• إعلام التعبئة غير مهنى.. وبعض الإعلاميين يتحدثون بغرور وسوء أدب
• السيسى أكثر الرؤساء عفة فى اللسان.. لكن ارتجاله يفتح الباب لعدة تفسيرات
• الصحف «القومية» أكثر من عدد قرائها.. لكنها الأكثر التزاما بتقاليد المهنة
• التشريعات الجديدة تلزم المؤسسات بإنشاء صندوق بطالة يمنح الصحفى راتب عام كامل حال فصله
• هناك اتجاه لتصفية العاملين فى الصحافة.. والبدل إغراء لمن لا علاقة لهم بالمجال
• الصحف الخاصة والحزبية تسعى لإلزام الدولة بدعمها ماديا.. والحكومة سترفع يدها عن «القومية» يوما ما
• قانون الإعلاميين يحظر عمل الصحفى فى الفضائيات.. و17 صحفيا يتحدثون باسمنا فى البرلمان
• لغة السيسى سريعة النفاذ إلى المواطنين
قال الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة، الكاتب الصحفى والمؤرخ، صلاح عيسى، إن هناك اتجاها لتصفية أبناء المهنة بسبب الأوضاع الاقتصادية، متهما الحكومة باستغلال خلاف الصحفيين لتعطيل إصدار قوانين الحريات الصحفية.
وكشف عيسى عن أن بعض الصحف الخاصة والحزبية تسعى لإلزام الدولة بدعمها ماديا، لافتا إلى «تكدس المهنة» بسبب رغبة من لا علاقة لهم بالصحافة فى الالتحاق بها للحصول على البدل الذى أكد أن الدولة تصرفه سنويا بواقع 200 مليون جنيه، كما كشف عن حلول جديدة لأزمات فصل الصحفيين، موضحا آخر التطورات فى قانون الإعلام الموحد، وإلى نص الحوار:
ــ ما الجديد الذى سيحدثه مشروع القانون الموحد لتنظيم الصحافة والإعلام فى حال إقراره؟
مشروع القانون الذى أعدته اللجنة الوطنية للإعلام ينطلق من المواد المتعلقة بحرية الصحافة والإعلام والموجودة فى الدستور، وهى مواد مستحدثة لم يسبق وجودها من حيث العدد أو المضمون فى أى دستور مصرى سابق، وهو أمر متقدم على كل القوانين المعمول بها فى الدول المجاورة، وينطلق من رؤية تؤسس لنظام إعلامى جديد، يقوم على 3 أعمدة أساسية هى، أقصى قدر ممكن من الحرية، وأقصى قدر ممكن من المسئولية الوطنية والاجتماعية، وأقصى قدر ممكن من الالتزام بالتقاليد والأسس المهنية.
والجديد أن القانون يلغى كل القوانين المعمول بها فيما يتعلق بالصحافة أو الإعلام المرئى والمسموع، ويدمج الإعلام المكتوب والإعلام المرئى والمسموع والصحافة الإلكترونية فى قانون واحد، حيث تنظم المواد 71 و72 و73 التى وردت فى الدستور صدور الصحف بالإخطار، وينظم القانون إلغاء العقوبات السالبة للحريات فى قانون النشر، فضلا عن قاعدة استقلال الصحف ووسائل الإعلام المملوكة للدولة استقلالا تاما عن السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والأحزاب وإدارتها ذاتيا بشكل مستقل على أساس مهنى فقط.
القانون ينطوى على حقوق وحريات لم يسبق لها مثيل فى قوانين الصحافة والإعلام السابق، ويؤسفنى جدا ألا تلقى هذه الجوانب الاهتمام الواجب من الصحفيين والاعلاميين، لأن المطالب النقابية هى التى تشغل بعض الصحفيين وأصحاب الصوت المرتفع منهم وليس حرية الصحافة، فالقضايا المتعلقة بالحريات والضمانات وتنظيم المنظومة الصحفية والاعلامية غير مهمة بالنسبة للبعض.
