مينا فريد يكتب: أرض الخوف

مينا فريد
مينا فريد

قبل نهاية الألفية السابقة بعام كتب و أخرج لنا داوود عبد السيد تحفته الخالدة أرض الخوف مع العبقري أحمد زكي.. بموسيقى المبدع صاحب مقطوعة البسكاليا … راجح داوود

يحيى ضابط نظيف يقرر قياداته تجنيدة و زرعة وسط عتاولة تجار المخدرات فيدبروا له تهمة رشوة و يتم فصله و سجنه ليبدأ بعدها حياته في أرض الخوف بقوانين أرض الخوف وسط تجار المخدرات كجاسوس، مهمة رسمية لا يعلم بها سوي مساعد وزير الداخلية و رئيس المخابرات العامة.. تلك المهمة تتسم بالسرية التامة و لذلك و ضمانا لمستقبله يتم توثيق شهادة رسمية له و يبدأ رحلته المسموح له به فيها بكل غش و خداع و قتل و مؤامرات … مع مرور السنوات و تتابع الجرائم  تنسى روحه أنه إنسان سوي و نظيف.. فكان يجري للخزينة السرية التي حفظ بها جواب المهمة التى كلف بها ليذكر نفسه بحقيقته. و بعد سنوات يكتشف يحيى أن من كان يرسل له التقرير و يظن أنه يقرأها هو مجرد موظف في البريد..

ذهب بعض المهتمين بسينما داوود عبد السيد لإسقاط هذة القصة على الإنسانية كلها.. بدءا من سيدنا آدم الإنسان الذي يقرر بإرادته الحرة السقوط و بعد أن يذق طعم الخطية يجد نفسه منجرفا لها بعيدا عن الفطرة التي خلقه الله عليها.. فيحاول في صراع مع النفس أن يذكر نفسه بأنه أصلا ليس شريرا و يوما ما سيعود لطبيعته الأولى ..

و لعل إختيار إسم موسى لحامل الخطابات ” عبد الرحمن أبو زهرة” الذي أرجعها ليحيى و قال عن نفسه “أنا مجرد رسول” خير تصريح للرمز … و أيضا إختيار إسم آدم كإسم حركي ليحيى…

أما مشهد النهاية مع عزت أبو عوف فهو مشهد مع الشيطان نفسه  الذي قال له يحيى “إنت عامل زي إبليس لما طلب منه ربنا انه يركع لآدم فرفض و تكبر و بقي إبليس”..

هذا التفسير جديد عليك ؟ حسنا لتشاهده مرة أخرى و تحكم بنفسك …

كل هذا جميل و لكنه ليس له أي علاقة بتفسيري الشخصي..
القيمة البعيدة لهذه التحفة الفنية لها بعد قريب و هو أنت و أنا و كلنا.. أرض الخوف هي كل ما يبعدنا عن أحلامنا .. كل أرض تقتل فينا فطرتنا هي أرض خوف..الوضع العام قد يكون مليئا بالغيوم و النفاق و الكذب.. الأحلام صعبة … كل ما يحيط بك يجبرك على أن تستسلم لقواعد اللعبة لتكون لاعبا أساسيا.. كل ما حولنا يجبرنا على البعد عن فطرتنا المتفائلة الآملة في غد أخضر… لدينا في خزانة ما أوراق أحلامنا النظيفة التي بسبب كل ما يحيط بنا ننساها و ننسى أن هذا هو أصلنا و فطرتنا التي خلقنا عليها.. لا تنتظر حتى تجد نفسك تائها ما بين يحيى الضابط و أبو دبورة المجرم.. كل حلم تنساه و تظنة ماضي هو جريمة ترتكبها في حق نفسك و روحك.. لا تنتظر رسولا يصحح ما تفعله .. إهرب لخزانة أحلامك و حقيقتك.. لا تكن يحيى.. ولا تظل في أرض الخوف التي حولك.. و لا تصادق شيطان اليأس أبدا .. هو مجرد سلطة ما و لكن في أرض الخوف..

مشهد النهاية في أرض الخوف… عندما يقول له إبليس … سافر سافر يا يحيى

يمكنكم التواصل مع الكاتب من هنا

اقرأ أيضًا:

مينا فريد يكتب: ستة عشر ساعة عادية في حياة مصري عادي

مينا فريد يفسر: كيف حقق “مفيش صاحب يتصاحب” 13 مليون مشاهدة؟

مينا فريد يكتب: رامي جلال عامر والبرادعي الذي في الكتاب المقدس

مينا فريد يكتب: البحث عن باسم يوسف

مينا فريد يكتب: الفن الشعبي العربي (4) عن زياد رحباني بيتهوفن لبنان

مينا فريد يكتب: الفن الشعبي العربي (3) أغاني الهادي التي غناها منير و بوشناق   

.

تابعونا عبر تويتر من هنا

تابعونا علي الفيس بوك من هنا