محمد الخولي يكتب: احنا بنكتب ليه؟

محمد الخولي

قبل كل “كتوبة” أسأل نفسي، ولا تجيب، أكرر السؤال عليها، وتكرر هي المراوغة.

من البديهيات أن يجيب أي كاتب عن هذا السؤال قبل أن يشرع في الكتابة، لكن السؤال صعب فعلا على الأقل لدى قطاع كبير أعرفه من الكتاب.

هنا نسأل عن الكتابة الصحفية، التي من المفترض أن تكون بهدف واضح ومباشر، غير تلك الكتابات الأدبية التي يرى فريق من كتابها أنهم يكتبون للكتابة فقط ، لا لأي شئ آخر، (تطرف فريق منهم ليقول إنه يكتب لنفسه ولا يجد مانعا من أن يكتب نصا لا يفهمه أحد غيره!!) في هذه المساحة نتحدث عن كاتب المقال/ الصحفي.

السؤال المهم  الذي لا بد أن يشغل كل كاتب هو، هل يكتب لكي يستجيب المسئول؟ أم لينير منطقة مظلمة تحتاج إلى ضوء يسلط على عفنها، هل يريد الكاتب أن يغير العالم ويقلب موازين القوى؟ (هناك صحفيون وكتاب شغلوا العالم فعلا بكتاباتهم وأقالوا رؤساء وسجنوا مسئولين كبار لكنهم قلة، ويمكن أن تسميها حالات نادرة، ولن تكون مبالغا في ذلك).

لدينا في العالم العربي بشكل خاص ثقافة تنتشر بين غالبية المسئولين مفادها أن الصحفي أو كاتب المقال هو شخص متصيد دائما، يتحدث عن نصف الكوب الفارغ، ولا يجهد نفسه بالنظر إلى النصف الممتلئ، يرى هؤلاء المسئولون أن الصحفي/ الكاتب، دوره أن يسخر قلمه وعمله في مجاملة المسئول، والوقوف إلى جانبه مخطئا أو مصيبا.

لمن يكتب؟ السؤال أكثر تعقيدا من سابقه، أي جمهور تقصد، فلا يبدو أن هناك من يقرأ ولا من يسمع، لدينا فقط فريق يصرخ على الفضائيات وفي الجرائد وفي وسائل المواصلات وطبعا في الشوارع، والبيوت. هل نكتب ما يرضي هذا الجمهور؟ وهل هناك ما سيرضى الجمهور أصلا؟

أبجديات الصحافة تتحدث عن أن الصحفي يكتب ما يعتقده حقا، معتمدا على معلومات أكيدة –هذا هو المفترض لكن ما يحدث في حالات كثيرة غير ذلك – لكن دعونا نتحدث عن صحفي يحرص على تطبيق تلك الأبجديات. فهل سيسلم من التصنيف؟

الأزمة الحقيقية أن ثقافة الاختلاف لم تعد موجودة فيما بيننا، فالمختلف معي إما خائن وإما كافر، فلا بد أن يختار الكاتب الوصف الذي سيلصق به وهو يكتب، (فإن هاجم مرسي أصبح معاديا للمشروع الإسلامي، ويتطرف البعض ليكفره، وإن هاجم السيسي ونظام ما بعد 3 يوليو، أصبح مضحوكا عليه من الجماعة الإرهابية وإن أصر على رأيه أصبح خائنا عميلا).

نعاود السؤال من جديد: لمن يكتب الكاتب؟ هل يخالف الجماهير؟ أم يسير في ركابها ويكتب حسب الهوى الشعبي؟ (كتب أمس أن « 25 يناير» أعظم حدث تاريخي حدث في التاريخ المصري، واليوم اسماها مؤامرة دنيئة هدفها تقسيم البلاد وتفتيت الجيش وإسقاط الدولة، اليوم يكتب عن فض رابعة العدوية أنها تمت وفقا للمعايير الدولية، والاعتصام كان مسلحا وغدا مجزرة بشعة خالفة كل الأعراف والمواثيق !!) هل هذا ما يرضى القارئ؟ تلك النوعية من القرود التي تلعب على كل الأحبال، تقفز من هنا لهنا، تجامل هذا اليوم وتهاجمه غدا. (الطريف أن قطاعا كبيرا من القراء يعجبون بهذا النوع من الكتاب والإعلاميين، رغم علمهم بحقيقة كذبهم وادعائهم).