فاتن الوكيل
لم يخمد صوت المخرج “الثائر” خالد يوسف يومًا، مثلما خمد الآن، فيوسف الذي لا يقبل أقل كلمة ضد أفكاره التي آمن بها، فضّل الآن أن يختبئ خلف صمت غريب، في قضية تتعلق بشرفه وكرامته، بعد أن عرض أحمد موسى، مقدم برنامج “على مسئوليتي”، صورًا مسيئة له، ثم عاد بعدها ليعتذر.
إذا فنحن أمام جريمة متكاملة الأركان، بطلها موسى الذي اعتاد أن يسب خصومه، ويشهر بهم، ثم يفلت بفعلته إما بالتصالح، أو بالبحث في ثغرات القانون، التي تخرجه من أبواب المحاكم منتصرًا، ولكن هذه المرة، كان يمكن ليوسف أن يخوض معركة كان عدوه سيقف معه فيها قبل صديقه، ليس من باب الثأر الشخصي مع موسى، ولكن لأن الخوض في أعراض الناس، و”الضرب تحت الحزام”، على الشاشات، لأغراض ربما تكون سياسية لم يعد مقبولًا بأي شكل من الأشكال.
ما أكده خالد يوسف، خلال مقابلته مع الكاتب خالد صلاح ببرنامج “آخر النهار”، هو أنه لا يملك حق التنازل، وأنه حتى وإن أراد شخصيًا أن يتصالح، فهناك أطراف أخرى يجب أن توافق، مثل أسرته، وجميع أفراد دائرته التي انتخبته ليمثلها داخل البرلمان.
ولكن لا أحد يعرف حتى الآن حقيقة موقف خالد يوسف من القضية، هل تنازل؟، ومن المستفيد من قتل القضية بالصمت؟، ولماذا يعتمدون على نسيان الرأي العام، وهو نفسه الذي استطاع أن يقوم بحملة لإيقاف برنامج الإعلامية ريهام سعيد، بعد قضيتها الشهيرة بعرض صور لـ”فتاة المول”.
الكثيرون أدلوا بتصريحات حول الواقعة، فهل أنابهم خالد يوسف ليصرحوا باسمه؟ ولماذا؟ أم ان كل منهم يصرح بناءً على معرفته بشخصية يوسف التي لن تتنازل عن حقها؟ أم أنه خجل من أن يصارح جمهوره بخبر التصالح، سواء جمهور الشاشة أو البرلمان؟.
المنتج والسيناريست محمد العدل، نفى عبر حسابه بموقع التواصل “فيسبوك”، ما قاله موسى، حول الصلح مع يوسف، وأضاف قائلًا: “لم يتم أي تصالح بين خالد يوسف وأحمد موسى، ورغم اعتذار أحمد موسى على الهواء عما بدر منه في حق خالد يوسف، هذا لايعني أننا لن نكمل أخذ حق خالد يوسف وحقنا، القضاء سيأخذ مجراه حتى النهاية، ومازال”.
فهل كان العدل هنا يتكلم باسم خالد يوسف؟، ام أنه يقصد أن أطرافًا أخرى ستقدم بلاغًا ضد موسى، على اعتبار أن عرض مشاهد جنسية، على شاشات الفضائيات أمر يخص أي مواطن مصري، وليس يوسف فقط؟.
كما أكد العدل وقتها أن فريق الدفاع القانوني عن خالد يوسف ضد ما قاله عنه “إعلام الفضائح”، يتكون من “سامح عاشور نقيب المحامين والأساتذة طارق العوضي وطارق نجيدة وحامد جبر وعصام الاسلامبولي وهيئة المستشارين القانونيين لنقابة المهن السينمائية ولجبهة الابداع المصري”، فأين اختفى كل هؤلاء؟، لماذا لم يعد يسمع أحد صوتهم، وصوت موكلهم ومن يدافعون عنه في المرتبة الأولى؟
موسى نفسه بعد أن “جاب ورا” واعتذر واعترف بأن الصور مفبركة، أعلن أنه سيستضيف خالد يوسف، كدليل على الصلح، ولكن مرة أخرى لم يكن هناك رد سواء بالتأكيد أو بالنفي من قبل “المخرج النائب”.
