في أي حتة هـ تتكلم عن حاجة ليها علاقة بـ المزيكا من السبعينات وطالع، لازم يطلع لك هاني شنودة.
لما كتبت عن مشوار محمد منير، كان لازم أدخلها من باب هاني شنودة. لما كتبت عن المرحلة الأخيرة من مشوار عبد الحليم، كان لازم أحكي حكايته مع هاني شنودة، حتى عدوية دخلت له من زحمة بتاعة هاني شنودة، ولما نتكلم عن الفرق الغنائية اللي ظهرت أواخر الستينات، واستمرت السبعينات والتمانينات، جزء كبير من الكلام لازم يكون عن هاني شنودة، ومش ممكن نتكلم عن الموسيقى التصويرية في السينما، من غير ما نشوف تجربة هاني شنودة.
تنوع مشوار وأغاني شنودة من ناحية، وضخامة إنتاجه في الكاسيت من ناحية تانية، وارتباطه بـ “مود” معين في الغنا من ناحية تالتة، وناحية رابعة وخامسة وساتة، كل ده خلى تجربته السينما مش محل كلام ونقاش، مع إنه لو اكتفى بـ تاريخه السينمائي، هـ يفضل برضه علامة موسيقية مهمة.
أول أفلام شنودة كان “لا عزاء للسيدات”، 1979، علشان كده لما سألته عن مشواره مع السينما، قال لي: أنا دخلتها من الباب العالي، إكمنه يعني عمل أول فيلم ليه مع فاتن حمامة مرة واحدة.
اللي بـ أشوفه إن اهتمام عبد الحليم بـ هاني شنودة، وكلامه الكتير عنه، نقل الاهتمام بيه لـ الوسط كله، وما دام حليم مهتم، يبقى نجاة تغني له، وفايزة تغني له، وكل الجيل ده يجري وراه، وهو راجل بسيط بس معتز قوي بـ نفسه وتجربته، فـ كانت الحاجات تيجي له، وهو ما يروحلهاش.
لما دخل شنودة السينما، كان من أوائل الناس اللي اهتموا بـ “ترجمة” المشاهد، والبحث عن المعنى، يعني الفكرة مش إنه يعمل مزيكا حلوة وخلاص، ودي حاجة لـ حد دلوقتي معظم الناس بـ تقع فيها، تلاقي جملة المزيكا “حلوة”، بس وبعدين؟ مش حاسس “المعنى” اللي ورا المشهد.
شنودة من الناس اللي بـ تعرف تعمل “معاني” بـ المزيكا، يعني الجملة دي سؤال، تحس إن في نهايتها فيه علامة استفهام، الجملة دي إجابة مقفولة، الجملة دي إجابة مفتوحة، الجملة دي احتفاء، احتفال، بـ اختصار الجملة عنده بـ “تقول”.
شنودة اشتغل في التمانينات والتسعينات أفلام صعب حصر عددها، هو بـ يقول 600 عمل، بس دي مبالغة أكيد، اللي قدرت أحصرهم حاجة وتسعين فيلم، لكن حتى لو خمسين ده رقم خرافي، ثم إن الحكاية مش بـ الأرقام، وأهم الأفلام اللي اشتغلها: “شمس الزناتي” و”المشبوه” و”امرأة واحدة لا تكفي” و”غريب في بيتي”.
خلينا في فيلمنا ” غريب في بيتي”، ومش هـ نتكلم عن كل الفيلم، هـ نشوف بس المشهد الأول اللي بـ يبدأ مع التترات، ونسمع أكتر من جملة موسيقية في المشهد الواحد، كل واحدة بـ حالتها.
أولا، القطر داخل المحطة، فـ إحنا بـ نسمع مزيكا غربي سريعة، أقرب لـ موسيقى البرامج الرياضية، وهنا مش مصدرها بس إن البطل لاعب كورة، لكن كمان لـ نقل حالة التنافسية اللي بـ تميز عالم الرياضة، لـ المدينة اللي إحنا داخلينها.
أول ما يظهر شحاتة أبو كف، بـ نروح لـ مزيكا تانية خالص، زفة بلدي بـ المزمار، وكـ إن القاهرة بـ تستقبل العريس الوافد، ومع إنها زفة، بس جملة المزيكا ما تعرفش إن كانت زفة فرح، ولا زفة سخرية، ما تعرفش إن كان “العريس” رايح يتجوز ولا رايح يتطاهر.
لما يطلع شحاتة من محطة مصر لـ الشارع، بـ نشوف مشاهد من الزحمة والأتوبيسات، ومع إن شنودة عنده أصلا تيمة ناجحة اسمه زحمة، وممكن يستخدمها عادي، زي ما مزيكاتية كتير عملوا، لكنه بـ يفضل يرجع لـ الجملة الأولى التنافسية، مع زخم أكتر في الآلات، وإيقاع أسرع كتير.
تسكت المزيكا مع الحوار بين عفاف وصاحبتها “نبيلة السيد” ويأجل تقديم عفاف لـ المشهد اللي بعده، اللي بـ تنزل فيه من الهلال الأحمر، فـ يعمل لها جملة مخصوص في ثواني معدودة، لـ حد ما يقفل كل ده بـ ما يشبه جرس الإنذار، اللي هـ ينقلنا لـ بداية نزاع عفاف مع شحاتة.
الله