في الوقت الذي لم تُعلن فيه لجنة التحقيق في قضية سقوط الطائرة الروسية، التي تحطمت بتاريخ 31 أكتوبر الماضي، عن نتائجها حتى الآن، ولم يكن لها وجود إعلامي يذكر، سوى من ظهور رئيسها، أيمن المقدم، وحيدًا، في مؤتمر صحفي قصير، إلا أن السلطات الروسية، قررت الانفراد بمعلوماتها حول تأكد سقوط الطائرة بفعل عمل إرهابي، عن طريق وضع قنبلة يدوية حجمها “كيلوجرام” من مادة Tnt، شديدة الانفجار.
وبما أن من أخذ زمام مبادرة الإعلان عن المعلومات الجديدة، هو الجانب الروسي، فكان من الطبيعي ان تأخذ روسيا زمام المبادرة “إعلاميًا” أيضًا، حيث سيطر مشهد اجتماع الرئيس الروسي بمسئوليه، وهو يتحدث بحزم وشدة حول أهمية معاقبة المسئولين عن إسقاط الطائرة، على جميع وسائل الإعلام.
المشهد الإعلامي المصري، ظهر عليه الارتباك فور الإعلان الروسي، حيث احتلت الصور المنقولة عن التلفزيون الروسي، الشاشات المصري، حتى الرسمية منها.
التلفزيون المصري كالعادة لم تكن لديه أي مبادرة أو عقد لقاءات أو تعليقات، على الحدث، واكتفى فقط بإذاعة اجتماع الرئيس الروسي مع المسئولين، وهو يعدد أوامره بملاحقة الإرهابيين، وتشديد الغارات على معاقل الإرهاب في سوريا.
قناة روسيا اليوم اهتمت بمعرفة رد الفعل المصري الرسمي، ليأتي رد مراسلها في القاهرة، أحمد الأشقر، بأنه لا رد فعل حتى الآن وأن “القاهرة تلوذ بالصمت”، إلا من تصريح أمني رسمي، نافيًا أن تكون مصر، قد احتجزت موظفين بمطار شرم الشيخ، على خلفية مساعدتهم في وضع قنبلة داخل الطائرة الروسية.
أما القنوات الخاصة، فقناة CBC EXTRA كانت في حالة “متابعة دائمة”، لآخر التطورات منذ الإعلان صباحًا، كما أجرت العديد من الاتصالات الهاتفية سواء من مصر أو روسيا لمحاولة كشف غموض الإجراءات الروسية “الغاضبة” والغامضة أيضًا، خاصة فيما يتعلق بالجانب المصري.
الوضع لم يتغير كثيرًا على قناة ONTV لايف، حيث أذاعت أهم الاخبار القادمة من القنوات الروسية، بالإضافة إلى إجراء الاتصالات الهاتفية مع المختصين من أساتذة القانون الدولي والصحفيين، كما استمرت القناة بشكل طبيعي في إذاعة باقي فقراتها الإخبارية التي تناول الشأن الفرنسي، والعربي على الصعيد المني والسوري.
قناة “النهار اليوم” قدمت تغطية خاصة صباحية، لأهم الأحداث حول الطائرة الروسية، لكنها لا تقارن بالقنوات السابقة، من حيث مدة التغطية، والتنوع في مصادر المعلومات.
ولم تكتف الحكومة بتاخرها لساعات قبل إعلان موقف واضح من التأكيدات الروسية بشان الطائرة، إلا أنها خرجت بموقف أقل ما يمكن وصفه به أنه “استخفاف” بروسيا قبل الداخل المصري، حيث تم الإعلان عن أن اجتماع الحكومة بشرم الشيخ، ناقش قضية “الطائرة والأسعار”، وكأن التطورات الجديدة في قضية الطائرة، مجرد بند على جدول الأعمال.
كما لم يذاع المؤتمر بشكل مباشر ولكن جميع القنوات قد عرضت التصريحات في شريط الأخبار العاجلة فقط، وبعدها بحوالي نصف الساعة تم عرض تسجيل المؤتمر والذي تضمن كلمات كل من رئيس الوزراء ووزيري الداخلية والطيران، مع بعض الأسئلة من الصحفيين.
الغريب أن الموقف المصري كان أشبه بالظل الذي يتحرك في غرفة مظلمة، فمنذ يومين قرأنا أخبارًا تؤكد قتل الجيش المصري لـ 24 عنصرًا إرهابيًا في منطقة قريبة من موقع سقوط الطائرة الروسية، ثم عقد الرئيس السيسي يوم الاثنين 16 نوفمبر اجتماعًا بمجلس الامن القومي، من الواضح أنه لم يناقش فقط مشروع الضبعة النووية بالاشتراك مع روسيا، ومع ذلك لم تستغل الدولة ذلك على المستوى الإعلامي، وتنتهز الفرصة للظهور في صورة المتابع، والمهتم من باب “نحن أيضًا نتحرك وليس روسيا فقط”.
هذه الإشارات الضعيفة، لم تستغلها مصر إعلاميًا حتى لو من باب “الشو الإعلامي”، للتأكيد على أنها تتابع حادث الطائرة وعلى استعداد لأن تكون طرفًا فعالًا في الرد على العناصر الإرهابية، بل تركت الدولة المشاهد المصري، متابعًا لكل ما تجود عليه القنوات الروسية من جديد، وكان آخرها المشهد المهيب الذي ظهرت فيه قاعة مركز القيادة في موسكو، على الهواء، وهي تجمع بوتين، بالقادة الروس، حتى المتواجد منهم في شرق البحر المتوسط.