من المؤكد أنك تعرف جيداً من هو محمد محيي.. سواء أحببته وأحببت أغانيه أو لم يكن مطربك المفضل يوماً فأنت تعرفه جيداً.. سواء كنت واحداً ممن سخروا منه كثيراً على السوشيال ميديا مؤخراً أو لم تفعل فأنت تعرفه جيداً.. وسواء نظرت لذلك الأمر على أنه فكاهي ولطيف أو رأيت فيه إهانة وتجريح لشخص لا يستحق ذلك فأنت تعرفه جيداً.. تعرف اسمه وشكله وأغانيه أو بعضها.. تعرف كل ذلك جيداً.. لكن دعني أصارحك بشيء أنت على الأرجح لا تعرف من هو محمد محيي ولا تعرف أنه بالنسبة لجيل كامل ليس مجرد مطرب عادي أو نجم يحبونه.. هذا المقال مجرد محاولة بسيطة للتعريف بمن هو محمد محيي وأتمنى أن تجاوب في آخره على هذا السؤال.. هل كنت تعرف حقاً من هو محمد محيي؟
1- شكله مش حلو وقصير.. في الوقت التي كانت الوسامة فيه بالنسبة للمطرب لا تقل أهمية عن جودة صوته أو موهبته.. ظهر محيي وهو لا يحمل حتى الحد الأدنى من مقومات النجم “الجان”
2- حتى صوته كان غريباً جداً وغير مألوف وقتها.. تقريباً المطرب الوحيد في العالم اللي طول ما هو بيغني هتحس انه بيعيط.
3- حاجة واحدة بس هي اللي ممكن تخلي مطرب شكله مش حلو وصوته غريب ينجح النجاح ده كله، ويترك كل هذا التأثير في وجدان جيل كامل، حاجة تقريباً محيي مكانش بيملك غيرها ولا بيملك غير أنه يراهن عليها وهي الصدق.. صدق الحالة الفنية المختلفة اللي كان بيوصلهالنا بإحساس فريد من نوعه.. محيي مكانش بيكدب علينا عشان كدة صدقناه من أول لحظة.
4- البساطة.. ده واحد جاي يغني وبس لا أكثر ولا أقل.. لو تأملت مشواره على مدار ربع قرن هتكتشف أنه فعلاً معملش أي حاجة غير انه يغني، يغني وبس.
5- في الوقت اللي كنا بنبص فيه لعمرو دياب ومحمد فؤاد – وغيرهم – بنظرة انبهار وبنتعامل معاهم على أنهم نجوم.. نجوم بمعنى الكلمة.. ومهما كانت درجة عشقنا ليهم وارتباطنا بيهم.. فاحنا دايماً شايفينهم من بعيد أو شايفينهم بعيد.. لأنهم نجوم في السما واحنا على الأرض.. لكن عمرنا ما بصينا لمحمد محيي على إنه نجم أبداً .. ولا اتعاملنا معاه من هذا المنطلق.. محيي كان في مكانة خاصة جداً وحميمية جداً.. محيي كان صاحبنا.. صاحبنا الانتيم اللى عرف يعبر عن تفاصيل شديدة الخصوصية فى حياتنا .. صاحبنا اللى مهما بيغيب بيفضل مكانه موجود وفاضي ومحدش غيره بيعرف يملاه.. يمكن كنا بنشوف حياتنا وأحلامنا من منظور واحد زي عمرو دياب.. لكن ماكناش بنعرف نشوف نفسنا غير في مراية محمد محيي.
6- في الوقت اللي عمرو دياب كان بيغنيلنا عن (أجمل عيون في الكون) في عز مجده القديم – وفؤاد بيشرح نظرية الحب الحقيقي اللي (بيعيش يا حبيبيي) بعد ما تحول لأيقونة حقيقية – كان محيي صاحبنا اللي بيقعد معانا على السلم أو في الشارع قدام البيت.. يحكيلنا ويفضفض معانا عن اخته الصغيرة اللي (شافتني وشفتها صدفة وكانت مواعدة؛ مواعدة حبها في شارع الهوى)
7- ولأنه كان صاحب مخلص.. فكان شيء طبيعي جداً انه يكون أول واحد ينبهنا أن (الخوازيق) أحيانا مبتجيش غير من الصحاب (صاحبي اللي بتحبيه أنا أدرى منك بيه.. زي ما الغدر فيكي طبع الغدر فيه)
8- ده كان صاحبنا وشبهنا لدرجة انه مكانش بيبقى محتاج يبهرنا بلبسه (طلع في أكتر من كليب وهو لابس حملات) .. ولا أنه يتمنظر علينا (المطرب الوحيد اللي بوستر إحدى ألبوماته – صورة ودمعة – عبارة عن صورته وهو واقف جنب العجلة وساند عليها)
9- عمل (أندر جراوند) أو غنا بكلام مختلف في عز سطوة الأغنية التلقيدية.. كانت له أكثر من تجربة أشدهم وضوحاً أغنية (كل ما فيا).. كان بيفكر بره الصندوق قبل ما يبقى فيه صندوق من الأساس.
