في البداية لم أعر للأمر إهتماماً يذكر.. فلم أتخيل أن الخبر حقيقياً.. لابد أن في الأمر خدعة ما.. أعرف هذا النوع من الأخبار جيداً.. إنه من نوعية “لن تصدق ماذا حدث للفنان الشهير داخل القطار” أو ” شاهد بالفيديو فضيحة السياسي الشهير” .. ثم تكتشف أنه قد إستقل القطار لوجهته دون ادني مشكلة.. هل هذا هو الخبر؟.. أو ان السياسي الكبير قد إنزلقت قدمه و هو يصعد سلم منزله.. ليس في الأمر فضيحة أو مفاجأة من أي نوع.. فقط لا يتعدي الأمر كونه وسيلة لزيادة الزيارات لموقع ما.. أو ما يطلقون عليه “الترافيك”!.. لم يعد يخدعني هذا الأسلوب..!
و لكن الأمر تطور و بدأ في جذب إنتباهي حين سمعت الخبر مرة أخري في أحد برامج “التوك شو” الشهيرة في المساء!..فإعتدلت في جلستي لأنصت بإهتمام.. يبدو أنه حقيقي هذه المرة..
لقد عرضت إحدي القنوات العربية الخاصة مبلغا باهظاً لشراء حق بث جلسات البرلمان المصري المنتخب “حصرياً”!!
ينبغي أن أعترف أنني أعاني من مشكلة شخصية في مسألة شراء حقوق البث الحصري التي يتحدثون عنها كثيراً.. الأمر بدأ مع تلك القناة الرياضية السعودية الشهيرة ..التي قررت أن تحرمنا من صولات الأهلي الإفريقية في بداية هذا القرن.. لتبثها حصرية عبر قناتها المشفرة..لقد اضطررت وقتها للجوء للتحايل كمعظم المصريين .. و قمت بتوصيل السلك الشهير الذي يتيح لي مشاهدة القناة بمبلغ زهيد..فلم تكن ميزانيتي الصغيرة تحتمل أن أدفع ذلك الاشتراك الباهظ الذي كانوا يطلبونه.. ثم تطور الأمر ليشمل معظم البطولات العالمية مع قناة أخري عربية أيضاً.. و إحتاج الأمر لسلك جديد آخر!
الخلاصة أنني أكره تلك الفكرة عموماً ..حتي مع علمي أن الأمر يتعلق بأموال و إستثمارات ضخمة من رعاة و إعلانات ينبغي أن تغطي المبلغ المدفوع ..و تعود علي الصناعة بأكملها بالنفع..و لكنني مازلت امقتها بشدة!!
الفكرة أن الأمر يختلف هذه المرة.. فالمادة ليست حدثاً رياضياً.. ولا حتي فنياً.. إنه واقعنا السياسي .. فالبرلمان المصري لا يهم أحداً سوي المصريين.. بل يمكننا القول أنه لا يهم المصريون كلهم!..فلماذا تهتم قناة ” عربية” بشراء حقوق البث اصلاً؟ فضلاً عن كونها حصرية؟.. كما أنني أعرف- علي الرغم من قلة معلوماتي في هذا الشأن- أن المبالغ المدفوعة لشراء الحقوق تعود إلي القناة عن طريق الرعاة و الإعلانات التي تجلبها القناة للحدث المذاع..فهل هناك من سيهتم بوضع إعلانه خلال جلسات البرلمان؟ .. هل سنري لوحات إعلانية لسلع مختلفة داخل قاعة المجلس؟ هل سنجد السيد رئيس المجلس يهتف للنواب أنهم سيخرجون الي ” فاصل ” ثم يعودوا ثانية.. تخيلت الأمر في ذهني و هو يبتسم إلي الكاميرا ليرجونا ألا نذهب إلي أي مكان .. فمازال لدينا الكثير لنشاهده!!
الأمر هزلي إلي حد كبير.. ويحمل في طياته سخرية لا نهاية لها.. و لكنني عجزت عن الابتسام.. فهو يحمل في داخله أمراً مؤسفاً.. فيبدو أن البعض يؤمن أن مجلسنا الموقر هذه المرة يستحق المشاهدة.. أو بمعني أصح ” فرجة”!!
أعتقد أن الطلب قد قوبل بالرفض من النظام..و من النواب أنفسهم أيضاً.. و لكن تبقي مرارة أن يطلب الآخرون مشاهدة ما سيفعله نوابنا الكرام..و تبقي كراهيتي للفكرة قائمة ..حتي وان لم احتاج هذه المرة ..لسلك جديد آخر!
.