فايزة أحمد
الأسهل في تناول أي أزمة تتعرض لها مصر خصوصا لو ارتبطت بأطراف خارجية إرجاعها لنظرية المؤامرة وحروب الجيل الرابع والطابور الخامس، هكذا يفعل الإعلام المصري – عادة- أما الإستثناء الذي يطالب بسد الثغرات وتقييم الذات ومحاسبة النفس فيأتي من اصوات محدودة واللافت أن الحكومة أو إدارة البلاد تستجيب لما تقوله تلك الأصوات لكن أحيانا بعد فوات الآوان .
المثال الممتد على ما سبق مرتبط بقضية الطائرة الروسية، الفريق الإعلامي الأول مثله معظم مقدمي برامج التوك شو خصوصا المثيرين للجدل منهم بسبب أدائهم على الشاشة، الفريق الإستثنائي مثله الإعلامي والكاتب الصحفي إبراهيم عيسى الذي انطلق برنامجه الجديد على قناة “القاهرة والناس” قبل أسابيع من سقوط الطائرة على أرض سيناء.
تحدث عيسى عبر عدة حلقات عن السلبيات التي انتشرت في جميع مطارات مصر منذ سنوات إلى وقت حادثة سقوط الطائرة الروسية، مُشيراً إلى الأعطال الفنية التي تتعرض لها أجهزة التفتيش دون علم المشرفين عليها من الأساس، فضلاً عن عدم تجديد الأجهزة، وهو ما يُسهل مرور أية مخلفات أو ممنوعات خلال الأمتعة لدى العابرين من المطارات.
كما عرض مجموعة لقطات من داخل المطارات تُظهر مدى الفوضى والعشوائية من قِبل أمناء الشرطة ومفتشي الجمارك أثناء عملية تفتيش السائحين، مُرجعاً انتشار الفوضى والعشوائية في جميع مطارات مصر إلى عدم تواجد قيادة مركزية موحدة داخل كل مطار لتستطيع السيطرة على كافة الأمور، ولتمكين من محاسبة المُقصر، دون التشرذم بين مجموعة من الجهات، كل جهة مسئولة عن فريق، وهو ما يُصعب عمل فرق الأمن العالمية التي تقوم باختبار إجراءات الأمن داخل المطارات.
https://youtu.be/cHJupAHn05Y
وأكد الكاتب الصحفي إبراهيم عيسى، على أن المطارات عقب حادثة سقوط الطائرة الروسية تعرضت لتفتيش أمني من قِبل بعض فرق الأمن العالمية، واستطاعت أن تكشف العديد من الثغرات في النظام الأمني داخل المطارات، مطالباً وزارة الطيران بضرورة إصلاح الثغرات الأمنية التي اكتشفتها هذه الفرق، وتطبيق الإجراءات اللازمة لحماية المطارات كما هو مُتبع في جميع دول العالم.
على عكس تأكيدات عيسى، أكد مدير أمن الطيران المدني هشام عبد الخالق، في تصريحات صحفية لـ”الشروق” في منتصف شهر نوفمبر الماضي، أن الفرق الدولية التابعة للمنظمة الدولية للطيران المدني “الإيكاو”، أشادت بالإجراءات الأمنية التي تخضع لها المطارات المصرية، هو ما أراد الإعلامي أحمد موسى، أن يُثبته خلال زيارته لمطار شرم الشيخ الدولي، حيث بث برنامجه “على مسئوليتي” المُذاع عبر فضائية “صدى البلد”، متحدثاً مع السائحين، في إشارة منه إلى أن السياحة لم تتأثر بالكارثة، وأن المطارات خاضعة لإجراءات أمنية مشددة، ولا تحتاج المزيد.
وبالتزامن مع تأكيدات جميع المسئولين المصريين، على أن المطارات تخضع لكافة الإجراءات الأمنية المشددة، نشرت صحيفة “الإندبندت” البريطانية صوراً التقاطها وائل حسين مراسل إذاعة bbc))، لمواظفيين بـ”مطار شرم الشيخ الدولي”، وهم يتقاضون أموالاً من السياح مقابل تخطيهم الصف الأمني دون تفتيش، وذلك أثناء إجلاء بريطانيا رعاياها عن الأراضي المصرية في أعقاب حادث سقوط الطائرة الروسية، وهو ما يُنفي تأكيدات المسئولين عن الإجراءات الأمنية،و يُوضح مدى الثغرات والعشوائية التي تعم مطارات مصر.
وبعد مرور أكثر من (40) يوماً على حادثة “سقوط الطائرة الروسية” أعلنت وزارة السياحة أمس الاثنين، عزم الحكومة المصرية برئاسة المهندس شريف إسماعي تعيين شركة أمن عالمية لتقييم الإجراءات الأمنية في جميع مطارات البلاد، وهو ما يجعلنا نتساءل هل كانت تأكيدات جميع المسئولين بشأن اتخاذهم كافة الإجراءات اللازمة لتأمين المطارات لم تكن دقيقة؟ ولماذا لا يتلفت المسئولون مبكرا للاقتراحات التي تخرج من برامج التوك شو الجادة على الأقل من باب منح الجمهور الأمل في أن المسئولين يستمعون للأراء الرشيدة ولا يتركون الجمهور – عمدا- فريسة لبرامج التهوين إذا كنا على خطأ، والتهويل إذا كان الأخرون هم المخطئون.