مى سعيد تكتب: كيف جئت للحياة؟

تبدو الإجابة على هذا السؤال فى غاية البساطة و قد يجيبك البعض مكتفين بتحديد مكان الميلاد و يوم الميلاد و الوقت الذى جاؤا فيه للحياة ، لكن هناك الكثير من التفاصيل الضائعة وسط كل تلك الإجابات المكررة المحفوظة برتابة و التى تتردد طوال الوقت خوفاً أو هرباً من معرفة المزيد من التفاصيل ، لكن دعنى أسئلك سؤالاً آخرعزيزى القارئ  ما المانع من معرفة المزيد من التفاصيل التى مرت بها إمرأة أنت تعرفها جيداً “هى أمك”  حتى تأتى أنت للحياة ، أليس من حقها و حقك أن تتشاركا هذه التفاصيل تلك التفاصيل التى تحفظها هى عن ظهر عمر و لا تنساها أبداً ، أليس من العدل إذن أن تشاركها هذه التفاصيل ، بعد تسعة أشهر كاملة من نموك المدهش داخلها و الذى لطالما صاحبه الكثير من أعراض الغثيان و الميل للقئ و التورم فى مختلف أنحاء جسدها و آلام فى الظهر و عدم القدرة على النوم و ظهور بقع على بشرتها نتيجة إفراز جسدها لمادة الميلامين و زيادة مفرطة فى وزنها و آلام مبرحة فى العظام و الأسنان صعوبات فى التنفس و الحركة ، تأتى اللحظة الأكثر إيلاماً ربما و التى أتت بك للحياة ، آلام مخاضها التى تعادل آلآم الحرق حياً.

تخيل معى أن هناك حصان قادم وعلى هذا الحصان أن يمر من جحر فأر فى طريقه حتى يصل إلى وجهته ، هذا ما حدث بالتحديد ، كنت تركل أنت بكل ما أوتيت من قوة بينما تحبس هى أنفاسها لتجمع قوتها و شجاعتها معاً حتى تتمكن من دفعك إلى الحياة ، فى تلك اللحظات يبدو كل شئ أمامها مشوش و تصير الرؤية باهتة المعالم فهى داخل فقاعة من الألم و الخوف ترتعش و تتعرق و لا تقوى على التنفس كما أنها لا يمكنها أن تصف مقدار الألم سوى بصرخات متقطعة يصيبها الوهن و الضعف كلما أوشكت أنت على القدوم ، يلتف حولها أناس لا تعرفهم و لربما لم تقابلهم من قبل ، تتطلع فى عيون من حولها أحياناً تجد من تحتاج إليهم و أحياناً لا تجد أحد ، نعم دعنى أخبرك ما يحدث فى مجتمعاتنا فأحياناً يشاركها والدك هذه اللحظات و أحياناً أخرى يظن أن ليس هناك أى داعى لوجوده إلا بعد أن تأتى أنت إلى الحياة و ينتهى الأمر كله.

ففى معظم الأوقات تخوض هى كل تلك التفاصيل بمفردها وسط الغرباء فى غرفة عمليات باردة خالية من الحياة ..إلا منك أنت فقدومك هو مصدر الحياة الوحيد فى هذه الغرفة الباردة ، بعد ترددك المستمر المصحوب بمخاضها و إنقباضات رحمها المؤلمة و فى دقيقة واحدة ها أنت بعد إستجماعها لشجاعتها و قوتها فى دفعك مرة واحدة أخيرة تطل برأسك للحياة فتبتسم هى عند سماع صوتك بينما ما تزال دموعها وعرقها يكسوانها و لم يجفا بعد ، فتنسى كل الألم المغزول بالكثير من التفاصيل ، تنسى حتى أن تخبرك بكل ما مرت به لكى تأتى أنت للحياة ؟

اقرأ أيضًا:

مي سعيد تكتب: إبق حيث الغناء فالأشرار لا يغنون

 مي سعيد: إحنا آسفين يا شهريار 

مي سعيد ترد على محمد حسن: تسألها من هي؟

مي سعيد: إخلعوا الحجاب

مي سعيد : إيقاف إسلام لا علاقة له بالإسلام

مي سعيد ترد على محمود رضوان: كلنا مذنبون

مي سعيد: ما بين الهوس الجنسي و الكبت الجنسي يا قلبي لا تحزن