ــ هل الأوضاع المادية للمؤسسات هى ما يدفع الصحفيين للتركيز على تلك المطالب؟
أنا أقدر حاجتهم ومطالبهم وهم محقون فيها لكن هذه ليست مهمة التشريعات الجديدة، وعلى الرغم من ذلك نصت هذه التشريعات على مواد ذات صلة مباشرة بالحقوق الاقتصادية للصحفيين والاعلاميين، منها مادة تلزم المؤسسات الصحفية بإنشاء صناديق للتأمين ضد البطالة وفى حالات العجز والعجز الكلى.
ــ ماذا عن صندوق التأمين ضد البطالة؟
هذه الصناديق ستنشئها النقابات المعنية بالقانون بالاتفاق مع إدارات الصحف، ويدفع الصحفى للصندوق اشتراكا زهيدا وثابتا طوال فترة عمله فى المهنة، بحيث إذا أُغلقت صحيفته أو تم فصله أو تعطل أو عجز عن العمل لأى سبب من الأسباب يصرف له الصندوق راتبا شهريا حسب لائحة الصندوق لفترة تصل إلى عام إلى أن يجد عملا آخرا، وهو بمثابة تأمين للصحفى كى لا يجد نفسه دون مورد بشكل مفاجئ.
ــ وما هو تأثير المشكلة الاقتصادية على الإعلام والصحافة؟
التأثير كبير وواضح، بل أن المؤسسات الصحفية المملوكة للدولة تجاوزت الآن المؤسسات الخاصة، وهناك ركود فى المهنة واتجاه لتصفية وتقليص عدد العمالة الموجودة فى المؤسسات، كما يوجد شكل من التوسع فى الصحف دون قياس حقيقى لمدى قدرة السوق على استيعاب هذه العمالة، وهناك زيادة مبالغ فيها فى عدد أقسام الصحافة والإعلام فى الجامعات المصرية دون الوضع فى الاعتبار مدى قدرة السوق على استقبال تلك الأعداد، فضلا عن الأزمة الاقتصادية العامة للبلد التى أدت إلى ركود اقتصادى تعانى منه قطاعات كثيرة، وهذه كلها ظروف مؤقتة ومصر تستطيع تجاوز هذه العقبات الاقتصادية لتعود الصحافة والإعلام لرواجها مرة أخرى.
لكن لابد أيضا من الربط بين المعاهد والكليات التى تعد العاملين فى الصحافة والإعلام وبين حاجة السوق والموارد المتاحة للاستثمار فى هذا المجال، وهذه الإشكالية ليست بديلا عن الحرية والعكس صحيح، لكن يجب أن ننطلق جميعا كجماعة صحفية وإعلامية نحو هدف واحد وهو تمتع الصحافة بحرية مسئولة ومهنية أكثر كلما اتسع نطاق السوق والإقبال على قراءة الصحف ومتابعة الفضائيات، وهو ما يعنى تشجع المستثمرين على دخول المجال بما يعنى فتح مجالات عمل متعددة للصحفيين والإعلاميين.
ــ رغم الضمانات المهمة السابق ذكرها، فإن القانون الجديد طالته الانتقادات بتجاهل الصحافة الخاصة على الرغم من تخصيص باب كامل للصحافة القومية، ما تعلقيك؟
هذه قراءة غير دقيقة لمشروع القانون وهذا النقد ليس فى محله، وجميع مواد القانون وما به من ضمانات مكفولة للصحف الخاصة، ونحن خصصنا بابا للصحف القومية وآخر للإعلام المرئى والمسموع الخاص، لأن الدستور وضع نظامين مختلفين لطريقة إصدار الصحف وإنشاء القنوات الفضائية، فقد نص الدستور على إصدار الصحف بالإخطار، لكنه ألزم الفضائيات بالترخيص.
أما فيما يتعلق بالحقوق والواجبات فكل ذلك ينطبق على القطاعين الخاص والعام، لكن الأزمة الحقيقية هى أن بعض الصحف الخاصة والحزبية ترغب فى إلزام الدولة بدعمها والوقوف بجوارها ماديا أسوة بالصحف القومية، والدولة تدفع سنويا 200 مليون جنيه حتى الآن لتمويل بدل التدريب والتكنولوجيا الذى تصرفه نقابة الصحفيين شهريا، وهى لا ينبغى أن تمول الإعلام الخاص وإلا وجد نفسه مقيدا بالجهة التى تمنحه التمويل ومن هنا سيتعرض لضغوط.
