كريم الدجوي يكتب: منى عراقي.. وزود على الأوردر إيدز!!‬‎

منى عراقي، صحفية ومقدمة برنامج “المستخبي” على شاشة القاهرة والناس ذات الشعار الشهير “أجرأ قناة في رمضان”، صارت مني في اليومين الماضيين، أحد أشهر الاسماء في بعض أوساط مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما عرض الجزء الأول من تقرير لها عن حمام بلدي يمارس به بعضًا من الرجال الشذوذ، مما أدى إلى القبض عليهم.

وقد ظهرت صورة لمنى وهي تقوم بتصوير الرجال شبه العاريين أثناء القبض عليهم، في حركة لإثبات إنها الأولى بالسبق الذي خططت له، مما تسبب في سيل من الهجوم اللاذع علي منى والقناة، وخروج حملات تطالب بمقاطعة القناة، من قبل بعض الدوائر الاجتماعية على الإنترنت، ترفض التعامل مع المثليين بتلك الطريقة، وخاصة من قبل وسائل الإعلام، وهي حملات تعرضت لها ريهام سعيد، وريهام السهلي من قبل بعد حلقات قدموها عن الإلحاد لم تتصف بالحيادية، ولم يقبلها كثيرا من المعنيين بقضايا حرية الاعتقاد والتعبير.

لقد كان أغلب الانتقاد لمنى، حول مطاردتها لأنشطة المثليين جنسيا، الأمر الذي يراه البعض متعارض مع موقف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بالرغم من موقف الدولة منه، وتجريمها له، لكن ما لفت انتباهي بصفة شخصية، هو عبارة “إن ممارسة الجنس بين الذكور تؤدي إلى الإصابة بمرض الأيدز” التي وضعتها منى في الجزء الأعلى على الشاشة طوال مدة الحلقة، بالرغم من إن إيهاب الخراط الناشط الحقوقي الذي استضافته في بداية حلقتها (وتعرض لانتقاد شديد هو الأخر)، ذكر إن انتقال الإيدز بين المدمنين معدلاته أعلى بكثير من معدلات انتشاره بين المثليين من الرجال.

كريم الدجوي
كريم الدجوي

 

وجود تلك العبارة بهذا الشكل الثابت طوال الحلقة، أعطاني شعور إن الحلقة التي نشاهدها حول رصد نشاط المثليين ومن يمارسون منهم الجنس مقابل المال، يتم اقحام الإيدز فيها دون داعي، كما لو كانت منى تحاول أن تبرر إن تناولها لهذا الموضوع ورائه هدف أسمى، تريد أن تكسبه نوعا من الشرعية للتحقيق، لتهرب من خانة المواضيع الاستهلاكية الساخنة، لكني أظن إن من شاهد الحلقة لن يخرج وهو يتذكر الإيدز على الإطلاق.

ربما يكون تقيمي أكثر دقة لنوعية ما تقدمه منى، لإني أحرص على متابعة برنامجها بإستمرار منذ عرض البرومو الخاص به، ولإني كنت معجب جداً في البداية في تقديم نوعا من الإعلام يعتمد على براهين واستقصاء، بعيداً عن الإعلام السياسي الذي يعتمد على الكلام الفضفاض دون عناء تقديم دليل يستحق الوقوف أمامه، لكن مع متابعتي للقضايا التي تطرحها منى، بدأت أفقد حماسي للتجربة حلقة بعد الأخرى، بدأت أشعر إن الرغبة في وضع القصة في قالب مثير للمشاهدين بدأ يهيمن على البرنامج، بينما تتراجع أمامه أهمية القضية المناقشة، مثل قضية “مخدر الفودو” على سبيل المثال، الذي تم تناوله على إنه يهدد أمن الوطن وشبابه، بينما نطاق استخدامه وانتشاره في مصر أقل من أن يشكل نصف هذا التهديد (لقد قمت شخصيا بتحقيق حول هذا المخدر، نشر في 2012).

باختصار، إن منى تقدم نوعًا من الصحافة الإستقصائية الساخنة، من خلال مغامرات صحفية تسعى لجذب المشاهدين، وهي تقوم بذلك بمهارة وجرأة، ومن حقها قانونيًا وأخلاقيًا أن تختار القضايا التي تشعر هي إنها مناسبة لرؤيتها ومرجعيتها المحافظة، والتي ترى إنها ستحقق المشاهدة الأعلى، لكنه من حقنا أيضا كمشاهدين، أن ننتقد الأفكار المطروحة، وأولويات المواضيع، وألا نتقبل الـ “edge” أو الزاوية الأخرى المضافة للمواضيع لكسبها عمقًا ورسالة إذا لم يكن لها مكانًا من الإعراب.