أن تكون ممثلاً فهي ليست مشكلة بكل تأكيد، لكن أن تكون إعلامياً برتبة ممثل، تلك هى المشكلة التي يعاني منها الإعلام المصري.
أصبحت برامج التوك شو “مصطنعة”، بها نسبة كبيرة من التمثيل، بجانب اتجاه عدد كبير من الفنانين والفنانات لتقديم البرامج التلفزيونية لأسباب عديدة، من الممكن أن يكون أبرزها “الأجر المادي”، أو “الفرقعة الإعلامية”، فبدلاً من أن تكون ممثلاً بعيد دائماً عن البطولة المطلقة، من الممكن أن تصبح إعلامي مشاكس حديث معظم الفضائيات والمواقع الإخبارية في أقل من 24 ساعة فقط، وهي تجربة مضمونة ورأينا أمثلة عديدة عليها في الفترة الأخيرة مثلما حدث مع الفنانة رانيا محمود ياسين بعد طردها لضيفها على الهواء، ليتضح لنا أنها مقدمة برنامج من الأساس “واحنا مانعرفش”!!.
مقدمة طويلة بعض الشئ ننتقل منها إلى الفنانة الكبيرة هالة فاخر، التي أثرت في أجيال عديدة بسبب مسلسل الأطفال والكبار الشهير “بوجي وطمطم”، كما قدمت العديد من الأعمال الفنية الرائعة في مسيرتها الفنية.
اتجهت “طمطم” لتقديم برنامج نسائي إجتماعي على شاشة صدى البلد في بداية العام الحالي “هات م الأخر مع هالة فاخر” ليتناول البرنامج فقرات خاصة بالمرأة، عن الفتاوى الدينية، الطبخ، الصحة والجمال..، كل الأفكار والفقرات المستخدمة في أي برنامج موجه للسيدات سواء في مصر أو خارج مصر، وتوقف البرنامج قبل عدة أشهر لتعود به مرة أخرى على قناة الحياة بنفس تفاصيله لكن مع تغيير الاسم فقط ليصبح “انتبهوا أيها السادة”.
لم تدعي الفنانة هالة فاخر قبل عرض برنامجها أنها ستقدم محتوى سياسي، لكن يبدو بعد الحلقات الأولى على الحياة أن الكثير من المتغيرات طالت القالب الذي ظهرت به على صدى البلد فيما يلي أبرز ما تحاول هالة فاخر التأكيد عليه في “انتبهوا أيها السادة”
بما أن إضحاك المشاهدين أصبح صعباً فلابد من بذل جهد أكبر من التمثيل “والاستظراف” حتى يبتسم المشاهد فقط، وبما أن هالة فاخر ممثلة من الطراز الكوميدي فلابد أن تفعل كل ما هو غير مألوف لكي تجذب انتباه المشاهد، فمثلاً شاهدناها في إحدى الحلقات تتناول إحدى العصائر من “الشفشق” كدليل على أنها لا تستطيع مقاومة طعمه.
وفي حلقة أخرى استخدمت تعبيرات وجهها عندما سمعت صوت “كلب” في الاستوديو أثناء تصوير الحلقة، مما جعلها تقول “الأي كلام” وتخرج لفاصل إعلاني.
أما تعليقاً على ما تعرضت له الأسكندرية من أمطار، فقررت “فاخر” أن يكون “إفيه الحلقة” على ما فعله الإعلامي جابر القرموطي عندما دخل ستوديو “مانشيت” بالممسحات والمقشات، وعلق على “الرجل المعدية” مستخدماً نفس الطريقة في الحلقة، حيث علقت “فاخر” قائلة أنها “عايزة تتشال زي القرموطي”
كما قررت أن تعبر عن المرأة العاملة في حلقة أخرى بأن تجلب معها خضروات إلى الاستوديو وتقوم بتحضيرها على الهواء
أن يكون للمذيع رأي سياسي معين فهذا حقه، وأن يكون البرنامج إجتماعي يتطرق لبعض الأحداث السياسية فهذا طبيعي طالما لم يفرض وجهة نظره على المشاهد، لكن أن يأخذ البرنامج أثناء تطرقه لتلك الأحداث منهج “الردح” والتخوين وإلقاء الاتهامات هنا وهناك فأبسط شئ أن يسمى هذا “حكاوي المصاطب”، وهو ما تتبعه معظم برامج التوك شو حالياً.
أما هالة فاخر فلابد أن يكون لها من “المصاطب” نصيباً، فعندما قررت أن تدلي برأيها السياسي تعليقاً على غرق الأسكندرية والبحيرة للمرة الثانية، قالت أن “فعلاً بعض المحافظات تعرضت لأمطار غزيرة لكن الوضع ليس بالسوء الذي تخيله البعض”، مؤكدة أن الصور المنتشرة عن الأمطار ما هى إلا “أفورة فيس بوك”، ليظهر فجأة الوجه الأخر المدافع عن الحكومة، ليفرض رأيه على المشاهد، متجاهلة تقصير المسئولين بالرغم من مطالبتها في المرة الأولى باستقالة هاني المسيري!!، محملة المسئولية فقط لبعض النشطاء السياسيين الذين يبدون رأيهم على حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الإجتماعي، متسائلة عن سبب ظهورهم في هذا الوقت تحديداً، على اعتبار أن رأيهم هذا ضمن “المؤامرة الكونية” التي تتعرض لها مصر.
كنوع من الدعاية للبرنامج وتسهيل الأخبار على محرري المواقع الإلكترونية، اتبع القائمون على البرنامج طريقة تقسيم الحلقة إلى عدة مقاطع قصيرة على اليوتيوب بعناوين “ساخنة”، ليدخل المتابع على اليوتيوب وينخدع بسهولة في عنوان الفيديو ليجد أن محتواه لا يضيف له شيئاً.
فمثلاً تم تداول خبراً الأيام القليلة الماضية على معظم المواقع الإخبارية بعنوان “متصلة لهالة فاخر: عايزة أطلب منك طلب حرام”، ليتبين أن “الطلب الحرام” التي تريده المتصلة هو رقم تليفونها فقط، بينما من في الكنترول أبلغوها أنه “طلب حرام”!!
عند ظهور أي برنامج جديد على الساحة، لا يمكن تجاهل أراء مستخدمو السوشيال ميديا، والتي غالباً ما يكون حكمهم على البرنامج صحيحاً، فإذا قمت بالبحث عن اسم الفنانة أو اسم برنامجها على فيس بوك وتويتر لم يظهر لك سوى أخبار فقط عن إحدى فقرات الحلقة، أما أراء المتابعين فلن تجد سوى عدد قليل جداً أبدى استياءه من البرنامج، مما يوضح أن البرنامج غير مؤثر في الشارع المصري، وأن ما يتم تداوله فقط من أخبار غير كافي لوضع البرنامج في قائمة البرامج المؤثرة أو الأكثر إفادة للمواطن.