صحيفة الصن تتلاعب في استطلاع رأي لمهاجمة المسلمين في بريطانيا
محمد سلطان محمود
تعرضت صحيفة الصن البريطانية اليوم لحملة هجوم شرسة عبر مواقع التواصل الإجتماعى بعد إثارتها الجدل في تقرير نشرته اليوم إدعت فيه أن 1 من كل 5 مسلمين في بريطانيا يتعاطف مع تنظيم داعش الإرهابى، كما ان النسبة تقل لدى الشباب من 18 الي 34 سنة لتُصبح 1 من كل 4 أشخاص.
و نشرت الصحيفة المملوكة لرجل الأعمال الأمريكي روبيرت ميردوخ ، تلك النسب بناء علي إستطلاع رأى اجرته بعد أحداث الهجمات الإرهابية التي وقعت في العاصمة الفرنسية باريس في الثالث عشر من الشهر الجاري.
و كان سؤال استطلاع الرأى هو “ما هو شعورك تجاه شباب المسلمين الذين يغادروا بريطانيا للإنضمام إلي المقاتلين في سوريا؟” مع الاختيار بين 4 إجابات هى ( كثير من التعاطف – بعض التعاطف – لا أتعاطف – لا أعلم) ، و جاءت النتائج (5% كثير من التعاطف -14% بعض التعاطف – 71% لا اتعاطف – 10% لا أعلم).
ونشرت الصحيفة تعقيب لأحد ممثلي حزب العمال و يدعي صادق خان، قال إن بريطانيا تحتاج إلي إخراج رأسها من الرمال و مواجهة التطرف في أراضيها، مكافحة الإرهاب هي تحدى للجميع، لكن علي المسلمين البريطانيين ان يكون لهم دور مميز في ذلك.
وذكرت الصحيفة ان أغلبية مسلمي بريطانيا البالغ عددهم 2.7 مليون مواطن معتدلون، لكن 38% ممن شملهم إستطلاع الرأى لا يدينوا الأعمال الإرهابية لتنظيم داعش.
وعلق “عمر العبدون” من الاتحاد البريطاني للمسلمين علي تلك النقطة قائلًا أن المسلمين عندما يدينوا تلك الأفعال، فهي طريقة غير مباشرة للقول انهم يتحملوا المسئولية عن تلك المشكلة بالرغم من أن المسلمون لا علاقة لهم بذلك، فهم –داعش- لا يمثلوا الإسلام.
ثم ذكرت الصحيفة ان النسب تراجعت عن ما ورد في إستطلاع رأى سابق نشرته شبكة سكاي الإخبارية في شهر مارس الماضي يفيد تعاطف 28% من المسلمين في بريطانيا مع التنظيم الإرهابي.
استطلاع رأى صحيفة الصن اعتمد على شركة إستطلاعات رأي أجرت الاستفتاء عبر الهاتف مع عينة عشوائية شملت 1003 شخص، و بسبب التقرير نالت الصحيفة وابل من الانتقادات عبر وسائل الإعلام.
فذكرت صحيفة الإندبندنت أن الصن تلاعبت في إستطلاع الرأى عبر طرحها سؤال غير صريح بإستخدامها كلمة “المقاتلين في سوريا”، دون إشارة إلى من تقصدهم بتلك الجملة، فليس بالضرورة أن من يسافر إلى سوريا ينضم إلى صفوف داعش، مثل هؤلاء الذين ينضموا إلى صفوف الأكراد لمحاربة داعش، و هم يتلقوا دعم إعلامي إيجابي، و يلقبهم إعلام الدولة بالأبطال خاصة بعد إذاعة فيلم وثائقي عبر القناة الرابعة البريطانيه عنهم في سبتمبر الماضي، و التعبير الغير صريح في سؤال صحيفة الصن قد يؤدي إلى فهم أن هؤلاء هم المقصودون بالسؤال.
ثم أشارت الإندبندنت إلي وجود عيبان أخران في اختيارات الأجابة على إستطلاع رأى الصن، الأول هم استخدام كلمة “التعاطف” بما تحمله من عدم دقة، إذ أنه ليس بالضرورة تعاطف بمعني الدعم التام، بل قد يكون تعاطف مع شخص يقوم بشيء خاطيء بداعي الشعور بالحزن تجاهه.
أما العيب الثانى فهو إتاحة الاختيار بين “كثير من التعاطف” و “بعض التعاطف”، بدلًا من أن يكون الاختيار بين “بعض” أو “عدم” التعاطف فقط، فتوسيع دائرة الشعور بالتعاطف أدى إلى تضخم نتيجة المتعاطفين في استطلاع الرأي، كما تساءلت الإندبندنت عن إمكانية إجراء إستطلاع الرأى مع 1000 مسلم بريطانى، و أشارت ان طرح نفس السؤال علي غير المسلمين في بريطانيا سيؤدى إلى نفس النتيجة، حيث نشرت شبكة سكاى الإخبارية إستطلاع رأى أجرته في مارس الماضي جاء ضمن نتائجه إظهار 14% من البريطانيين بعض التعاطف مع داعش.
وعقبت الإندبندنت أن تقرير صحيفة الصن قد يؤدي إلي نتائج سلبية، حيث تصادف نشرها لتقرير يفيد إرتفاع جرائم الكراهية ضد المسلمين بنسبة 300% منذ أحداث باريس، حيث تعرض 115 شخص مسلم للكراهية ، اغلبهم فتيات و نساء في سن 14 – 45 سنة يرتدون الزى الإسلامي التقليدي.
بدورها انتقدت صحيفة الجارديان الاستطلاع الذي أجرته الصن، متسائلة عن مدى مقدرة شركة استطلاع الرأي الوصول إلي 1000 مسلم بريطاني عبر الهاتف، كما استنكرت اهتمام الصن بالأرقام الصغيرة دون الإشارة إلى ان 71% من المشاركين في استطلاع الرأى أظهروا عدم تعاطفهم، و اتفقت الجارديان مع الإندبندنت في كافة النقاط التي انتقدتها في السؤال المطروح.
و ذكر موقع روسيا اليوم في نسخته البريطانية نفس الملاحظات علي إستطلاع رأى الصن، مؤكدًا ان عدم دقة الصحيفة البريطانية يساهم في إنتشار حالة الإسلاموفوبيا التي أدت إلي زيادة جرائم الكراهية ضد المسلمين ، و التي زادت في الفترة من يوليو 2014 إلي يوليو 2015 بنسبة 70%، لكنها قفزت إلي 300% بعد الأحداث الإرهابية في باريس في الثالث عشر من الشهر الجارى، و أغلب مرتكبي تلك الجرائم رجال بيض في سن 15-35 سنة.