وحين يتم تطبيق القانون الجديد وحل المشكلات الاقتصادية الخاصة بهذه المؤسسات ستتم إدارتها وفقا للدستور والقانون الموحد إدارة اقتصادية رشيدة بحيث تعتمد على نفسها، وسيأتى الوقت الذى يفترض فيه أن ترفع الدولة يدها عن الصحف القومية، وأن تعتمد على مواردها الخاصة، والإعلام الحر يجب أن يكون مستقلا استقلالا تاما.
ــ هل أنت راضٍ عن الأداء المهنى.. وكيف ترى وضعها سواء فى الصحف القومية أو الخاصة؟
جميعنا يريد نظاما إعلاميا متوازيا، وأن يكون هناك إعلام خاص ينشئه المستثمرون والمهنيون، فضلا عن الإعلام العام، ولا أن يحل أحدهما محل الآخر، فالإعلام العام هو إعلام خدمة عامة للمواطن ينفق على ما يستطيع أن ينفق عليه، والقطاع الخاص لا يعنى إصدار صحف ثقافية أو علمية أو فكرية، وهى أنواع من الصحف لا يقبل المستثمرون على إصدارها، وهى مطبوعات لا تحقق ربحا وربما تتكبد خسارة.
ويجب الاعتراف أن وجود الصحف الخاصة والحزبية أدى إلى اتساع مساحة الحرية فى مصر وفى الصحف القومية، ورؤساء تحرير الصحف القومية ضغطوا على الحكومة فى وقت بدء صدور الصحف الخاصة لتوسيع الحرية فى صحفهم حتى يستطيعوا أن يواجهوا المنافسة.
ــ وكيف غيرت الصحف الخاصة والحزبية خارطة الصحافة؟
الصحف الخاصة والحزبية لعبت دورا مهما جدا فى توسيع نطاق الحرية الصحفية فى المجتمع، وحققت التوازن فى الصحف القومية، وخلقت جوا من المنافسة أدى إلى ارتفاع أجور الصحفيين، ومعظم رؤساء ومديرى الصحف الخاصة جاءوا من الجرائد القومية بعد أن اكتسبوا خبراتها، كما نجحت الصحف الخاصة فى جذب جيل جديد من الشاب، ما لعب دورا مهما فى تجديد صناعة الصحافة وتقديم آفاق جديدة لها، لكن بشكل عام تلتزم الصحف القومية بتقاليد المهنة أكثر من الصحف الخاصة، فهى لا تغامر بالهجوم على أشخاص بشكل فج، ولا تنشر خبرا دون التيقن من صحته، فى حين نجد أن هناك صحفا خاصة ملتزمة وأخرى غير ملتزمة وتتجاوز بنشر أخبار مفبركة وغير صحيحة، وهذا إعلام غير مهنى ولا قيمة له على الإطلاق، ومع ذلك بقاء الاثنين ضرورى، والالتزام بتقاليد المهنة وبالمسئولية الاجتماعية وممارسة الحرية الكاملة هو أساس النظام الإعلامى الذى نسعى إليه.
ــ كيف ترى مستقبل الصحف القومية والخاصة فى الفترة المقبلة، وكيف يمكن أن تخرج من كبواتها؟
نحتاج إلى وقت وإصلاح حقيقى ووقت وإرادة سياسية لتحقيق ذلك، لكن هناك عقبات شديدة للغاية، أبرزها البطالة فى الصحف الخاصة والصحف العامة، وزيادة عدد العاملين فى هذه المؤسسات عن حاجة العمل الحقيقية، فعدد محررى الصحف القومية أكثر من عدد قرائها، فيما بدأت الصحف الخاصة تعانى من زيادة العمالة على الحد الاقتصادى المطلوب.
