاصة منها والحكومية أحدثوا حالة غير اعتيادية من الصخب داخل المدينة الخاوية بدعوى جذب السياحة من جديد… سياحة مين اللي هتيجي من الكلام الفارغ دة يا اخواننا؟؟؟.

هل تواجد المذيعين والمراسلين في كل أركان المدينة من المطار إلى الهضبة وملء ساعات وساعات من التغطية الجوفاء المحترقة تحت الشمس الساطعة والبحر الأرزق الرائع مع الكثير جدا من اللقاءات عديمة الطعم والقيمة مع من تبقى من فلول السائحين، هو ما سيقنع بوتين بضرورة إعادة الرحلات الجوية إلى شرم الشيخ؟؟ بالأحرى، هل هذا هو ما سيقنع الخواجة القابع بمنزله في أي مدينة أوروبية قد لا يعلم أساساً بوجود قمر صناعي اسمه “نايل سات” أن يحزم أمتعته ويشد الرحال إلى شرم الشيخ؟؟؟ … اتقوا الله يا ناس.

الجسر الجوي من مدينة الإنتاج إلى شرم الشيخ هو هدر للعديد من الموارد البشرية وهدم لأبسط قواعد التسويق، فمن المفترض أن هؤلاء البشر في رحلة تهدف إلى جذب السياحة الأجنبية في الأساس وإرسال رسائل الطمأنة حول الحالة الأمنية بشرم الشيخ.. هدف نبيل ومحترم، بيد أنه لن يصل إلى الزبون المستهدف.. وكل ما سيفعله الجسر الجوي المذكور هو إعطاء عدد ضخم من العاملين إجازة مدفوعة الأجر مليئة باكلات سمك رخيصة من السوق القديم في غرف مريحة داخل الفنادق مع بعض ساعات العمل الخفيفة تحت شمس شرم الشيخ الدافئة.

كان من الأولى أن تشاركوا القنوات الأجنبية ساعات البث تلك، أن توجهوا تلك الأموال إلى صفحات السوشال ميديا هناك، دقائق قليلة عبر اليوتيوب يتم توجيهها إلى الزبون الأوروبي (بطريقة يعلمها جميع العاملين عبر الانترنت) أكثر تأثيرا بمراحل من الهراء الذي امتلأت به الشاشات والإذاعات، الكثير من الإزعاج سببتموه بإصراركم هذا، فعموم المصريين يا سادة غارقين في مياه الأمطار وأزمات الأسعار وترنح سوق الدولار، ويعلمون أن زيارتهم لشرم الشيخ ستكون غاية في الصعوبة بسبب غلاء أسعار المدينة بالنسبة إليهم… فاعتدلوا يرحمكم الله.

تواصل مع الكاتب عبر فيسبوك من هنا

تواصل مع الكاتب عبر تويتر من هنا

اقرأ أيضـًا:

أشرف أبو الخير يكتب : تاه في الزحمة (6) القول السديد في واقعة بنت سعيد

أشرف أبو الخير يكتب : تاه في الزحمة (5) اسمها هبة

 أشرف أبو الخير يكتب : تاه في الزحمة (4) فن النحت 

 أشرف أبو الخير يكتب: في ذكرى المحرقة 

 أشرف أبو الخير يكتب: تاه في الزحمة (3) – التجربة الإذاعية 

أشرف أبو الخير يكتب: تاه في الزحمة (2) – الصراصير دي مستوردة حضرتك!!

أشرف أبو الخير يكتب: تاه في الزحمة (1) –المقال الافتتاحي

.

تابعونا على تويتر من هنا 

تابعونا على الفيس بوك من هنا