هيثم محمد يكتب: خرجنا من الأولمبياد.. لأننا مصريين!

كنت في غاية السعادة والحزن في آن واحد وانا اتلقى خبر خسارة المنتخب الاولمبي في مباراته ضد مالي. وطالعت عناوين الصحف الالكترونية التى عنونت ان موعدنا القادم في محاولة التأهل للبطولة الاوليمبية ستكون سنة 2020 في بلاد الساموراي الياباني.

هذا الحزن الذي شعرت به على ما وصلت اليه الامور في بلدي من فساد أدى إلى تدهور في كل مناحي الحياة حتى في الرياضة التى هي كانت أحد أسباب إسعاد الناس في بلد لم يذق فرحة كشعوره بنشوة هدف اُحرز في مرمى الخصم.

أما السعادة التى غمرتني بسبب الخسارة كانت لرؤيتي انهيار لفشل اتحاد الكرة متمثلاً في فريق مصر الاوليمبي ، كيف لكم ان تتأهلوا الي بطولة دون التحضير لها … ولا اقصد التحضير ما قبل البطولة بأيام او بشهور. التحضير لبطولة هو هدف … التحضير لحلم هو عمل … التحضير لنجاح هو السير وفق خطط مستقبلية.

الاتحاد الالماني لكرة القدم منذ ان حصل على كأس العالم سنة 1990 ومنتخبهم ينافس على مقعد من الاربعة الاوائل في كل البطولات القارية الاوروبية والعالمية الي ان حصل على كأس العالم مرة اخرى سنة 2014.

ولا عزاء للمسئولين عن المنتخب الذين يختلقون اعذار الهزيمة قبل حتى خوض اللقاء … منذ ان قمت بتشجيع كرة القدم في صغري وانا اسمع جُمل من نوعية .. “الرطوبة صعبة أدت الي الخسارة”، “الجو حار” ، “ارضية الملعب سيئة” وآلاف الحجج والتملصات.

أسباب الخسائر المتتالية تكمن في العقلية الرياضية المصرية التى لا تسمن ولا تغني من جوع الفرحة التى يتمناها كل مشجع للكرة في مصر.

حتى على صعيد الاندية في أوروبا والدول المتقدمة تتعاقد الأندية مع المدربين على اُسس علمية ومهنية عظيمة. فكل نادٍ لديه مجموعة من الكشافين (scouts) المتابعين للمديرين الفنيين حول العالم يقومون بتقديم تقارير وترشيحات لكل مدرب يطرح اسمه لتولي الادارة الفنية لفريق كرة القدم.

حال استقرار مجلس ادارة النادي يقوموا بالتفاوض مع المدرب على اسس ايضاً …

يحدد النادي عدة اهداف يريد تحقيقها من خلال المدرب ومن خلال الامكانيات المادية المتاحة للفريق في كل موسم … فمثلاً يكون الهدف من الموسم هو انهاء الدوري المحلي في احد المراكز المؤهلة لبطولة الدوري الاوروبي (Europa league)  ليتمكن الفريق من المشاركة فيها العام المقبل.

تعرض التوقعات على المدرب فيطلب المدرب على هذا الاساس السٌبل التى تساعده على النجاح وهي ادوات عمله والتى تتمثل في تعاقد النادي مع لاعبيين في عدة مراكز مثلا او اقامة معسكرات تدريبية في اماكن معينة او جلب مساعدين ومدربين جدد للفريق او اشياء اخرى.

يبدأ المدرب موسمه مع الفريق بقائمة من الاهداف المطلوب تحقيقها وهو ما يطلق عليه اسم (objectives). قد يتعرض الفريق رغم ما توفر للمدرب من امكانيات الي نتائج سيئة او خسائر متتالية في بطولة الدوري المحلي فلا تتم اقالة المدربين من قبل ادارة النادي فوراً او يقوم هو بتقديم استقالته بعد ثلاث او اربع مباريات.

دعونا نستعرض مثاليين مختلفين من بلدين مختلفين … اولهما هو المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو مدرب نادي تشيلسي الانجليزي الذي عاد الي تدريب الفريق مطلع السنة الماضية وحقق معه بطولة الدوري الانجليزي الممتاز. في الموسم الحالي يتعرض نادي تشيلسي اللندني الي هزائم متتالية منذ انطلاق الدوري مما جعل الفريق البطل للموسم المنصرم من الفرق التى تتذيل ترتيب اقوى دوري في العالم.

