عمر طاهر يكتب: مشهد يشرح المشكلة
فمصر تستحق أن تكبر (على نضافة) علشان الناس ماتبقاش جاعت على الفاضي
كان المدير الفني للمنتخب الوطني (مستر كوبر) على منصة مؤتمر صحفي يتحدث عن خططه من أجل الوصول إلى كأس العالم 2018، وفي عز انهماكه دخل فجأة الكابتن مجدي عبد الغني وألقى السلام بصوت عال يليق بمقهى بلدي على كل من في القاعة ثم صافح بعضهم وأخيرا جلس بعد أن اتلفت الدهشة ملامح وجه مستر كوبر وأخرسته تماما بينما حال لسانه يقول (كاس عالم ايه اللي عايزين تروحوه بالمنظر ده؟).
كان الكلام عن (المستقبل) هو بطل المؤتمر، ثم فجأة هجم (الماضي) وأفسد اللحظة.
مشهد يمكن أن يلخص الكثير من أحوال مصر.
يقطع الماضي الطريق على المستقبل تارة بالأشخاص، وتارة بالأفكار، أما الأشخاص فعلى جثثهم أن يخرجوا من المشهد، والحديث عن مستقبل جديد نظيف للبلد يعني أن ننسى ثلاثة أرباع الوجوه التي تسيطر على المشهد حاليا، لذلك يسعى (الماضي) للشوشرة المستمرة على أي نقلة للمستقبل بدونه، المشكلة أنه لا مستقبل إلا بدونه، الماضي احترف التشويش على يناير بالكامل، ثم أحترف ترجمة يونيو إلى مصلحة تجعله راسخا في الاضواء.
أما الأفكار فحدث ولا حرج، أفكار المعتقلات وزوار الفجر والتنكيل بالخصوم من أفكار (أمن) الماضي، أن تغطي على مصيبة بزفة بلدي رديئة ومصطنعة خالية من أي فكرة مثلما يحدث في شرم الشيخ حاليا من أفكار حكومات الماضي، أن يخترع النظام لنفسه (أحمد سعيد) جديد إستكمالا لمسيرة المذيع الأصلي الذي كان صوت يرن في الراديو على هامش النكسة يحصي عدد الطائرات التي أسقطناها كذبا فهذا من أفكار أنظمة الماضي، ألا يحدث تغييرا ولو في حدود شارع صغير إلا بتوجيهات وتدخل الرئيس بنفسه شخصيا فهذه أفكار موظفي الماضي، يطاردك الماضي بقوة بداية من البرلمان القادم، نهاية بمستقبل الكرة، مرورا بطرق غير مباشرة وقديمة لتكميم الأفواه، مرورا أيضا بطريقة تصعيد القيادات وإختيار المستشارين في كل أركان الدولة وما يترتب عليها طول الوقت من إقصاء لمن يستحق.
العالم من حولنا يتغير حتى على مستوي (الشر) أو في طريقة محاربته، وإذا كانت البشري هي أننا سنجوع في مقابل أن تكبر مصر، فمصر تستحق أن تكبر (على نضافة) علشان الناس ماتبقاش جاعت على الفاضي.
لن تكبر بالجوع، ستكبر فقط عندما تجيد تأمين الغرفة التي يتم الكلام فيها عن المستقبل حتى لا يقتحمها الماضي فكرا أو أشخاصا.. أرجع لبداية المقال