صدمنا منذ أيام ما رأيناه من أهوال في الإسكندرية وغيرها من المحافظات جراء أمطار شديدة بعض الشيء وزاد الأمر حزناً من سقطوا نتيجة لتلك الأحوال الجوية (غير المفاجئة لا في موعدها ولا في تبعاتها) فكل ما حدث كان يحدث وإن لم يكن بنفس القوة ولم تتناقل أخباره بنفس الانتشار، والانتشار هنا أعني به انتشار خبر الفضيحة وهو ما قامت به وسائل التواصل الاجتماعي من حيث تناقل الصور والمآسي، والذي قام على أثره المحافظ بتقديم استقالته (مشيها تقديم ربك حليم ستّار). الفضيحة في السابق لم تكن لتظهر وتصل إلى مسامع الحكام القابعين في القاهرة على مختلف نظم الحكم المختلفة التي مرت على المحروسة إلا عندما تحول كل مواطن إلى مصور صحفي وانتشرت صرخاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي والتي نرصد تسببها في تنحي شخصيتين عامتين في مجالين مختلفين في غضون عشرة أيام فقط، لذا لزم التنويه.
أضحت تللك الوسائل يحسب لها حساب في القطاعين العام والخاص والأمثلة واضحة، محافظ مدينة كبرى ومذيعة (لا تفقد صبرك) لبرنامج يتمتع بملايين المشاهدين (للأسف) ورعاة يتجاوز عددهم عدد أصابع اليدين معاً من كبار شركات القطاع الخاص والذين انسحبوا ايضاً من الرعاية لحماية أعمالهم وسمعتهم. إذن فلقد تغير الوضع الذي لبثنا فيه لقرون، منذ أن لم يكن للشارع صوت أو تأثير – حيث لم يكن يهم سوى رضا الباب العالي وأصحاب السمو والرفعة والفخامة والآكابر في العاصمة فقط- إلى وقتنا الحالي، والذي أصبح فيه من يضع نفسه تحت طائلة العمل أو الظهور العام يعمل وهو يرى مقصلة الرأي العام ذات نصل أكثر حدة من تلك التي كانت تستخدم في القرون الوسطى، لكنها تذبح دون إراقة دماء، تذبح معنوياً وتجتذ من يخالف رأي الشعب من مكانه. لذا لزم التنويه.
بقليل من الفحص ستجد أن بعض من تلك الآراء المتداولة والمنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي ما تلبث إلا ويتناولها الإعلام إما بتبني تلك الآراء أو بإستنكارها وذلك طبقاّ لتوجه معين مكون سلفاً، وستندهش مثلي من أن هناك من يجلس ويحلل بعض من هذه وبعض من تلك ويقدم بها تقارير تبلغ رأس الدولة، لذا لزم التنويه.
لم تنتبه الدولة في أيام مبارك أو لنقل لم تهتم بالرأي العام، ربما عن عمد أو عن إهمال وكأنها تتبع شعار أطلقه مبارك قائلاً “يا عم كبّر مخك” ولم تجد نفسها إلا وقد تم تجريدها من ملابسها بالكامل في ميدان التحرير لتصبح عرضه لنظرات ولمزات وتحرشات الطامعين الذين مروا من هناك على حين غرة. لذا لزم التنويه.