“متكتبش فى الموضوع ده خالص”، “ابعد عن القصة دى متجبش لنفسك مشاكل”، “الموضوع كبير جدا وخطير بلاش تلعب بالنار”، وأخيرا “يا ابنى متوديش نفسك فى داهية وكل عيش وسيبك من الموضوع ده تحديدا”، كل هذه الجمل سمعتها منذ الإعلان عن بداية تجهيز اتحاد الإذاعة والتليفزيون لبرنامج توك شو ضخم يحمل اسم “أنا مصر”، والذى ينطلق خلال أيام.
فى البداية تراجعت عن الكتابة وطرح الأسئلة، ثم بدأت أبحث عن الحقيقة الغائبة، أو المزعومة بأن البرنامج تقف خلفه احدى الجهات السيادية، بالطبع حدث هذا الكلام ويحدث كل يوم مع الكثير والكثير غيرى، حتى أبناء ماسبيرو أنفسهم نمت بينهم هذه الشائعة بصورة كبيرة وواضحة، جعلتهم يتجنبوا الحديث عن البرنامج، إلا أن الحقيقة الغائبة التى كشفناها بالبحث، أن القائمين على البرنامج هم أنفسهم من روجوا لتلك الشائعة من أجل الحصول على صلاحيات بالتحكم الكامل فى البرنامج، بالإضافة لتخويف كل من ينتقد أى يهاجم أو يعترض على البرنامج، قالوا أن شركة “بلاك أند وايت” هى شركة تابعة لجهة سيادية، وروجوا بين العاملين والوسط الصحفى والإعلامى أنه لا أحد قادر على مواجهتهم، وبمبدأ التخويف الذى يتبعه الفاشلون، انتشرت الشائعة وسيطرت على رأس قطاع كبير من العاملين بماسبيرو، والمهتمين بشأن هذا المبنى العريق.
ما يزعجنى أن قيادات ماسبيرو أنفسهم تركوا الشائعة تنتشر كالهشيم، تحطم كل معانى الحرية والاستقلال الإعلامى، لم يرد قيادات ماسبيرو بأى إجابة صريحة تنهى الأكاذيب التى روجها القائمين على البرنامج لتحقيق مصالحهم، نسبوا البرنامج لجهة سيادية لحماية أنفسهم من النقد، نسبوا للجهة السيادية ما ليس فيها، وهنا مكمن الخطورة الحقيقى، فالإعلام يجب أن يعمل مستقلا حرا نزيها، خاصة إعلام الشعب، إلا أن القائمين على البرنامج ومن وثق بهم من قيادات ماسبيرو ساهموا فى تشويه البرنامج قبل ظهوره إلى النور، فكيف يصدق الجمهور برنامج تديره وتشرف عليه بالكامل جهات سيادية ليس لها علاقة بالإعلام من قريب أو بعيد !.
الأيام الأولى من تجهيزات البرنامج كشفت كذب وزيف وادعاء كل من روج لهذه الشائعات، فالارتباك الذى شهده البرنامج فى اختيار مقدميه حتى الأن، يؤكد أن مجموعة الهواه المسئولين على البرنامج غير قادرين على تقديم ما يمكن أن ينافسوا من خلاله برامج القطاع الخاص، فحتى يومنا هذا وقبل ظهور البرنامج إلى النور لازالت الأمور مرتبكة وغير مرتبة، وظهر ذلك جليا فى انسحاب الإعلامى أسامة كمال من فريق العمل، ومن قبله جمال عنايت الذى رفض ان يشارك فى تقديمه، ويبقى السؤال الأول، هل من الممكن أن يعتذر هؤلاء عن تكليف من جهة سيادية بالدولة ؟.
الشق الثانى فى الأزمة هو عدم قدرة قيادات ماسبيرو على تقديم برنامج توك شو ضخم ينافس برامج القطاع الخاص، نعم انها الحقيقة، قيادات ماسبيرو لا يملكوا إلا التصريحات العنترية والكلام المنمق حول التطوير والتغيير، دون القدرة على تنفيذ ذلك على أرض الواقع، ما أعلنه الإعلامى أسامة كمال أنه وزملائه من مقدمى البرنامج لن يحصلوا على أى أجر مقابل عملهم به، وهذا يؤكد أن الشركة المنتجة للبرنامج “بلاك اند وايت”، هى المستفيدة من وجود هؤلاء فى البرنامج، فلن يكلفهم الإعلاميين مبالغ طائلة، فلماذا إذا لم يقدم اتحاد الإذاعة والتليفزيون عروضا لهؤلاء الإعلاميين للتعاون معه فى برنامج توك شو ضخم، طالما سيعملون بدون مقابل مادى، ويقوم هو بتسويق البرنامج وتحقيق عائد إعلانى لنفسه بدلا من مشاركة إحدى شركات القطاع الخاص !، الإجابة واضحة لا تخطئها عين، وهى أن قيادات ماسبيرو غير قادرين على اتخاذ أى قرار، فهم مجرد برافانات فقط لا يملكوا من أمرهم شيئا.
نتمنى أن يرد أحدا من قيادات ماسبيرو ويقول الحقيقة دون تردد ..
هل برنامج “أنا مصر” يتبع إحدى الجهات السيادية !
هل الشركة المنتجة تم فرضها على ماسبيرو !
وأخيرا .. هل حقا البرنامج يتم اختباره لمدة ستة أشهر فقط وفى حال نجاحه سيستمر !