مينا فريد يكتب: عن النصابة التي لا ترتدي البنطلون
(1)
في عام 2009 قال أستاذي أحمد خالد توفيق مقولته الخالده : اعمل الخير وارميه في البحر .. بشرط أن يراك أحدهم وأنت تفعل ذلك .. عندها سيخبر الآخرين أنك لاتفعل الخير فقط ، بل وترميه في البحر أيضاً
(2)
-فلانه دي ست قوية جدا..
-فلانة مين ؟
-اللي عندها محلات الملابس المشهورة بتاعت المحجبات يا عم .. دي ست الستات رمز القوة و التغلب ع الأحزان و حب الحياة و الشياكة و الموضة .. و كمان دي مابتلبسش بنطلونات يا عم.. دي ملتزمة جدا…
-طيب كويس
-عارف جوزها مين ؟ فلان الله يرحمه ده راجل خيّر جدا مفيش حد ف مدينة نصر و مصر الجديدة مايعرفوش…
-لا و الله أنا ف مصر الجديدة و مش عارفه..
-يابني .. بص دي صورته و هو بيصلي في فرحة تخيل بيصلي في فرحة .. دي صورته بقى و هو في القبر قبل ما يموت سيلفي مع مراته… دي صورته و هو بيعمل خير … دي صورته و هو بيصلي في خروجة مع صحابة .. راجل خيّر جدا.. و متواضع و بيعمل كل ده في الخفاء.
-خفاء أه .. طبعا طبعا.. و إتصور الصور دي كلها من غير ما ياخد باله واضح ..و هو مات إزاي ؟
-وقع على راسه و مات..
و لما مات مراته عملت إيه ؟
*بعدها بإسبوع*
-عملت صدقة جارية على روحه. و نشرت قصة حبهم في السوشيال ميديا كلها.
*بعدها بشهر*
-عملت بيزنس..حقها ما هي لازم تعيش .. الحب مش بالإسود … الناس حشرية جدا
*بعدها بكذا شهر*
-كبرت البيزنس و لمت فلوس و إتجوزت تاني و هربت بالفلوس.. أنا مستغربة جداا.. دي كانت ملتزمة جدا و مابتلبسش بنطلونات..
– حطي القصة دي – الغير مفهومة أو معروف حقيقتها – جنب إخواتها مع قصص الإنتحار الوهمية و علاقات الصداقة المزيفة و القتال المزيف.يمكن هذه السيدة لا ترتدي البنطلون.. و لكنها ترتدي الأقنعة.. أقنعة كثيرة في الحقيقة.
(3)
الحوار السابق هو حوار حقيقي بين إثنين من المصريين الطيبين.. إختفاء هذه السيدة هو الحدث و ليس القضية.. القضية ماهي إلا تحولنا بواسطة السوشيال ميديا إلى مجتمع من المزيفين..
جنون الفولورز الذي أصبح صراع لا ينتهي وصل لشراء المتابعين الوهميين من نجوم الغناء لحسابتهم في تويتر حتى يظهروا على القمة..
الشباب العاديين الذي أصبح أقصى طموحهم نشر تعليق لهم على صفحة الكومنت الفشيخ.. أو التويته الفشيخة .. أو أي صفحة “فشيخة” أخرى..
جنون المحن الديني الذي أصبح محببا لدى طائفة كبيرة من الشباب جعلت شباب عاديين يرتدون الماسكات و يضعوا بوستات لا تمت لأي واقع بأي صلة من أجل المزيد من المتابعين على صفحاتهم…
مرض –الأنتي نيش –الأنتي جواز صالونات- الأنتي جواز أصلا .. الذي جعل مجموعة من المزيفات يجعلونها شغلهم الشاغل ببوستاتهم بالمزيد و المزيد من الماسكات..
قصص الإحسان التي تبدأ دائما بطفل فقير يقف أمام محل فخم يريد شئ ما.. فيقوم الشخص العظيم بالتفاعل معه و عزمه و تصويره معه و نشر الصورة للمزيد من المتابعين..
مرض الحك اللا إرادي لمن إكتشفوا فجأه أن البنات مظلومين عشان يعجبوا البنات.. أو الولاد مظلومين عشان يعجبوا الولاد..و كلمة السر هذا الشئ الحقير المسمى متابعة..
قصص الحب الكرتونية التي يعبر عنها بمجموعة من صور الأحضان أثناء فوران القهوة في البيت البسيط الذي لا يحتوي على النيش…
جنون الميديا الذي أصبح يحيك المؤامرات و إدعاءات الوفاة من أجعل مزيد من المتابعين..
أقنعة و بوستات .. أقنعة و تزييف مشاعر… أقنعة و كذب .. أقنعة و متاجرة بالخير.. أقنعة و متاجرة بالصلاة…
إخلعوا الأقنعة… إخلعوها لقد تحولنا لمسوخ و عبيد ..
أستحضر مرافعة الفنان أحمد زكي الشهيرة في فيلم ضد الحكومة ..
“كلنا مزيفون..نعم كلنا مزيفون .. لا أستثني أحدا..حتى باللايك العبيطة قليلة الحيلة أو الشير كلنا مزيفون.. كل ما أطالب به أن تخلعوا الماسكات .. فهل هذا كثير ؟ لا تتأثروا بما يكتب و تتركوا ما يعاش.. لا تكترثوا ولا تهتموا بكل هذه البوستات.. إخلعوها قبل أن نصاب جميعا بإنفصام بين شخصياتنا الحقيقية و شخصياتنا على مواقع التواصل الإجتماعي.. إخلعوها.. إخلعوها .. إخلعوها و الله الموفق.”