مهنة الصحافة أو كما يسمونها مهنة البحث عن المتاعب و هي فى الحقيقة تستحق المعاناة من أجلها فالشخص المحب لهذه المهنة علي استعداد أن يفنى عمره بين أوراقه مستنشقا رحيق الحبر فى المطبعة، وأسعد لحظاته حينما يري كلماته تسطر بين أيدي الجمهور وكأنه مزارع و يجنى محصوله فرحا. وحب الجمهور للصحفي يعتبر منحة من رب العباد لذلك تجد أن ممتهني الصحافة في مصر إذا ما كتب لهم التوفيق والنجاح والانتشار؛ أصبح عند جمهوره المنقذ و الملجأ و الملاذ اذا ما كان لديهم مشكلة.
تلك العلاقة بين الصحفي و الجمهور تختلف عن علاقة الجمهور و اي شخص أخر سواء فنان او لاعب او ما شابه. لان الجمهور يتشكل لديه حب و احترام و تقدير الصحفي من خلال كتاباته و كلماته و من خلال ما يعبر به عن مجتمعه فهو ضميرهم الحاضر الذي يتحدث عن آلامهم و آحلامهم و طموحاتهم لذلك يجب ان يكون الصحفي على قدر تلك المسئوليه و يضع فى المقام الاول هذا الجمهور الذي قرأ له و صعد به الى قمة المجتمع. فلا اقل من ان يرد الصحفي ذلك بأن يظل عند حسن ظن جمهوره به مهما كانت الاغراءات و مهما كان النفوذ المالي و السياسي المحيط به الذي يسعي ان يجتذب الصحفي فى ظلاله و ان يلتحق بركاب السلطة و ما تحويه من منتفعين و مطبلاتيه و ناس اصحاب مصالح و رجال اعمال فاسدون كل همهم استنزاف خيرات الوطن. لذلك اتمني من كل من يحب الصحافه و يعمل فى هذا المجال ان يكون ضمير الوطن الامين على بلده ثم جمهوره.
علي الطرف الاخر نجد ان لكل عصر و لكل نظام محاط ببطانه من الاشخاص الذين يساعدون علي استمرار هذا النظام و يستعين فى ظل ذلك بأشخاص معدومي الضمير و فى كل المجالات من صحفيين و اعلاميين و كتاب و يسعي عن طريق شراء ذمم هؤلاء ان يتربع علي هرم السلطة لأطول فترة ممكنه و ان يؤصل و يتجذر فى المجتمع بفساد يعقبه فساد و فساد لدرجة ان الانسان الشريف يظن انه هبط الى الوطن من عالم أخر. اختيار صعب للصحفي عليه ان يختار ما بين ان يكون ضمير للوطن أو خانع للسلطة ما بين شرف المهنه و بين اغراءات السلطة و لا أظن انه سيكون اختيارا صعبا على انسان لديه ضمير و حس وطنى فى زمن قل فيه و ندر أصحاب الضمائر فى هذا الوطن. اعطنى اعلام بدون ضمير اعطيك شعبا بدون وعي . تلك المقوله تنطبق على كل ما تسطره اقلام او تنقله كاميرا او تعرضه شاشه او تسمعه اذن. فمن بين وسائل الاعلام المختلفه تتشكل ثقافة الامم و الشعوب فلنحرص على ان تكون رسالتنا فى الحياة التعبير بصدق و بضمير عن هذا الوطن لنحيا و ليحيا ابناؤنا و الاجيال القادمة فى بلد متحضر بأيدينا جميعا .