كثر مننا ينادي بالتوقف عن التقليد الأعمى للغرب، وكم الأمهات المعترضة على عيد الرعب (الهالوين) لا يستهان به، وهن نفسهن الأمهات اللاتي تفنن في تحضير زي التنكر لأبناءهن، وهن اللاتي تسرعن بعدها وتكتبن على صفحاتهن عبارات الغضب والاعتراض في محاكاة الغرب (ربما لأنها أرهقت في تفننها في زي التنكر وتحضيره)!!!
واليوم استيقظت اتصفح الفيس بوك، فوجدت بوستات لكثير من الأصدقاء يتحدثون عن حدث جليل اليوم في مصر وهو ما يسمى (Black Friday) وبين مؤيد للحدث وآخر معارض له، وآخر لا يكترث للحدث (أمثالي) ، كانت النتيجة هي أن البلاك فرايدي هو محور اهتمامنا اليوم !! هل كان الفرايدي السابق أبيض زي الفل مثلاً؟! هل كانت أيامنا الأخيرة ملونة بألوان الطيف مثلاً فأغضبنا هذا الاسم؟! ولا أعلم لم سمي هذا اليوم بذلك الاسم؟!
اضطررت قبل أن اكتب المقال أن ابحث عن أصل الحدث ولم سمي بهذا الاسم، فعرفت أنه هو اليوم الذي يأتي مباشرة بعد عيد الشكر في الولايات المتحدة في نهاية شهر نوفمبر كل عام، ويعتبر هذا اليوم بداية موسم شراء هدايا عيد الميلاد، وتقوم معظم المتاجر بتقديم عروضات وخصومات عظيمة تصل إلى ٨٠٪ !!
المهم لكي لا نتوه في دوامة الجمعة الأسود هذا، والمناوشات على صفحات الفيس بوك من الأغلبية التي تعارض تقليد الغرب، فقد قررت أن اذهب الى واحد من كبرى مراكز التسوق في السادس من أكتوبر، وتوقعت من كثرة المعارضة والبوستات المستميتة في مقاطعة هذا اليوم، أقول توقعت أن لا أجد إقبالاً من الناس التي تعارض هذا اليوم للحفاظ على تراثنا من تدخلات الغرب المغرضة على حضاراتنا، ولكن ما حدث هو العكس تماماً!! اقبال جماهيري وتجمعات لا نشهدها إلا في أعياد الفطر والأضحى وربما أكثر، فتذكرت نفس ما حدث في عيد الهالوين وما نفعله فعلياً بعيداً عن صفحات تواصلنا الاجتماعي!! (على قول سعيد صالح: طبق الأصل العلقة اللي فاتت)
أعلنت كبرى محلات الماركات العالمية خصومات كبيرة اليوم، حالها حال فروعها الرئيسة في الغرب، وقد وضع بعضها عبارات صغيرة في البوابة صورتها لحضراتكم (وكانت باللون الأسود معلنة عن خصم البلاك فرايدي) فلم تلق الإقبال المطلوب رغم عروضها الممتازة، فشعبنا مغرم باليافطات الحمراء، ولا يزغلل عينه سوى كلمة (خصومات هائلة، big sale) على نظام قرررررب يا جدع قرررررررب!
هذه اليافطات الحمراء التي ملأت كثيراً من المحلات الأخرى ومعظم محلات الانتاج المحلي، كانت الأوفر حظاً، هؤلاء الذين فهموا دماغ الشعب المصري، وقد كسبوا الرهان بجدارة رغم أن خصوماتهم في الحقيقة لم تتجاوز ٢٥٪ بل وكان كثير منها في تلك المحلات المكتظة على المنتجات الصيفية القديمة!!
انتظر عودتي الى المنزل لأتصفح صفحتي واتابع غضب صديقاتي من هذا اليوم ولكن بعد ان تفرزن وتفرغن أكياسهن مما اشترين اليوم في عروضات البلاك فرايدي!! يجعل أيامكم كلها سعادة.