ــ وما الحل لمواجهة ذلك فى رأيك؟
تصفية هذه المشكلات بشكل تدريجى يحتاج إلى خطة تدريجية، أى إعادة ضبط المهنة، ويكفى أن أقول إن البدل يعد إغراء لكثيرين ممن لا علاقة لهم بالصحافة ويحاولون الالتحاق بالمهنة للحصول عليه، ما يؤدى إلى تكدس المهنة، لذا نسعى تدريجيا إلى وضع خطة زمنية محددة من أجل إصلاح صناعة الصحافة، وتشجيع المستثمرين لاستثمار أموالهم فى إنشاء صحف جديدة، والبحث عن اجتهاد مهنى يؤدى إلى إعادة القارئ للصحف الورقية، مع إيجاد حلول للقضاء على الركود فى سوق الاعلانات، حيث أصبح المعلنون والناشرون الذين يطبعون فى مطابع المؤسسات القومية يدفعون «إلى حين ميسرة» أو لا يدفعون فى الأساس، والصحف القومية لديها عشرات الملايين من الجنيهات المتراكمة لدى المعلنين والناشرين العاجزين عن دفعها.
ــ وما الجديد الذى سيرسيه القانون لإدارة الإعلام المملوك للدولة؟
اتبعنا نفس النهج المتبع فى المؤسسات الصحفية المملوكة للدولة، حيث سنلغى اتحاد الإذاعة والتلفزيون «ماسبيرو»، والمؤسسات الإعلامية المملوكة للدولة ستتحول إلى مؤسسات مملوكة للدولة متخصصة، أى مؤسسة للتلفزيون وأخرى للإذاعة وأخرى للإنتاج الدرامى، وكل مؤسسة منها مستقلة تدار عبر مجلس إدارة نصفه منتخب والنصف الآخر معين، ولها لجنة تنسيقية تضع السياسة العامة للمنظومة، لتحقيق فكرة استقلال الإعلام المملوك للدولة وإدارته ذاتيا كالصحف القومية.
ــ ولماذا تأخرت الحكومة فى إصدار القانون الموحد لتنظيم الصحافة والإعلام على الرغم من أهميته الكبيرة؟
لا أحد يستطيع تقدير حجم المجهود المبذول لوضع قانونى «تنظيم الصحافة والإعلام»، و«إلغاء العقوبات السالبة للحريات فى جرائم النشر»، وقبلهما قانون الإعلاميين الذى صدر أخيرا، على الرغم من أنه «مركون» لدى الحكومة منذ بداية العام الماضى.
كانت هناك أزمة فى آلية امتلاك الصحف والقنوات الفضائية، فالقانون الجديد ينص على عدم امتلاك الشخص إلا مؤسسة صحفية وإعلامية واحدة فقط، وكذلك البند الخاص بتملك الأجانب فى الفضائيات، فقد أقر القانون الجديد ضرورة أن يكون رأسمالها مصريا.
كنا نأمل أن يصدر القانون بقرار من رئيس الجمهورية لكنه تأخر، وما حدث أننا انتهينا من مشروع القانون وبدأنا حوارا مع الحكومة فى عهد رئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب، الذى فوض وزير التخطيط حينها، أشرف العربى، ومعه فريق من الباحثين لمراجعة القانون.
عقدنا 7 جلسات فى المراجعة تخللتها خلافات بسيطة حول بعض البنود، وقبل الانتهاء من الباب الأخير توقفت الاجتماعات بشكل مفاجئ لعدة أيام ثم تقدمت حكومة محلب باستقالتها، وحين تولى شريف إسماعيل رئاسة الوزراء راجعت حكومته المشروع منذ البداية، وأعتقد أن الحكومة تكونت لديها فكرة معينة تجاه القانون، حيث توجد إشكالية فى أن القوانين المنظمة للحريات تعد من القوانين المكملة للدستور، وإذا صدر هذا القانون بقرار من رئيس الجمهورية كان سيحال إلى مجلس النواب فى كل الأحوال، وبالتالى فإن صدوره مبكرا أو متأخرا كان سيواجه أزمات.
ــ وهل تتوقع أن يكون مشروع القانون الموحد على رأس الأجندة التشريعية للبرلمان؟
نعمل الآن على خلق جماعة مساندة لمشروع القانون من النواب الحاليين، وهذه الجماعة تضم 17 صحفيا من أعضاء البرلمان، فضلا عن عدد من الإعلاميين، وسنسعى لشرح القانون للنواب ليكون الخلاف حول بنوده فى أضيق نطاق ممكن، فالمناخ السائد بين المواطنين والجمهور والصحفيين والإعلاميين سيكون متحفظا للغاية تجاه فكرة حرية الإعلام، نتيجة الخروقات المهنية البشعة التى مارسها البعض خلال الفترة الأخيرة، والتى أعطت انطباعا سلبيا عن حرية الإعلام.
