نقلًا عن جريدة “المصري اليوم”
تربطنى بجابر القرموطى صداقة الود والاحترام، وزمالة الصحافة والإعلام، وانتماء قديم ودائم لمؤسسة الأهرام.. وكنت دائما أسعد بنجاحاته على شاشة «أون تى فى» التى يحققها بكثير من الجهد والاجتهاد ومغامرات التجديد والتغيير والابتكار.. ولهذا حزنت جداً وأنا أقرأ رسالة جابر التى وجهها لأساتذته فى قناة «أون تى فى» والتى لم تكن لتصل لعموم الناس بعد أن اعتذرت صحف عن نشرها وتراجعت صحف أخرى وحذفتها بعد قليل من نشرها، لكنها وصلت بفضل موقع نشيط وطموح هو «إعلام دوت أورج».. كل ذلك رغم أنها أصلاً أشبه برسالة وداع شديدة الرقة والتهذيب كتبها جابر القرموطى حين استشعر واستشرف هذا التحول الحاد الذى سيطرأ على قناة «أون تى فى» لتتحول من قناة إخبارية وسياسية إلى قناة رياضية.. وهو الأمر الذى يرفضه جابر القرموطى ويرى أن هذا التحول الكامل للرياضة سببه البحث عن أى ربح أو وسيلة لوقف نزيف الخسائر..
يرفض جابر الرياضة على «أون تى فى» ويرى فى ذلك تضييعاً لهوية القناة.. وأن الرياضة من المقبلات وفواتح الشهية لكنها ليست الطبق الرئيسى.. وماذا سيحدث لو توقف الدورى أو تم تأجيله أو حتى إلغاؤه؟.. وأنا بالتأكيد أحترم وجهة نظر جابر القرموطى.. ولا يسعدنى أن تكون الرياضة سبباً فى تغيير شكل ومنهج قناة قائمة وناجحة بالفعل، أو إطفاء النور عن برامج نجحت ونالت إعجاب الناس واهتمامهم وتصفيقهم واحترامهم.. لكننى أتوقف أمام هذه الرسالة وصاحبها لفتح ملف الرياضة والإعلام التليفزيونى.. فأنا من الذين يرفضون أن تعود كرة القدم لتصبح هى الحدث الرئيسى فى بلادى، وهى وحدها التى تشغل الناس وتنال كل اهتمامهم ومتابعاتهم.. وفى نفس الوقت أرفض رؤية سياسية للرياضة باعتبارها مجرد سلاطة أو مخلل فى انتظار الطبق الرئيسى.. أرفض هذا التطرف الجماعى والاختيار القاسى جداً بين أن تكون الرياضة هى كل شىء عكس طبيعة الأشياء وقواعد الحياة أو تهميشها إلى حد التعامل معها بمثل هذا الازدراء.. وقد يكون ذلك هو السبب الحقيقى لأزمة الإعلام الرياضى الدائمة فى مصر.. فلا أحد يأخذه بجدية حتى معظم الذين يقودون هذا الإعلام ويصنعونه ويعملون فى دوائره.. يجتهدون وينجحون ويربحون لكنهم فى قرارة أنفسهم لا يشعرون بأنهم يقومون بعمل جاد وحقيقى له أهميته الاجتماعية والأخلاقية والإنسانية والاقتصادية والسياسية أيضا..
ولهذا سرعان ما ينزلق كثيرون منهم دون وعى أو قصد إلى مزالق التسطيح أو التلاسن وتبادل الاتهامات والفضائح.. وأصبح من نتيجة هذا التطرف أيضا أن بات الكثيرون، بمن فيهم نجوم وقادة الإعلام الرياضى أنفسهم، يتخيلون أن الإعلام الرياضى هو مباريات الدورى فقط.. فمن الخطأ تصور أنه لو توقف الدورى أو غاب فلن يكون هناك دور أو مكان لإعلام رياضى كما قال جابر القرموطى ذلك بوضوح، وقاله قبله كثير من الرياضيين أيضا.. وأتمنى أن تتغير كل تلك المفاهيم والرؤى والحسابات، وأن تراجع «أون تى فى» نفسها ولا تبيع بهذه السهولة من أسهموا فى صنع اسمها ونجاحاتها.