وبالرغم من ذلك فـ”مورينيو” الملقب بـ”سبيشيال وان” لم تتم اقالته من قبل ادارة النادي لسوء النتائج رغم انطلاق الدوري منذ قرابة الثلاث اشهر.

اما المثال الاخر فهو المدرب الالماني “يورجين كلوب” المدرب السابق لفريق بروسيا دورتموند الالماني والمدير الفني الحالي لنادي ليفربول الانجليزي. “كلوب” قدم مع دورتموند اقوى عروض اوروبية ومحلية وصنع من الفريق الاصفر عملاقاً حقق مع لقب الدوري الالماني “البوندزليجا” عدة مرات.

الى ان قدم بروسيا دورتموند عروضاً باهته في احد المواسم مع “كلوب” وقد تذيل ترتيب الدوري الالماني طوال الدور الاول من البطولة الالمانية وكان الفريق معرض للهبوط الي دوري الدرجة الثانية الالمانية الان ان ادارة النادي لم تقل “كلوب” بل دعمته حتى تحسن اداء الفريق وانهى الدوري في احد مراكز منتصف الترتيب لجدول الدوري.

اما في الدوري المصري فتتعاقد ادارات الاندية المختلفة مع المدربين –في اغلب الاحيان- بدون دراسه مسبقة .. ولا توجد اي طموحات واضحة لكل فريق. وفور حدوث اي خلل في نتائج الفريق اول ما تفكر فيه ادارة النادي هو اقالة المدرب او يفكر هو بالاستقالة منعاً للحرج.

تحاول الاندية المصرية حفظ ماء الوجه فقط بحل مشكلة سوء نتائج الفريق حتى تتفادى شبح الهبوط وتبقى في الدوري للموسم التالي فقط. لا طموحات ولا رؤية ولا هدف ولا خطط ولا تخطيط.

اما النموذج المصري كان احمد حسام ميدو مدرب نادي الاسماعيلي بعد ان خرج علينا معلناً استقالته من تدريب الفريق بعد اول ثلاث جولات في الدوري المصري (ولكن لم تتم الاستقالة ويكمل ميدو مشواره مع الفريق حالياً).

ميدو الذي احترف في اوروبا قرابة الـ12 عام ولعب في دوريات انجلترا وهولندا وايطاليا واسبانيا وعايش الاحتراف الحقيقي والخطط المستقبلية لكل نادي لعب فيه ودرس احدث طرق التدريب لم يستطع ان يكمل تدريب الاسماعيلي بعد ثلاث جولات فقط حقق فيها انتصار وتعادل وهزيمة على الترتيب فما بالكم بمدربين لم يتلقوا العلم ولم يحترفوا في دوريات اوروبية ولا يملكون مهارات تدريبية اساساً سوى ان كل واحد فيهم كان لاعب جيد وليس بالضرورة انك كنت لاعب جيد ان تكون مدرب جيد.

لذا فإني اضع اول كلمة “لوم” على العقلية وطريقة التفكير المصرية التى لم تستطع ان تتغير رغم تعايشها مع النظام الاوروبي الموضوع على اسس علمية سليمة.

نحن كمصريين نحاول ان لا نواجه مشاكلنا مواجهة حقيقية فنبحث عن اول شماعة لتعليق التقصير او الاخطاء عليها. اذا حدث سوء في النتائج لفريق اول شئ تقوم به ادارة النادي هو اقالة المدرب بدون البحث عن السبب الحقيقي لسوء النتائج لان في الغالب المدرب الجديد لا يضيف جديد مع الفريق فتكون النتيجة هو هبوط الفريق الي الدرجة الثانية او البقاء في الدوري بشق الانفس.

الحقيقة ان المشكلة في الـ Egyptian mentality والـ Egyptians society  سوياً.

للتواصل مع الكاتب  عبر الفيسبوك

اقـرأ أيـضـًا:

هيثم محمد يكتب: قبل الشروع في النووي يا سيادة الرئيس

هيثم محمد يكتب: سياسة ساخرة .. جمهور حقيقي

تصريحات عنيفة ضد السيسي من رئيس نادي الزمالك

كيف ظهر “حساسين” على BBC؟

17 تصريحاً من حفل توقيع “إذاعة الأغاني” لعمر طاهر

قُبلة تُحرج شيماء صابر على الهواء

فضل شاكر يتكلم من مخبأه في لبنان  

لماذا “ليالي الحلمية” و ليس “ليالي المطرية” ؟

 .

تابعونا علي تويتر من هنا

تابعونا علي الفيس بوك من هنا