ــ وما هى النسبة التى سيكفلها القانون بحماية الصحفى وعدم حبسه فى قضايا النشر؟
لدينا 3 مواد فقط تجيز الحبس، وهى التحريض على الإرهاب، التى تصل عقوبتها إلى الحبس، فضلا عن تهمتى الطعن فى الأعراض والدعوة للتمييز، وتركنا للمشرع حق اختيار عقوبة الحبس أو الغرامة، وهناك مواد كثيرة تم استبدال الحبس فيها بالغرامة، وهناك مواد سيتم إلغاؤها، وكانت هناك مواد فى قانون العقوبات خاصة بالصحافة والنشر يضعها أى حكم ديكتاتورى ثم يأتى بعدها حكم آخر ويتركها أيضا دون إلغاء.
ــ ما هو ردك على الانتقادات التى أبداها بعض المنتمين للجماعة الصحفية فيما يتعلق بقرار المد لرؤساء مجالس إدارات الصحف القومية؟
هناك خلط بين العوامل الشخصية والعامة، وتعليقات البعض تعكس عدم قراءة القانون بشكل كامل ودقيق، وأحيانا تقول لنا الحكومة إننا مختلفون حول القانون وهذه لعبة الحكومة، فكلما أردنا توسيع نطاق الحرية فى النشر يقابلنا رد السلطة بأن بعضنا غير موافق.
ــ وكيف سيكون مستقبل مجالس إدارات الصحف القومية بعد إصدار القانون الجديد؟
بعد إصدار القانون الجديد، ستكون هناك إشكالية خاصة بمجالس الإدارات الحالية والجمعيات العمومية للصحف القومية، فالتشكيل الحالى لتلك المؤسسات انتخب على أساس القانون الحالى، والقانون الجديد سيجعل عدد المنتخبين أكثر من المعينين، وبالتالى فإن المواد التى بنيت عليها انتخابات المؤسسات القومية تختلف عن الأسس الموجودة فى القانون الجديد، ولحل هذه الأزمة وضعنا مادة انتقالية تنص على أن تكمل تلك المجالس مدتها لحين انتهائها، ثم إجراء انتخابات جديدة، لكن بعد إصدار القانون ستكون مجلس إدارات الصحف القومية مهددة بالحل أو إعادة تشكيلها من جديد، والحل النهائى فى يد المشرع وأعضاء مجلس النواب.
ــ مع بدء العد التنازلى لانتهاء كيان المجلس الأعلى للصحافة، هل ترى أنه أدى دوره بشكل كامل على الرغم من الانتقادات؟
لأول مرة أسمع عن انتقادات للمجلس منذ تأسيسه فى 1980، وما يقال الآن ينطلق من الخلط ما بين دور المجلس ودور النقابة، حيث تصطدم النقابة بالقوانين العاجزة التى لا تمنحها سلطة اتخاذ موقف أو حل المشكلة، وبالتالى يلجأ الصحفيون لنا على الرغم من أننا لسنا جهة مختصة، فالقانون لا يسمح لنا بالتدخل فى الإدارة الداخلية للصحف القومية رغم امتلاكنا لها، أو حتى التدخل فى قضية بين صحفى وصحيفته أمام القضاء، وسلطة المجلس تقتصر على مراجعة أية أخطاء فى قرارات مجالس الإدارات وتصحيحها والضغط لتحقيقها، وفى مشاكل الصحفيين نلجأ للعرف والعلاقات الشخصية لكننا لا نستطيع إجبار رؤساء التحرير على قرار محدد، كما أن العمل النقابى عمل تفاوضى، وربما تساهم الهيئة الوطنية للصحافة والإعلام فى تعديل تلك الأمور دون إفقاد مجالس الإدارات سلطتها، ومن يقول إننا عطلنا التشريعات للبقاء فى مناصبنا «طفل صغير».
ــ كيف ترى إشكالية الانضمام لنقابة الإعلاميين بجانب عضوية نقابة الصحفيين؟
القانون لا يحظر لعضو نقابة مهنية أن ينضم لنقابة مهنية أخرى، لكنه يحظر فقط الجمع بين العضوية العاملة فى نقابتين.
