من ضمن التقارير التى لا انساها فى حياتى ذلك التقرير الذى كنت مكلفاً فيه بتصوير وقفة احتجاجية لمجموعة “كلنا خالد سعيد” والتى قرروا ان ينتحروا فيها وينظموها عند و زارة الداخلية، الوقفة كانت فى شهر يونيو عام 2010 فى عز سطوة نظام “مبارك” ووزير داخليته واجهزته الامنية، عدد المتظاهرين كان ضئيلاً جدا واحاطت بهم كل نوعيات ضباط وافراد وعساكر الشرطة، ودخلنا باعجوبة بالكاميرا وسط دوائر مختلفة من قوات الشرطة وبالمعنى الحرفى اتحشرنا مع المتظاهرين !! ووقتها فوجئنا بفنى صوت صديق يؤكد لنا ان الداخلية صادرت كل الشرائط المصورة حتى من القنوات الاقليلمية والدولية وانه لا يوجد من استطاع اخفاء الشريط باى طريقة (حتى الطرق غير التقليدية التى يعرفها بعض العاملين فى القنوات الاخبارية !!!!!!!!)
ووقتها طلبت من المصور ان يبدأ بالتصوير فى اسرع وقت على الا تتجاوز مدة التصوير دقائق معدودة واسرعت بعمل اللقاءات ثم صورت باسرع ما يمكن مقدمة التقرير، واتفقنا جميعاً على ضرورة الخروج قبل ان يتحول الموضوع الى مشكلة او بالبلدى يقلب غم !!!! وكانت المشكلة الكبرى كيف نخرج بالكاميرا والشريط امام كل تلك القوات الشرطية فاعتمدنا اسلوب الخداع وتخيرنا اكبر القيادات الشرطية سناً والذى يبدو عليه نوع من السماحة، وقررنا الخروج من ناحيته وتعمدنا الضحك والاستهزاء بالمظاهرة والسخرية منها، وطلبنا من تلك القيادة الشرطية ان نخرج على اعتبار ان احنا فهمنا الموضوع غلط وان مش ده الحدث اللى احنا كنا فاكرينه ومظاهرات ايه وكلام فارغ ايه !! وبالغنا فى السخرية حينما قلنا له اننا تصورنا انها مظاهرة ينظمها المصريون للشماتة فى خسارة المنتخب الجزائرى اولى مبارياته فى كأس العالم 2010 بجنوب افريقيا بعد المشاكل التى افتعلت فى تصفيات كأس العالم عام 2009، ولم نصدق انفسنا ونحن نخرج من مكان الوقفة ولم نصب باى اذى او تلحق بنا اى اهانة والاهم اننا معانا الشريط، وبعدها مدير وحدة التقارير الخارجية اتصل بنا متوقعاً اننا فشلنا فى التصوير او على اقصى تقدير اننا صورنا ولكن الشريط سقط فى يد الداخلية، لنباغته باننا (معانا شريط .. معانا شريط على وزن معانا ريال .. معانا ريال !!!!!) لأنه تقريبا يكاد يكون المادة التلفزيونية المصورة الوحيدة الموجودة لتلك الوقفة، وعندها لم يستطع اخفاء انبهاره وطلب منى سرعة ارساله ليذاع على هيئة انسرتات او لقطات مصورة فقط، وهنا اكدت له اننى سوف اصنع منه تقرير تحت اى ظرف فعاد وسخر منى على اعتبار ان المدة المصورة على الشريط بالكامل لا تتجاوز دقائق فكيف لى ان اصنع منها تقرير ؟؟؟!!!
فاكدت له ان ذلك مسئوليتى وذهبت الى المونتاج لاصنع واحد من اسهل تقاريرى فى تاريخى المهنى ولكنه اهمها على الاطلاق لانه التقرير الوحيد على مستوى كل القنوات الفضائية الذى نقل تلك الفعالية ولولاه كان يمكن ان تسقط فى دائرة النسيان بعيداً عن التصوير الاعلامى ..
ولكن اهم ما فى تلك الوقفة انها كانت المرة الاولى فى حياتى المهنية بل والشخصية التى اسمع فيها المتظاهرون يشتمون الرئيس السابق “مبارك” صراحة وليس بالتلميح او حتى سب زوجته واولاده كما كان معتاداً فى تلك الفترة، لدرجة اننى واجهت صعوبة شديدة فى اختيار مقدمة التقرير المصورة فى المظاهرة (الانترو) بسبب تداخل اصوات تلك السباب مع صوتى ووقتها كان يستحيل ان تظهر تلك الشتائم على اى شاشة حتى لو كانت سبيس تون او كارتون نت وورك !!!!
ومش عارف ليه لحظتها استرجعت مشهد تلفزيونى من مسلسل “الملك فاروق” حينما فوجئ بان طلبة الجامعة فى اوائل الخمسينات يدوسون صورته بالاحذية واحس بالاكتئاب وادرك ان عرشه وعرش اسرته اقترب من السقوط، ويومها قلت لكل زملائى فى سيارة التصوير ان اسطورة “مبارك” قاربت على الافول ووقتها لم يصدقنى احد واعتبروا كلامى نوع من الهزل وطبعاً وقتها كان صعب جداً اكتب توقعى على الفيسبوك !!!!! رغم انى كنت اتمنى احتفظ بيه فى بوست تاريخى ولكن وقتها لم يكن باليد اية حيلة !!!! ولما تمر اكثر من 7 شهور حتى قامت ثورة يناير واسقطت مبارك بعد 30 عام من السلطة والجبروت والنفوذ …
ولانى اصبحت تخصص توقعات رؤساء فقد ادركت بعد تغطيتى لبعض الفعاليات الاعدادية ليوم 30 يونيو 2013 ان دولة الاخوان الى زوال وادركت ان الرئيس “مرسى” راحل لا محالة، ولان الظروف وقتها كانت قد تغيرت فقد ذكرت بكل جرأة على الفيسبوك توقعاتى، واكدت ان على “مرسى” ان لا يهتم كثيراً بالمظاهرات والرئاسة وغيرها وعليه ان يركز فقط هو وافراد اسرته فى التقاط الصور التذكارية فى القصر الجمهورى لانهم سيغادرونه فى اقرب فرصة، وكذلك توقعت ان تكون مظاهرات 30 يونيو هى المظاهرات الاكبر فى عدد المتظاهرين فى التاريخ العربى الحديث، وحدث كل ما توقعته ورحل “مرسى” بعد 30 يونيو مباشرة وكانت المسيرات والمظاهرات بالفعل تاريخية ولم تشهد مصر او اى دولة عربية مثلها من قبل ..
التوقعين دووول استندوا على اعتبارات منطقية وليس مجرد توقعات فارغة وبعدهما سقط رئيسين من رؤساء مصر احدهما كان يدعمه كل اجهزة الدولة والاخر كانت تدعمه جماعة وتنظيم كبير !!!! ودلوئتى واحد لطيف يسألنى ويقوللى كابتن وليد .. كابتن وليد .. توقعاتك ايه اليومين دووول ؟؟!! والشخص الغلس ده اجاوبه على الفور واقوله ان من ساعتها قررت انى احتفظ بتوقعاتى لنفسى يا خفيف !!!!!!!!!!!!!!!