العدو الأول للديكتاتورية حاليا هو مواقع السوشيال ميديا، حقيقة هى الأهم فى الفيلم الوثائقى «#فتاة_شيكاغو» الذى ينطلق من قصة فتاة سورية اسمها آلاء بستانة، تعيش فى ولاية شيكاغو الأمريكية، غادرت دمشق وعمرها ست سنوات، لا تجيد العربية بطلاقة، لكنها تحفظ عن ظهر قلب أن والدها هاجر بسبب كراهيته لنظام حافظ الأسد. كانت تطمح إلى العودة إلى بلدها لترى الشوارع التى حبت فيها وهى طفلة. وجاءها الحلم من شباك الثورة السورية التى انطلقت فى مارس 2011، قبل أن نصل إلى المشهد السورى شديد الارتباك حاليا. آلاء بستانة استغلت قوة السوشيال ميديا وتعاملت مع نشطاء ومواطنين صحفيين طالبوها بأن تنقل صوتهم إلى العالم باللغة الإنجليزية، نشطت بستانة كما يجب، حتى إنها تلقت تهديدات بالقتل صدقت جديتها بعد أن أسقط القناصة رفاقها عبر الإنترنت فى سوريا، وأبرزهم مصور الفيديو الأشهر باسل شحادة الذى أهدى صناع «فتاة شيكاغو» الفيلم لروحه. انتهى الفيلم بزيارة بستانة للأراضى السورية، وبالتأكيد على الاستمرار فى فضح جرائم النظام السورى فَوَقْتَ إنجاز العمل لم تكن «داعش» قد ظهرت بعد.
الفيلم الذى شاهدته ضمن فاعليات مهرجان أجيال بالدوحة، يؤكد أن قوة السوشيال ميديا لم يعد من الممكن الاستهانة بها، وأن أصحاب العقول الضيقة باتوا أمام أزمة كبيرة فى استيعاب الجماهير الغاضبة. أنظمة تريد أن تفعل ما تشاء، وشعب معظمه شباب باتت لديه وسائل مختلفة للتعبير عن الغضب، لنقل الصورة، لحشد التعاطف. تجاهل قوة السوشيال الميديا لم يعد فى مصلحة أى نظام، تهديد «الأدمنز» كما فعلوا مع بستانة قد يجدى مؤقتا، لكنّ آخرين سيظهرون ويحلون مكانها، لأن الباحثين عن الحرية دائما أكثر عددا من المستسلمين للقهر.
الفيلم يؤكد أيضا فشل ظاهرة اللجان الإلكترونية، لأن فتاة شيكاغو ورفاقها صاحبتهم دائما القدرة على نقل الحقائق من أرض المعركة، بالتالى أصحاب التعليقات المستنسخة لن يجدوا نفعا، وصوت الغاضبين سيواصل الهدير، سيصل عبر «فيسبوك» أو «تويتر» أو حتى «يوتيوب»، والأخير يستقبل فيديو من أى حدث يقع فى العالم خلال أقل من ساعة على وقوعه، كما أكد المشاركون فى «فتاة شيكاغو».
نقلًا عن “جريدة التحرير”