أن تكون متميزاً فتلك معضلة تلح على كل ذي عقل ممن يؤمنون بالتقدم ويتمادى بهم الأمر إلى الافراط في نقد الذات، بل وجلدها بسياط عدم الرضى عن النفس، والنفس هنا تشمل الشخص ومجتمعه الصغير ودوائر مجتمعه الأكبر فالأكبر حتى تشمل دولته بأكملها. نتحدث هنا عن من يظهرون لنا كفقاعات ولا تلبث أن تتلاشى ولا يبقى لها أثر، لأنها فقاعات تنتج عن أفكار رفض الذات وما يحتويها. كل أشكال الرفض التي نراها لثقافة شعب وطريقته في التعاطي مع الأمور ما هي إلا رفض للذات وتمرد على الواقع وبحث عن التمييز أياً كانت نتائجه وتوابعه.
أن تنتقد ذات فهذا أمر جيد، بل مطلوب من حين إلى آخر حيث يجدر بالمرء التوقف أمام نفسه لمراجعة مواقفه وانفعالاته رغبةً منه في تقييم ومن ثم تصحيح المسار إن استوجب الأمر، أما الانتقاد بشكل دائم ورمي كل الاتهامات على المجتمع أو على من هم حولك فهذا اسقاط لما تقوم أنت به، وهو الدليل على فشلك في تقويم سلوكك ضمن منظومة مجتمعية متعددة الأطراف.
أن تكون متميزاً، ليس بالأمر الهين ولا بالعسير في آن، حيث يعتمد الأمر بنسبة كبيرة على إمكانياتك العقلية والجسدية وخبراتك وأشياء أخرى في تطويع تلك القدرات والمعارف لتكوين أمر ما، أمر يمكن تصنيفه بالتميز بالمقارنة بما يشابهه في نفس المجال أو في نفس الظروف.
أن تتميز بالاختلاف الدائم فهذا بحث عن الشهرة فقط لا أكثر وقد تأتي الشهرة أيضاً وقد تكون فقاعية بلا أثر ولا تدوم وتنتهي إلى حواري النسيان وخصوصاً عندما تكون غير مؤمن بموقفك في الاختلاف ولكنك تعلن اختلافك لتكون متميزاً أو منفرداً في تذوقك للأمور. لك أن تعرف أن التميز لا يأتي بمجرد الإدعاء وإنما بالتعرف على الموهبة الحقيقية الكامنة داخلك والعمل على صقلها وتنمية معارفك بها، ومن ثم إطلاق العنان لخزائن انفرادك بما أنت موهوب فيه ومتميز فيه بحق.
لاحظ أن المتميزون ممن تعرف لديهم شيء ما حقيقي يجيدونه ويستمتعون بفعله وإياً ما كان ما يجيدونه فهم يحبون ذلك فيقومون به بحب وبصبر على النتائج وعليه فيجب عليك أن تحب ما تعمل لأن “ماحدش لاقي شغل”.