كان يكفي أن تضع اسم النائب البرلماني ورئيس نادي الزمالك والمحامي المعروف، مرتضى منصور في زاوية البحث على YouTube لتسمع هذه الجملة: «جرى إيه يا سيسي؟»، واضحة في أكثر من مناسبة، وأكثر من سياق، وعبر أكثر من نافذة، ومع أكثر من مستمع في الإستوديو.
يسأل الرجل المثير للجدل دائمًا السيسي شخصيًا في كل كبيرة وصغيرة، عندما يتشاجر مع الأولتراس، أو يدخل في سجالات تلاسنية مع منافسيه في الوسط الرياضي، سواء داخل نادي الزمالك، أو في مجلس إدارة النادي الأهلي، أو يشتبك على خلفيات انتخابية مع منافسين له ولنجله النائب أيضًا، أو حتى يدخل في معركة مع مذيعين بعينهم و قنوات بعينها.
في كل معركة خلال العامين الماضيين يسأل: «جرى إيه يا سيسي؟»
يبدو الأمر أحيانًا وكأنه يشكو خصومه للرجل الكبير، وفق نظرية أن السيسي الذي يمسك في يده خيوط جميع الفاعلين من حوله ـ ما عدا هو ـ ويستطيع أن يُلزم من يعتقد مرتضى أنهم يتجاوزون في حقه الأدب.
ويبدو وكأنه يحمله المسؤولية، لأن أناس يتبعونه أو لديه مفاتيح إسكاتهم وإطلاقهم، ينالون منه بسبب مواقفه.
ويبدو وكأنه يهدده، باعتباره شريكًا على هذه الممارسات بالرغبة المكتملة أو على الأقل بالصمت وعدم التدخل لوقفها.
هكذا يبحث النائب البرلماني في كل معركة يخوضها عن السيسي، يجد له في كل مرة موقع من الإعراب حتى لو كان يتشاجر مع رجل الأعمال محمد الأمين على شأن يخص سياسات القنوات المملوكة له، أو يهدد ويتوعد شباب المشجعين.
لماذا يعتقد الرجل إن السيسي مسؤولاً، ويستدعيه في كل موقف بحدة وانفعال بديا جزءً من شخصيته، مثله مثل العوام الذين يهتفون على رئيس الجمهورية في مواجهة أي أزمة، حتى لو كانت شجار مع تاجر في السوق أو سائق ميكروباص لا يبدو إن للسيسي علاقة مباشرة بهما؟
هذا سؤال حاكم.. فمرتضى منصور ليس كعوام الناس، وهو من هو بحضوره المستمر على منابر كل الأنظمة وبذات الأداء فيما تتسع دائرة ضحاياها ومستَهدفيه، ويعرف أكثر عن الكواليس التي لا نراها حول آليات إدارة الدولة، وما يتردد عن صراعات الأجنحة، ومنافسات الأجهزة، ويعرف أين يقع «تمام» أغلب الأطراف المثيرة للجدل في هذا المجتمع.
يطرح «مرتضى» «السيسي» في لهجة استدعائه أو لومه في صورة لاعب العرائس الذي يمسك في يديه كل الخيوط، ويثير بأدائه شكوكاً حول طبيعة المعارك التي توضع على مائدة الرأي العام لتستهلك طاقته في الحديث، ومن يؤلفها ويُخرجها، ويقدمها، ويحدد لأطرافها أدوارهم، لذلك لا يجد غضاضة أن يُنادي عليه بتلك اللهجة: «جرى إيه يا سيسي؟» وتزداد لهجته حدة كلما زاد عليه العيار في الهجوم أو جرى إهماله أو استبعاده من مشهد يعتقد أن من حقه تصدره، فيذكرك مع الفارق طبعًا بـ «بهير» في الفيلم الكوميدي «سمير وشير وبهير»، حين أراد اصطياد «عبد الصمد»، ببندقية الصيد كغيره من الفلاحين في العزبة، وقال له الأخير: «ده أنا اللي بشغل اللعبة».
هنا يبدو مرتضى يتحدث بطريقة من «يُشغل اللعبة» فيُفصح عن جرأة كان لها من قبل سقف لا تتعداه، ويوزع تهديدات واضحة بأنه «هيقلب»، ويحذر من تداعيات «انقلابه».
ويكاد يصرخ: «هو اللي بنعمله في الناس هيطلع علينا»، فيما يبدو نداءه أو تهديده أو تحذيره للسيسي كاشفاً بجلاء عن نظرة شخص غير عادي لمسؤولية السيسي، ويرد من حيث لا يدري على كل من يحاول أن يستخدم عقله قليلاً بأن يتساءل عن علاقة الرئيس بخناقة بين شخصين، أو خطاب إعلامي بعينه.
لكن مرتضى منصور الأعلم مني ومنك، يقطع بأن للسيسي علاقة كشخص أو كمؤسسة وأجهزة داعمة، فيتوجه له بالحديث والتهديد فيما هو يهاجم سامح سيف الليزل.
يقول له في نداءاته، هذا سيف يزلك، وهؤلاء أصدقاؤك، فيما الشارع يقول له أيضًا هذا إعلامك، وهذه حكومتك، وهذا برلمانك، وذلك غلاؤك، وهذه مظالمك، وهؤلاء رجالك، وتلك أبواقك، وهذا هو «مرتضاك».
وكما يستدعى «مرتضى» «السيسي» في كل جملة، يستدعيه الشارع، لكن الشارع لا يعرف غير المسؤولية السياسية التي يُنظر للسيسي في إطارها، فيما يمرر مرتضى أنه يعرف أكثر من ذلك؟
وحتى يوضح الرئيس المسافة الحقيقية بينه وبين جميع الأطراف والأشخاص، سيبقى نداء «جرى إيه يا سيسي؟»، يتردد بالحق والباطل، فيما كل الفواتير تذهب إلى عنوانه في قصر الاتحادية.
نقلاً عن “التحرير”