لم يصل الإهمال والفساد حد إنكار الكارثة فقط، بل إنه وصل حد تحميل الضحية جزءاً من المسؤولية، ربما تهربَّاً من المساءلة القانونية، أو الخلاص من تعويض يرقى مستوى آدمي كنوع من المواساة والاعتراف بالتقصير !!
يتجلَّى كذب المسؤولين في الآونة الأخيرة في ثلاث حوادث فجَّة، مدَّعين بخلاف الحقيقة أسباب مكذوبة أدَّت إلى وفاة الضحايا، أو تحميلهم ذنب أنهم هم من ألقوا بأنفسهم إلى التهلكة، أما هذه الثلاث مآسي فهي :
(1) الدكتورة داليا محرز ضحية عدوى القوافل الطبية :
الطبيبة التي توفيت بمستشفى جامعة قناة السويس التخصصى، بسبب الالتهاب السحائى، وأفاد التقرير بوجود صديد بالنخاع الشوكى، وادَّعت وزارة الصحة أن سبب الوفاة راجع إلى إصابة قديمة في حادث سيارة خلَّفت “شرخ في قاع الجمجمة ونزيف في المخ” ، بالرغم من تأكيد الكشف الظاهري وتحليل عينة من الحبل الشوكي بالإصابة بالعدوى، حالة التقصير والإهمال والإنكار ليست مع المرضى الغلابى فقط، لا بل تمتد للأطباء أنفسهم !! جدير بالذكر أن بدل العدوى الذي يحصل عليه الأطباء 19 جنيهاً فقط !!
(2) طفل مات صعقاً بالكهرباء :
توفي طفل في محافظة البحيرة صعقاً بالكهرباء في مشهد مسجل بالفيديو يُدْمي القلوب، حيث أنه بعدما صعقته الكهرباء من عامود بجانب الشارع سقط في المياه وحاول الأهالي إنقاذه ولكن بعد فوات الأوان، حيث قالت والدة الطفل أن ابنها مات بسبب الإهمال المتواجد في القرية وترك الأعمدة خالية من الأسلاك العازلة، هذا الذي أنكره المحافظ، حيث أنكر موت الطفل صعقاً بالكهرباء نافياً وجود عامود كهرباء في الشارع الذي سقط فيه الطفل، ظلت الأم المكلومة تصرخ من قلبها موجهة حديثها للسيسي ” إنت مش عارف إننا نور عينيك، دوّر على نور عينيك يا ريس، أحسن نور عينيك هينطفي من البلد كلها، والعيال كلها هتموت ومش هتلاقي حد تحكمه يا ريس ” !
(3) دهس سيارة نقل لطالبة داخل حرم جامعة كفر الشيخ :
دُهِسَت طالبة بالصف الأول بكلية التربية النوعية جامعة كفر الشيخ، ولقت مصرعها إثر قيام سيارة نقل محملة بمواد بناء تسير داخل حرم الجامعة بدهسها، وذكر زملاؤها أن سيارة الإسعاف تأخّرت عن الوصول إلى الجامعة لنقل زميلتهم التي لفظت أنفاسها الأخيرة قبل وصولها إلى المستشفى، وجاء تعليق المسؤولون في الجامعة أن الطالبة تتحمَّل جزء من المسؤولية حيث أنها لم تتفادَ السيارة ولم تأخذ حذرها، علاوة على إدعائهم كذباً أنها أتت في يوم أجازتها، هذا الذي نفاه الجميع بوجود طلبة يوم السبت وأن التقصير واضح من إدارة الجامعة التي سمحت بدخول عربات نقل ثقيل لحرم وطرقات الجامعة أثناء وجود طلبة خلال يومهم الدراسي ..
لا يخشى المسؤولون دعوة المظلومين، ولا يرتعدون أن يسمعوا منهم ” حسبي الله ونعم الوكيل “، لا بل لا يحملون حتى هم محاسبتهم ومحاكمتهم في تقصيرهم وتخاذلهم لأنه لا محاسبة حقيقية لمسؤول، ولا عقوبة رادعة لفاسد أو مهمل، ولا يديرون بالاً لغلظتهم في التعامل مع أهالي الضحايا، ولا يكلفون خاطرهم بانتقاء كلامهم قبل أن يطلقوه رصاصاً لأنه لا ضمير يؤنبهم أو نفس لوامة تقض مضاجعهم .
.