10- معندوش أي عقد نفسية تمنعه من إنه يعمل دويتو مع مطربة صاعدة في بداية مشوارها الفني.. مطربة تحولت فيما بعد إلى نجمة كبيرة جداً – شيرين – وقف جنبها وكان أول حد يقدمها للجمهور ومفكرش مثلاً إن أفضَل له يعمل دويتو مع حد أكتر منه شهرة عشان يستفيد من شعبيته وجمهوره.. لا هو مش بس مفكرش في كدة.. لأ ده كمان عمل العكس تماماً.
11- فيه مطربين بينزلوا ألبوم كل سنة أو أتنين.. وكل يوم والتاني طالعين في البرامج وملء السمع والإبصار طول الوقت.. وبرغم كدة واحد زى محيي بيغيب تماماً عن الساحة لسنوات طويلة.. اسمه وأغانيه عايشين مع الناس وفي الشارع أكتر منهم بمراحل.
12- بمقاييس النجومية والنجاح مفيش أي منطق في الدنيا يقول إنك ممكن تغيب عن جمهورك 6 أو 7 سنين وترجع تلاقيه لسه بيستناك أو فاكرك، أو ترجع تلاقيه لسه موجود من الأساس، لكن بمقاييس الصحاب الحقيقيين فأنت مهما غبت عن صحابك هترجع تلاقيهم مستنيينك.
13- حتى لما كبرنا وبدأنا نشوف الحياة على حقيقتها، وبدأت أحلامنا تتكسر على صخرة الواقع .. في عز إحباطتنا ولحظات ضعفنا ويأسنا محيي كان معانا برضه.. صاحبنا ولسان حالنا اللي دايماً بيعبر عننا (اتخنقت وطلعت كنت بضيع وقت) مكانش ينفع أبداً حد غيره يصارحنا بحقيقة زي (أنا موصلتش لحاجة من اللي حلمت بيها) ولا كان ممكن نقبل أن حد غيره يسألنا (سوء اختيار ده ولا سذاجة ولا إيه) تقريباً كان أول واحد يحرضنا عشان نفكر في إيه السبب اللي وصلنا لكدة.
14- عمره ما رخص نفسه وجري وراء صحفيين عشان ينشروا أخباره ويتكلموا عنه أو يعملوا معاه حوارات صحفية، ولا سعى إنه يعمل علاقات – والمؤكد إنه كان يقدر – تساعده على فرض نفسه على الإعلام والبرامج عشان يفضل في دايرة الضوء زى ما مطربين كتير بيعملوا.. يمكن تندهشوا لما تعرفوا إن محيي اللي بيغني من أوائل التسعينات.. تقريباً مشفتوش في حياتي بيتكلم في برنامج غير من حوالي سنة مع صاحبة السعادة العظيمة إسعاد يونس.
15- المطرب الوحيد اللي لسه محافظ على شيء من روح وطعم أغانيه القديمة.. كل النجوم الكبار غيروا جلدهم الموسيقي تماماً.. محيي بالرغم إنه بيجدد في مزيكته وشكل أغانيه لكنه محافظ لسه على شيء من روح وبساطة وتلقائية أغاني التسعينات القديمة.
16- معندوش أى ألة إعلامية تروج لاسمه ولألبوماته وبرغم كدة.. بيختفي سنين طويلة.. يرجع.. يعمل ألبوم.. ينجح.. يكسر الدنيا.. مصر كلها تتكلم عليه.. فيرجع يختفي تاني ولا كأنه عمل حاجة.
17- يعتبر أقل أبناء جيله متاجرة بفنه أو تحقيقاً لمكاسب مادية من وراه (تقريباً مبيعملش حفلات – مبيطلعش في برامج – مبيعملش إعلانات – مبيعملش أفلام) والأهم إنه مبيصنعش معارك وهمية عشان يفرض اسمه على الساحة الفنية.
18- عمره ما اشتكى أبداً من تجاهل الإعلام ومن إنه مش بيلاقي التقدير المناسب اللي يستحقه.. كان عنده من الكبرياء وعزة النفس ما يكفي ليجعله يكتفي فقط بأنه يغني (يمكن أنا مظلوم)
19- يمكن يكون هو أكتر مطرب بيحب مصر وعشان كدة عمره ما غنالها.. في وقت أصبح فيه الغناء لمصر أغلبه نفاق أو مزايدة أو سعى لشهرة أو لمجرد إنه يتقال فلان غنى لمصر.. هو مبيملكش غير الصدق.. فمكانش ينفع بعد ما يغنيلنا إنه يغني علينا..
ده محمد محيي صاحبنا اللي سخرت منه أجيال (السوشيال ميديا) اللي متعرفش قيمته الحقيقية ويمكن متعرفش تستوعب ان علاقة بين مطرب وجمهوره تبقى بالشكل ده .. تبقى علاقة صداقة وصحوبية.. لكنهم يمكن يبقوا معذورين بعض الشيء لأنهم أجيال المهرجانات وولاد سليم اللبانين.. أجيال لخصت نظرتها للأمر كله بأن (مفيش صاحب بيتصاحب).. فبتخليني أكون فخور أكتر إني من جيل محمد محيي.. الجيل اللي كان فيه صدق وبساطة وفن له قيمة بيأثر في الوجدان وبيعيش.. والأهم إنه كان فيه صاحب بيتصاحب.. صاحب عظيم اسمه محمد محيي..