كثيرا ما اصادف علي صفحات التواصل الإجتماعي بوست شهيرجدا و إن تعددت اساليبه و تنوعت الفاظه بين الحده و اللين و لكن فحواه دائما ما تكون واحده: لماذا تذهب اللايكات و الشير و الشهره لمن لا يستحق؟
دعنا صديقي الموهوب أو الذي يظن أنه موهوب نفنّد هذا الموضوع بهدوء و بساطة و أرجوك استحملني شوية…
أولا ما الذي جعلك متأكدا انك موهوب أصلا؟ أو دعنا نكون أقل حده و نقول ما الذي جعلك تظن أنك أكثر موهبة من هذا المشهور الذي تعتقد أنه لا يستحق ما هو فيه من استحسان لما يكتب؟ عادة يجب أن تأخذ مرحله تأكدّك من سلامة و قوة موهبتك وقتا أطول مما استغرقته في كتابه كام “ستيتس” و شهرين تلاته تنشر ما تظنه لا مثيل له، كذلك يحتاج اليقين من موهبتك أراء أشخاص أخرين غير أصدقائك و عائلتك و زملاء الدراسه أو العمل…
هذه طبعا ليست دعوة لقلة الثقة بالنفس و لا التوقف عما تفعله و لكنه مجرد دعوة للتيقن من أنك فعلا موهوب لننتقل معا إلي المرحله الثانيه و التي تعرف ببساطة بمرحلة: إيش عرّفك؟
ماذا تعرف أنت يا صديقي عن مشوار هذا المشهور الذي وضعت كل تصرفاته تحت ميكروسكوبك و تستغرب من تزايد متابعيه و لايكاته؟ ماذا تعرف عن معاناته و محاولاته و الصد و الرفض و الاستهانه التي تعرض لها قبل أن تراه في وضعة الحالي؟
ماذا تعرف عن شعوره الشخصي بتحوله من هذا الي ذاك (علي فرض أنه استسلم لما يريده الجمهور و خضع لسلطان اللايكات بدلا من سلطان موهبته) و ماذا خسر عندما كسب هذا الكم من المتابعين
طيب هيا بنا إلي المرحلة الثالثه الأكثر رحابه و أقل تشاؤما و التي تعرف بأسم: التجاري و الفني
فرضنا معا أنك موهوب جدا و الشخصيه الشهيره التي لا تستحق ما هي فيه أقل منك فعلا موهبه و ابداع، هل فكرت مليا في اختياراتك؟
راجع أكثر الأفلام العالميه (بلاش المصريه لتجيب لي سيرة السبكي) تحقيقا لنسب المشاهده و ألأرباح: الفك المفترس و حديقة الديناصورات و حرب النجوم و… و…. و راجع معي قيمتها الفنية و الرساله السامية التي تحملها بين طيّاتها
ثم تعالي معي إلي قائمة أفلام تستمر مشاهدتها لعشرات الأعوام و عندما تعاد علي التليفزيون لا تستطيع تغيير القناه و لو شاهدته مائة مره من قبل!
إذا هو اختيارك يا صديقي الذي اختار القيمة و الرسالة و التفرد بدلا من التجاري “اللي بيعجب الجمهور”، فتمسك باختيارك أو غيّره فهذا ما سوف تجلس بعد أعوام كثيره تغبط نفسك أو تلومها علي ما اقترفت
دعني أقدم لك لمحة أمل بعد كل هذه الصدمات التي احتواها هذا المقال: نعم، هناك طبعا ما نجح جدا جماهيريا و “كسّر الدنيا” و احتوي في نفس اللحظه علي قيمه عاليه و رساله و تفرّد و لكنه المبتغي الذي لا يدركه إلا القليلون جدا و الذي يأتي من موهبه طاغية أو جهد جهيد و محاولات فاشلة ثم فاشلة ثم ناجحة.
أختم مقالي بمثال حالي في مجال الشعر العامي الذي أدعي أني أفهم فيه قليلا و هي تجربة الشاعر “مصطفي ابراهيم” الذي لم يقل إلا ما أحسّه فنا راقيا و لم يقترب أبدا من “المحن” الذي يضايقك و مع ذلك أصبح بعد ديوانين شعر قاطره تجرّ جيلة إلي موقع التميز بين أجيال شعر العاميه المصرية المتلاحقة
إذا و بدلا من من بوست “عجبت لك يا زمن” كن مصطفاك ابراهيمك أو… أخبط لايك من سكات