لو كان مسكنك بجوار مستودع بنزين مرشح للاشتعال فى أى لحظة فليس أمامك سوى حل من اثنين: تنتقل من منزلك (تعزل)، أو تسعى لاحتواء هذا الخطر، إما بإغلاقه ونقله بعيدا عنك وعن أهل بيتك.. ولو لم تكن تملك رفاهية العزال، لأن المنزل الذى تقطنه لا بديل عنه، وقد ورثته عن أبيك الذى ورثه عن جدوده، وقيمته لا تقدر بمال، فعليك بحمايته بكل قواك حتى لو تعامل الكل معك على أنك مهووس ولا أساس لشكوكك ومخاوفك.
كلام عاقل ومنطقى طبعا ينطبق على مستوى مصر وجارتها ليبيا التى أصبحت مستودع بارود، وليس بوتاجاز، وملجأ للإرهابيين الأشرار وليس عمال تعبئة البوتاجاز الطيبين.. أصبحت ليبيا بعلم الغرب وتحت أنفه موطناً مختاراً لكل مغامر من أنحاء العالم يسعى لبلد لا يتعرض للقصف الغربى مثل سوريا، وحيث تتوافر فيه أماكن الاختباء فى الصحارى الواسعة والدروب غير المأهولة والحدود شبه المفتوحة على عدة دول عربية وأفريقية.
فى ليبيا قاموا بقطع رؤوس المدنيين العزل مرتين، ومنعوا وحرموا وحرقوا وصنعوا العبوات الناسفة والألغام المتفجرة.. ليبيا أصبحت معقل داعش الجديد.. وفى الوقت الذى لا تجد مقاتلات وقاذفات الغرب أهدافاً لضربها فى سوريا وتتزايد أعداد الدول والطائرات المشاركة فى ضرب لا شىء ويتركون ليبيا مرتعاً للمجرمين رغم تحذيرات استخباراتهم من أن تكون ليبيا قاعدة بديلة لداعش، حيث قال مسؤول بوكالة الاستخبارات العسكرية الأمريكية إن ليبيا هى الميدان والمحور الذى ينطلقون منه إلى أنحاء شمال أفريقيا.
أسسوا تواجداً قوياً فى سرت، مسقط رأس معمر القذافى، وأعلنوا بجرأة أن سرت الليبية هى الرقة السورية، عاصمتهم فى الشام، وأصبح لديهم نظام تعليمى وقضائى خاص بهم وشرطة يسمونها الشرطة الإسلامية. ولن يكتفى هؤلاء بما لديهم ولكنهم سيتحركون شرقاً نحو منطقة غنية بالبترول تعرف بـ«هلال النفط» وأجدابيا التى ستعطيهم موارد وإيرادات هائلة لتصبح قاعدة عمليات شمال أفريقيا.
الإرهابيون الأوروبيون منجذبون لليبيا فهى «تورا بورا» الجديدة للوصول إلى سواحل أوروبا للهجوم عليها.. ولكن أوروبا ليست الحلقة الأضعف، فمصر وتونس والجزائر أولاً وتشاد ودول أفريقية أخرى أقرب إليهم وأيسر فى الوصول إليها براً، والقيام بعمليات تعزز من صورتهم أمام العالم وتجذب إليهم آلاف المهاويس أو من يجوز تسميتهم «المجاذيب»، فيتزايد عددهم وينتشرون ويتوغلون (على رأى الإعلان القديم عن الحشرات الزاحفة)، وهو تشبيه ليس فيه إساءة لأنهم يسعون للزحف المقدس على بلاد المسلمين وليس على القدس.
إذا كان الأوروبيون يؤمنون بالأوطان البديلة كإسرائيل فى فلسطين، وفلسطين فى مصر، إذاً فهم على استعداد لينتقلوا إلى أوطان بديلة (يعزلوا) ويبتعدوا عن مستودع الخراب بجوار ديارهم وهذا رأيهم وحقهم.. ولكن حقنا نحن أن نتمسك ببيت أبينا الذى ورثه عن الأجداد فنغلق المستودع ونطهر المكان حتى يصير محيط بيت أبينا (مصر) أمنا، لأننا نرفض مبدأ الوطن البديل والوطن المقهور والسكن فى معسكرات لاجئين.
كان الغرب مستاء من الضربة التى وجهها سلاح الجو المصرى لمتوحشى داعش فى ليبيا عقب ذبحهم المصريين العزل على شاطئ ليبيا، وعلينا ألا نعير استياءهم أى انتباه. ومن أراد الانضمام إلينا لتأمين محيطنا (من كل الجوانب) فأهلاً به أو ليصمت إلى الأبد.. لابد للدبلوماسية المصرية أن تهيئ الأجواء لقرب حدوث ضربات مماثلة لأننا لن ننتظر أن يذبحوا المصريين غداً داخل أراضينا فنأتى برد فعل.
عليهم أن يعلموا أن بيت أبينا مقدس لدينا ولن نبرحه ولن نصبر على جار السوء ليرحل أو تأتى مصيبة تأخذه، لأن المصيبة التى ستأخذه يجب أن تكون بأيدينا نحن المصريين.
نقلًا عن جريدة “المصري اليوم”