ــ لكن عددا كبيرا من الصحفيين يعملون فى الفضائيات لتحسين دخلهم فى ظل الأزمات المالية للصحف؟
سيكون هذا محظورا عقب تشكيل مجلس نقابة الإعلاميين، فالصحف الخاصة والعامة أصبحت تشتكى أن ولاء صحفييها أصبح للفضائيات أكثر منها ضمانا للحصول على رواتبهم، وعضوية نقابة الإعلاميين تشترط التفرغ للعمل الإعلامى، ويجب أن يعوض أحد الطرفين الصحفى ماديا لتحقيق شرط التفرغ.
ــ كيف ترى وجود صحفى واحد فقط ضمن قائمة المعينين فى مجلس النواب؟
هناك 17 صحفيا منتخبا يمثلون أبناء المهنة، والهدف من التعيين تمثيل الكفاءات والأطياف التى لم تخض الانتخابات، ويتضح من اختيارات التعيين أن اختيار الرئيس وقع على عناصر تمثل الشباب وتكمل النسبة المطلوبة للنساء والأقباط.
ــ كيف ترى لغة خطابات الرئيس السيسى؟
ألاحظ أنها سريعة النفاذ إلى المواطنين، خاصة فى الفقرات التى يرتجلها، كذلك فالسيسى هو أكثر الرؤساء الذين عرفتهم مصر عفة فى اللسان، فلا يهاجم خصما أو دولة بألفاظ صريحة أو مقنعة، وهذا أمر أتمنى أن يتأسى به بعض الإعلاميين الذين يتحدثون بطريقة تتسم بالغرور والثقة، على الرغم من اعتقادهم بأنهم يدافعون عن الرئيس، الذى هو أكثر تواضعا منهم.
بشكل عام، أنا أُفضل أن يلتزم الرئيس بالنص المكتوب ثم يخرج عنه ليشرح، ولكن طرحه فكرة جديدة غير موجودة فى نص الخطاب المكتوب يحدث «لغطا» أحيانا، وفى أحيان أخرى لا تكون الفكرة واضحة بشكل كافٍ نتيجة مخاطر الارتجال، وهو ما يفتح الباب لتفسير الكلام بعدة تفسيرات، لكن خطاب السيسى عموما يصل إلى أوسع مساحة ممكنة من المصريين ويؤثر فيها تأثيرا إيجابيا.
ــ أبديت استياءك من أداء بعض الإعلاميين، فكيف ترى الممارسة الإعلامية الحالية؟
لا ننسى للإعلام المصرى أنه كان أحد القوى الأساسية والضاربة فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو، وهو انتقل من إعلام التعبئة ضد النظام السابق إلى إعلام تعبئة مع الثورة، وفى الحالتين إعلام التعبئة هو إعلام غير مهنى لكنه قد يكون ضروريا.
والآن بعد أن انتقلت مصر من الثورة إلى الدولة، آن الأوان أن يعود الإعلام المصرى مهنيا حقيقيا، فوضعه الحالى يشهد بعض الخروقات البالغة الفجاجة، فهناك إعلاميون لا صلة لهم بالإعلام على الإطلاق، ومنهم من لا يختلفون فى طريقة تفكيرهم عن العامة ويتحدثون بأفكارهم، فليس مهمة الإعلام حشد المواطنين لطريق معين.
الحرية قادرة على تصحيح أخطائها بنفسها، وأثق أن الإعلام المصرى سيستعيد مهنيته وقدرته على الالتزام بأدبيات المهنة تدريجيا مع مرور الزمن، وستمارس نقابة الإعلاميين ضوابط العمل، كما ستختفى بعض الوجوه التى لا هم لها سوى سوء الأدب وتوجيه الإنذارات.
ــ أخيرا.. كيف تتمنى أن ترى الصحافة فى الفترة المقبلة؟
بل أتمنى أن تكون مصر بلدا ديمقراطيا عصريا طبقا لدستور 2014، يعبر فيه المواطن عن رأيه بمسئولية وحرية ومهنية، وفيما يتعلق بالصحافة أتمنى أن تصبح التشريعات الجديدة أساس بناء إعلام وصحافة ديمقراطية مسئولة ومهنية.
نقلًا عن “جريدة الشروق”