نقلاً عن المصري اليوم
الهجمة الشرسة على الروائى المعارض علاء الأسوانى لا تنفصل بأى حال عن حالة التقبيح والتلقيح التى تعم المدينة، للأسف كل تغريدة للأسوانى تقابَل بسيل من السباب، وكلام جارح، تغريدات الأسوانى مثل تغريدات البرادعى تنزل مثل طشة الماء فى الزيت المغلى تشوى الوجوه.
الإخوان وضعوا قواعد تقبيح المعارضين وسلخ وشهم، واتهامهم بما ليس فيهم، والضحايا كثر، وبينهم الأسوانى نفسه الذين كادوا يغتالونه فى باريس، وهجموا عليه كلابا عقورة كادت تفتك به، فقط لأنه أعلن انحيازه لثورة 30 يونيو ضد الحكم الإخوانى، ولا ينسون للأسوانى وقفته الجسورة أمام أول رئيس خائن منتخب، رافضاً حكم مكتب الإرشاد من وراء ستار.
للأسف هناك مَن ينسى، ويمعن فى التنكيل بالأسوانى فقط، لأنه يغرد خارج السرب، غرِّدوا أنى شئتم، ولكن ليس فرض عين على كل مصرى تسميع النشيد، هناك فسحة لصوت مغاير، لماذا تصادرون على حق البعض فى بعض الاختلاف، شىء من الاختلاف لا يضر!
لا أتفق مع كثير من تغريدات الأسوانى، ولكن مع حقه فى التغريد، وحقه فى الاختلاف، وحقه فى النقد، هتبقوا انتو والإخوان على الأسوانى، لديه مآخِذ، ويملك أفكاراً وتصورات، وعنده فكر، الأسوانى لم يخرج علينا خروجة الإخوان، لم يُكَفِّرنا ولم يَكْفُر بنا، ويحدوه الأمل، مَن منكم لا يحدوه الأمل فى دولة الرفاه وحقوق الإنسان؟!
تعقّب الأسوانى بهذا الشكل يورثنا يأساً من إصلاح الحال، تضيق به الأرض بما رحبت، ماذا يقول الأسوانى غير الذى يُقال ومثله كثير، الأسوانى لا يخاتل الرأى العام، ولا يتخفى من أفكاره، ويعبر بكلمات قاسية عن تصوراته، وإن اختلفت معه فإن الواجب الوطنى يقتضى أن نحكّم قاعدة فليعذر كل منا الآخر.
حتى هذه لا تلزمكم، لا تعذروه ولكن لا تسبوه، ولا تُخَوِّنوه، ولا يلتبس الأمر عليكم فتخلطوا الأوراق، وتضلوا الطريق، صلاح هذا الوطن فى الإصغاء للأصوات المعارضة، واصطحاب ما ينفع الناس من أفكارها فيه صحة للوطن.
تهجير مثل هذه الأصوات قسراً من المجال العام خطير، وإلجاؤهم إلى شجر «تويتر» أخطر، وبدلاً من أن يقولوا فى رحابنا ما شاءوا وشاء لهم الهوى، وتتسع صدورنا لهم، وتنفتح عقولنا لأفكارهم، يقولونه فى الصحافة الأمريكية «الأسوانى يكتب فى النيويورك تايمز» هل هذا ما تتمنونه وترجونه وتعملون عليه، لعمرى هذا من سوء التدبير إذا كانت هذه الحملات مدبرة أو ممنهجة.
دفع الأسوانى إلى الكفر بثورة 30 يونيو لا يخدم وطناً، الأسوانى هكذا يصير رمزية لثلة من المطارَدين، فى أعقابهم مَن يتقفى أثر تغريداتهم، فليغردوا، ويتوتوا، ويحاضروا، ويفكروا، ويكتبوا، حقهم علينا، كل مَن يحب هذا الوطن عليه أن يحمى حق البعض فى الاختلاف، وطالما استمسك بالعروة الوثقى وهى الوطن، له ما لكم وعليه ما عليكم، وإذا كان للبعض حق الكتابة فمن حق الأسوانى على الأقل التغريد، إذا أنكرت حقه حقَّ علينا النكران.
وإن أنكر الأسوانى ثورة 30 يونيو، أليس هناك مَن يجاهر بنكران 25 يناير، على الأقل الأسوانى لم يسب «يونيو»، وهناك مَن يضرب «يناير» بالحذاء على الهواء، أليست هذه من طبائع الأمور، حتى ساعته وتاريخه هناك مَن يعتبر ثورة يوليو العظيمة التى فضلها علينا عظيم، انقلاباً، ونرد عليه بما ينسى أو يتناسى، لا «يناير» ولا «يونيو» بقرتان مقدستان، والكفر بهما الاثنتين جائز، ولم ينزل بتحريمه نص وطنى قطعى.
غضب الأسوانى من أخبار تقول بهجرته وأسرته إلى أمريكا مشروع، يا أخى تبقى جالس فى وطنك وهناك مَن يُهَجِّرك عنوة، ليس إلى جزر القمر كما غرّد الأسوانى ساخراً ولكن إلى أمريكا، والمعنى فى بطن الناشر، لماذا أمريكا؟.. حتى تحيق به اللعنة، جزر القمر سياحة.. أمريكا عِمالة، إلهى يبتليكم بعمل فى سنم جمل تائه فى الصحراء الكبرى.