مازلت أذكر ما حدث منذ عدة أعوام..حينما حاول أحد “الجهاديين”المنتمين إلى تنظيم القاعدة الصعود على احدى الطائرات المتجهة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، و هو يحمل متفجرات داخل حذائه الذي يرتديه.. لقد تم كشفه بالصدفة البحتة وقتها فلم يتمكن من تنفيذ مخططه بتفجير الطائرة .. و لكن محاولته لم تذهب هباء.. فقد كان ثمنها أن أصبحنا ننزع الحذاء عند التفتيش في مطارات الولايات المتحدة الامريكية .. من وقتها و حتي الآن!!
الأمر لم يختلف كثيراً بعدها.. فقد كان الثمن لمحاولة حرق جريدة شارلي إيبدو الفرنسية منذ عدة أشهر هو المئات من حالات التحرش ضد المحجبات في أوروبا بالكامل.. أذكر ما ذكره صديقي الذي يعيش في المانيا كيف أن زوجته أصبحت تخشى ركوب المترو لشهور!..بل و كيف أنهم قد توقفوا عن الذهاب إلى ذلك المسجد الصغير الذي يقع في نهاية البلدة التي يعيشون فيها هناك.. بعد تهديدات متعددة بحرقه من متطرفين المان!
التطرف يؤدي إلى تطرف مضاد.. إنها تلك الحقيقة التي يعرفها الجميع.. إلا ذلك الجهادي الذي يظن أنه ينفذ مهمة مقدسة!..والشاهد أنه في كل مرة يحاول أحدهم أن ينفذ عملا إرهابيا في اوروبا أو امريكا بزعم محاربته للكفر و نصرة الإسلام.. لا ينتهي الأمر إلا بالمزيد من الإضطهاد للمسلمين و للأسلام أنفسهم..و في كل مكان!.
هذه المرة ايضاً لن ننتظر طويلاً.. فما حدث في باريس منذ أيام قليلة لن يمر مرور الكرام.. ستسمع قريباً عن ذلك العربي الذي يعيش في إحدى الدول الأوروبية .. والذي عثروا عليه مضرجاً في دمائه بعد أن تعرض للاعتداء من بعض الحمقى ليلا..!
أو عن تلك المحجبة التي تقطن إحدى الولايات الأمريكية..والتي نزع البعض حجابها من على رأسها داخل إحدي الحافلات و هم يسبوها بأبشع أنواع السباب!.. و ربما يصل الأمر أن تقرأ عن “مروة الشربيني” أخرى في مكان ما..هل مازال البعض يذكرها؟!
إنه الوجه القبيح لنا الذي يصر البعض على تصديره للعالم الغربي.. و الصورة المغلوطة التي اصبحت تربط بين دين يدعو للسلام و يتسم بالسماحة و بين كل ما هو عنيف و قاس في هذا العالم!
الطريف أن فضولاً شديداً ينتابني لأعرف كيف فكر ذلك العبقري الذي تمكن من محو كل بواقي الحضارة من رأس شاب متعلم عصري ،.. و أقنعه أن يطيل ذقنه بصورة غير مهذبة.. و يكفر المجتمع كاملاً.. ثم يتطور الأمر لينضم إلي تنظيم القاعدة أو أحد مشتقاته مثل داعش…ليبدأ في حمل السلاح و قتل مدنيين دون أن يطرف له جفن.. و هو مقتنع إقتناعاً كاملاً أن إزهاق تلك الأرواح ليس أكثر من وسيلة للتقرب إلى الله!!
لا أعرف كيف يفكرون .. بل ولا أعرف أيضاً ماذا سيستفيد من قتله لمدني في مسرح أو حتى في حانة.. فقط يبدو أنها شريعتهم التي أقنعوه بها.. أو هى لعبة للحصول على مكسب سياسي ما على أنقاض دماء يقر ديننا الحنيف أنها حرام بكل الاشكال..ولكل الأجناس و الألوان!
سوف تدفع الجاليات الإسلامية في العالم أجمع ثمن ما فعله هؤلاء المرتزقة في باريس كالعادة.. و سوف يخرج علينا الإعلام الغربي بحملات قاسية من الإهانة للعرب و المسلمين .. كالعادة ايضا!! في ظل غياب كامل للخارجيات العربية و الإسلامية .. و في ظل تغييب عجيب للإعلام العربي..الذي ينبغي أن يعمل علي تغيير صورة الإسلام في أعين الغرب!
لن ينسي العالم الغربي حادث باريس بسهولة.. كما لم ينس ما قبله من حوادث .. و لن يتوقف ذلك العبقري عن التقرب إلى الله بإزهاق الأرواح .. و لن أتوقف عن صب لعناتي عليه..كلما نزعت حذائي في مطار ما!!