هند كرم تكتب : "عصير الإنتخابات" على "الحدث" ماسخ وبه سمُ قاتل‎

عندما تابعتُ لأول مرة هذا البرنامج او الفقرة على قناة العربية “الحدث قبل شهر تقريباً  لفـتني بديهيا العنوان في المقام الاول ، خاصة  وان التنويه كان مكثفا للبرنامج وسبق المرحلة الاولى من الانتخابات البرلمانية المصرية 2015 / بعدة أيام ..

حالة الدهشة  لم تتوقف فقط عند العنوان بل انتقل للمضمون الذي أذهلني لاحقا هو الاخر واستمر طيلة مدة متابعتي لمدة يومين او ثلاثة متتالية ، ولا أخفي مفاجئتي بطلـّة المذيعة اللبنانية المخضرمة نيكول تنوري بتقديم هذا العصير أو ” الفخفخينا ” كما درجت على وصفه خلال حديثها باستمرار !!

لمن لم يتابع هذه الفقرة من قبل – وباختصار – هي فقرة اخبارية خفيفة – احسبها كذلك – ربما لاتتجاوز مدتها 15 دقيقة على الاكثر ، ومعنية بالتعليق فقط على الانتخابات البرلمانية المصرية بشكل كوميدي ساخر باستخدام مفردات و” إفيهات ” باللهجة المصرية العامية وأحيانا باستخدام ” لغة الشارع المتداولة هذه الايام ” !!!

المادة الاساسية لعصير الانتخابات المصري هي مقاطع الفيديو التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وتم تداولها للسخرية والتندر بالعملية الانتخابية برمتها لعكس الضعف في التصويت بالمرحلة الاولى من الانتخابات وعزوف شريحة عريضة من الناخبين عن الادلاء باصواتها … ويتم تطعيم هذا ” العصير ” بتعليقات للاعلاميين المصرين المشهورين  مقتطعة من برامجهم  وربطها  بفيديوهات ومقالات السخرية التي تصل الى حد التشهير بالمرشحين والحملات الدعائية لبعضهم عبر اعادة بث تعليقات الجمهور الساخرة واللاذعة على مواقع التواصل ، وفي النهاية يتم صب هذا الكوكتيل المتنوع في قالب من المفترض انه كوميدي ومُضحك لتقدمه المذيعة لمشاهدي قناتها الاخبارية  ماسخا  بلاطعم او رائحة  رغم تعدد الالوان والمكونات  !!!

هذه الفقرة التي توقفت بعد المرحلة الاولى وعادت من جديد قبيل بدء المرحلة الثانية من الانتخابات المقررة 22 و23 من نوفمبر الجاري ، عادت بنفس الاسلوب ونفس توليفة “الفخفخينا ” ولكن يبدو ان “عاصرها ”  لم يجدد في محتواها خلال فترة توقفها ” لجني المحصول !” ما حول العصير الى عصير تالف غير صالح للشرب و به سم ٌ قاتل !!

لماذا العربية الحدث ؟؟ ولماذا عصير انتخابي مصري ؟؟ ولماذا نيكول ؟؟ ،،

لن أترك نفسي للسير في اتجاه التكهنات الخبيثة التي لاجدوى منها سوى تعزيز فرضية المؤامرة التي استبعدها ( حتى الآن) من قناة سعودية معروف عنها سياستها التحريرية وتوجهها العام وخطها الواضح الداعم لمصر وقيادتها السياسية وخطواتها الاصلاحية …

إذاً فنحن نحتاج الى توضيح ؛  لماذا تهتم الـ “حدث” بابراز هذا “الحدث” السياسي الهام في مصر بطريقة ساخرة غير مسبوقة تسير بالتوازي مع تغطياتها الاخبارية المعتادة ؟!

فلم يسبق لقنوات العربية والعربية الحدث ان تناولت من قبل اية انتخابات رئاسية او برلمانية في اية دولة عربية او اجنبية بهذا القالب الساخر ( حتى وان كانت دولة معادية  او اخرى لاتحظى بعلاقات جيدة مع النظام السعودي الشقيق ) ؟؟! هل هي الكوميديا السوداء مثلا ؟!!

