نقلاً عن مجلة “7 أيام”
أكتب عن إيه الأسبوع دة؟ السؤال الصعب الذي يطارد أي كاتب حتى لو كان مقاله شهريا وليس يوميا أو أسبوعيا، تزيد الصعوبة عندما يرتبط الأمر بمجال محدد، فالمفترض أن “أهل الميديا” مساحة مخصصة لقضايا الإعلام المصري، ولو كنت عزيزي القارئ لا تتابع هذا المقال أسبوعيا، فأصارحك بأن قضايا عدة تكررت، انفلات على الشاشة، سوء إدارة لأزمات محلية ودولية، فشل في مخاطبة الرأي العام العالمي وتبجح في التعامل مع الرأي العام المحلي، كتبت كثيرا عن كل هذا، وأمامي اليوم المزيد من الأمثلة، خناقة رئيس التحرير الشهير مع الإعلامي الأشهر عبر مداخلة هاتفية عنف فيها الإعلامي زميله لأنه انتقد أداء الشرطة في حادث الهجوم على فندق القضاة بالعريش في اليوم التالي لانتهاء الجولة الأولى من المرحلة الثانية للانتخابات البرلمانية، ما رأيكم في أن أربط هذه الواقعة، بخناقة الإعلامي والمنتج السينمائي التي تضمنت لفظا قبيحا على الهواء مباشرة، ويمكنني البحث عن مواقف أخرى حدثت في نفس الشهر لأنتقد من خلالها كثرة “الأصوات القبيحة” التي باتت تطارد الناس عبر كل الشاشات تقريبا .
هذا هو الخيار الأول، أما الخيار الثاني فيمكن أن أضعه هنا تحت عنوان “البحث عن سر نجاح أحلى صوت” أي برنامج The Voice الذي تعرض قناة mbc موسمه الثالث حاليا وسعدت بحضور احدى حلقاته على الهواء مباشرة قبل أيام في بيروت، لن أنتظر رأيكم في أيا من الخيارين أتبع، أعرف أنكم مللتم من الأصوات المزعجة ويهمنى أن ألخص لكم لماذا ينجح الأخرون في هذه النوعية من البرامج، وطبعا ستعرفون تلقائيا لماذا لم تستقبل ستديوهات مصر برامج من هذا النوع، حتى تلك التي يكون مقدمها وضيوفها مصريين يتم تصويرها خارج حدود المحروسة .
السبب الرئيسي لنجاح هذا البرنامج هو أن مخلص لاسمه، “أحلى صوت” بالتالي فإن الأصوات يتم اختيارها بعناية منذ التصفيات الأولى، ولا مجال لاختيار بعض المتسابقين من أجل السخرية منهم وحتى تطردهم لجنة التحكيم، بالتالي ينجح البرنامج منذ البداية في جذب “السميعة” حتى هؤلاء غير المؤمنين ببرامج اكتشاف المواهب – وأنا منهم- والذين يعلمون أن معظم المتوجين لن يعرفوا طريق النجومية بسهولة، لكن على الأقل نضمن الاستماع لأغنيات جيدة طوال الحلقات، يضاف لذلك غياب “النفسنة” بين أعضاء لجنة التحكيم وهو أمر نادر في هذه النوعية من البرامج، وحتى “شطحات” شيرين تخصها لوحدها، دون أن تدخل في معارك مع الثلاثي كاظم وصابر وعاصي، وفيما يخص اتهام شيرين بالإنحياز ضد المصريين، انحاز عاصي الحلاني ضد مشترك لبناني واختار المتسابقة المصرية، وأعترف أنني تابعت الحلقة من الاستديو وأنا لا أعرف معظم جنسيات المتسابقين فعلا، ويبدو أننا كعرب نحتاج للتدرب على نسيان قصة الجنسيات هذه تماما، ونتوقف عن الإشارة لجنسيات المشتركين في أي سباق لعل حالتنا النفسية تتحسن ونتذكر أن الخطر القادم علينا من جنسيات العالم كله ماعدا الجنسيات العربية التي نتفنن في إثارة نعرات التفرقة بسببها وهو ما لا يحدث في “أحلى صوت” .
يضاف إلى كل ما سبق الاحترافية في استخدام السوشيال ميديا من أجل جذب المتابعين صغار السن، لدرجة تخصيص غرفة تحت عنوان V-Room لهذا الهدف يقدم تفاصيلها الممثل الشاب مؤمن نور، فيما أعطت أسرة البرنامج الثقة للمذيعة إيميه الصياح هذا الموسم بعد الاستغناء عن الممثل محمد كريم.
الاهتمام بالتفاصيل وبتدريب الأصوات المختارة بعناية، حماس كل مدرب من النجوم الأربعة لأولاده، أن تراهم في الكواليس يهتمون بمستوى المشتركين فعلا، كل هذا يفسر لماذا نجح “أحلى صوت” فيما أقصى طاقة للاستديوهات المصرية، محاور وعدة ضيوف وأخر على الخط يتشاجر مع المذيع الرئيسي، واستخدام السوشيال ميديا هنا تلقائي، فالجمهور يتساءل ويغضب ويتشكك في الموقف برمته ولا يرد عليه أحد، لا اعتذار ولا تراجع اللهم إلا إذا انسحب الرعاة ساعتها فقط تصمت الأصوات القبيحة، فيما الملايين انصرفت بالفعل لتتابع “أحلى صوت”.