وبمناسبة أن الجميع بعد اعتذار موسى، إما صرح أو استنكر أو استهزأ ما عدا صاحب الشأن نفسه، فيذكر أن حتى نقابة الصحفيين قد صرح عدد من المصادر داخل مجلسها بأن هناك اتجاه لإحالة موسى إلى التحقيق، وأن ذلك يأتي بإجماع أعضاء المجلس، ثم تحول الخبر بعد يومين إلى “نقابة الصحفيين (تبحث) إحالة موسى إلى للتحقيق أمام لجنة آداب المهنة”، فكم يمكن أن تستغرقه هذه الأحالة في قضية واضحة بها المخالفة “زي عين الشمس”.
وفي نفس سياق التضارب الإخباري، قال خالد ميري وكيل مجلس نقابة الصحفيين، لموقع “التحرير”، إنَّ النقابة أرسلت خطابًا رسميًّا للاعلامي أحمد موسى لاستدعائه للمثول أمام لجنة التحقيق بنقابة الصحفيين، يوم الإثنين المقبل “28 ديسمبر”، موضحًا حسب الموقع أن النقابة أرسلت الاستدعاء رسميًّا لموسى، وله فرصتان فقط من أجل المثول أمام لجنة التحقيق بالنقابة والاستجابة لطلب الاستدعاء الرسمي، بعد أن قدم يوسف شكوى رسمية ضد موسى.
أما حول مطالبات إحالة موسى للتحقيق الجنائي، لم نجد حقيقة واضحة حول ذلك، وظلت جميعها مجرد تصريحات من مصادر مجهلة، مثل ما نقله موقع “دوت مصر”، على لسان مصدر قضائي”، يقول إن النائب العام قرر إحالة البلاغ المقدم من يوسف ضد موسى إلى نيابة شمال الجيزة لبدء التحقيق، وهو ما اكدته مواقع إخبارية أخرى دون ذكر المصدر.
أما بخصوص قضية التحرش نفسها، فقد أوضح مصطفى رمضان، محامي خالد يوسف، خلال حواره مع الكاتب خالد صلاح، ببرنامج “آخر النهار”، أنه تأكد بعد توجهه لمباحث المعلومات والتوثيق بوزارة الداخلية، أن بلاغ عميد كلية الآداب جامعة الإسكندرية وزوجته “بلاغ كاذب”، مضيفًا أن السيدة هي من كانت تُرسل ليوسف رسائل على تليفونه المحمول، عبر تطبيق “واتس آب”، مضيفًا أن ذلك دليل فني ينفي عنه التهمة، بل ويقلب القضية لصالحه.
إذا فبعد اعتذار أحمد موسى، واعترافه بأن اللقطات التي أذاعها “مفبركة”، ثم حديث محامي يوسف نفسه، بأن تطورات قضية التحرش المتهم فيها، ربما تنقلب لصالحه، نتيجة تقرير مباحث المعلومات، فما الذي يمنعه من الظهور للتأكيد أو النفي حول إتمامه الصلح مع موسى؟، وهل يخشى أن يقول لجمهوره “نعم تصالحت”؟ والأهم من ذلك.. من المسئول عن “لخبطة الرأي العام”؟، ومن يتحمل فقدان المشاهد الثقة في كل شيء، للدرجة التي وصلت إلى أن البعض اعتقد أن تغييرات مناصب الأمن الوطني، سببها قضية خالد يوسف، وهو ما نفاه اللواء أبو بكر عبد الكريم، مساعد وزير الداخلية لشئون العلاقات العامة، خلال اتصال هاتفي ببرنامج “البيت بيتك”.