لايمكن الانكار بان العملية الانتخابية في مرحلتها الاولى بكل تفاصيلها وجوانبها مخزية ومثيرة للسخرية وليست على مستوى طموحات وتوقعات القيادة السياسية في مصر او حتى آمال شعبها ،، وقد أتفهم أن يتناول الاعلام المصري المحلي الانتخابات بالسخرية والـ” التنكيت” فلطالما  اعتاد ( تجاوز الحدود ) ،،،

كما انه ومن الطبيعي جدااا والمنطقي ان أفهم ان تتناول قناة العربية الحدث الانتخابات المصرية  بالتحليل والتفنيد والنقد ايضا وتقديمها لمشاهديها عبر تغطية مكثفة بشكل مهني عبر سلسلة من التقارير الاخبارية والبرامج الحوارية ومشاركات الضيوف المختصين للتعليق على المشهد الانتخابي بلغة اخبارية محترفة وذكية  “أيا كانت الرسائل المراد تمريرها” ! ؛ ولكن ما أدهشني حقاً هو وقوع القناة عبر ” عصيرها الانتخابي ” في سقطة اعلامية غير مفهومة أو مسبوقة لم ولن تُضـِف شيئا ذي قيمة او مضمون الى خارطة البرامج بالقناة ،، كما وأن مشاهدي العربية والحدث لم يعتادوا ان تقدم لهم القناتان من قبل وجبات خفيفة منوعة وكوميدية بين وجبات الاخبار الدسمة والمؤلمة ! فهل نحن أمام مضمون اخباري جديد يختص بالشأن السياسي المصري فقط ، ام انها بداية سُنة حميدة قد نشهدها في جميع الاستحقاقات النيابية الهامة مستقبلا  ؟؟!! من باب الترويح عن النفس البشرية ؟!

الاكثر دهشة من ” مكونات العصير الانتخابي نفسه ” هو قبول مذيعة بحجم ومكانة ومهنية نيكول تنوري على ان تكون “النادلة التي تقدم هذه الفخفخينا العاطبة” !! بلغة أبسط مايمكن ان توصف بها بانها شعبية مستفزة وغير مهنية على الاطلاق .

ولعل زملائي في الحقل الاعلامي التلفزيوني ، والاخباري خاصة يدركون جيدا ان مكانة ومهنية وتاريخ المذيع مرتبط بأهمية ومكانة البرنامج  أوالنشرة التي يقدمها ،، فهل معنى ان تقدم مذيعة أخبار من نجوم الصف الاخباري الاول في العالم العربي ” العصير الانتخابي ” هذا يعني أهمية الفقرة ومضمونها الغائب عنا مثلا ؟؟ أم انها تعتبر سقطة أخرى تُحسب على القناة في هذا الملف ؟!!

لما مثلا لم تقدم هذه العصير مذيعة اقل خبرة من نيكول ؟ او مذيعة اخرى شابة مبتدئة وهن كثيرات في العربية ؟!! لماذا لم تقدمه مذيعة مصرية مثلا من بين اثنتين فقط بالقناة هما ضحى الزهيري وإنجي القاضي ؟؟ مع العلم ان ضحى الزهيري تقدم فقرة لاستطلاعات رأي الشارع المصري داخل “العصير الانتخابي” !؟  فهل كانت تحتاخ فخفخينا الانتخابات المصرية لخبرة وتاريخ نيكول تنوري رغم انها مجرد قارئة لما اُعـِد لها مسبقا حتى في ” الإفيهات ” !!؟؟

أنا كمشاهدة وكصحفية تلفزيونية متخصصة في محتوى الإعلام الإخباري، لم أجد نوعا من المهنية في عصير الانتخابات الذي قدمته لي العربية الحدث ،، وجدت نفسي وكانني أمام احدى برامج قناة الجزيرة القطرية ولكن بنبرة أقل حدة ،،،، وجدت نفسي اتابع مادة بلا مضمون إخباري جاد او حتى خفيف ذي قيمة ، لم أجد للاسف سوى نصاً ركيكا يستخدم مفردات شعبية ولغة عامية دارجة في برنامج ساخر ومُسف  يسخر من السياسة المصرية في انتخاباتها البرلمانية بشكل مثير للاستفزاز والدهشة معا ، برنامج خالي من الاخبار ومستوى تقديم غير محترف او مقبول شكلا وموضوعا من مذيعة لطالما احتلت الصدارة وتربعت لسنوات على عرش القمة في احتراف عالم التقديم الاخباري  كل هذه التوليفة الممجوجة تابعتها على شاشة قناة اخبارية استطاعت منذ بزوغها ان تتميز وتنافس باحترامها للمهنية في الطرح اضافة الى احترامها لمشاهديها  ……

فما الذي حدث للحدث ؟؟!!!

اقـرأ أيـضـًا:

عادل إمام يحرج مراسل قناة المحور على الهواء

الإعلام المصري في قضية الطائرة الروسية.. شاهد مشافش حاجة

8 حقائق في حب “الفرنجة”

إنجي أنور.. “البيت مش بيتك”

انسحاب ضيف الإبراشي على الهواء: قلة أدب

4 فروق بين “تامر روتانا” و”أمين الحياة”

هشام المياني يحقق: هل كان “هيكل” وراء القبض على “صلاح دياب”؟ 

 .

تابعونا علي تويتر من هنا

تابعونا علي الفيس بوك من هنا