ما اجتمع ضيفان فى برنامج توك شو إلا وكان الصراخ ثالثهما ، هذه هى القاعدة العامة التى تعمل من خلالها برامج التوك شو ربما يتمكن المشاهد من معرفة موضوع الحلقة وأصل النقاش لكن أكثَر من ذلك لا يستطيع أن يعرف فهل ذلك عن قصد أن يخرج المشاهد بعد ساعات يقضيها أمام البرنامج الحوارى ” مش قادر يغمّض عينيه ” صفر النجدين ؟! أم أن هذه فرصة للبرامج الأخرى التى َسيُجبَر المشاهد على التحول اليها والمرور عليها من خلال جهاز التحكم ليأخذ من كل بستان شوكة بما أن الجميع “يَهُرون” فى نفس الموض فى نفس الوقت وبنفس الأسلوب وربما نفس الضيف أيضاً يخرج من هنا يدخل أو يتداخل هناك !
وبما أننا أتينا على ِذكْر الضيف فهم يعملون عكس قاعدة ” الصوت العالى دليل على ضعف موقفك ” فتجده يُعْلِى صوته أكثر مما يتكلم ..كيف؟ لا أعلم .
لكنى أسمع صوتاً عالياً ولا أسمع أى كلمات ُتذكَر !
الضيف لا يريد للمشاهد التركيز فى وجهة نظره وآرائه ربما لأنه يعلم أنها خاطئة وربما هى ليست وجهة نظره من الأساس بل هو مجّرد ببغاء وربما هى ليست وجهة نظر أصلاً بل مجّرد غثاء سيل صنع منها الإعلم وجهة ليتحول إليها النظر !
أما سيادة المذيع اللامع الألمعىّ والذى من المفترض أن يدير الحوار وبحيادية وموضوعية تامة نجده يحشر أنفه فى النقاش ويقول أنا أعبر عن رأى المشاهد
ويعطى هذا فرصةَ الحديث على حساب كتم صوت الآخر أو ربما أعطى هذا الآخَر فرصة الحديث ليتخذه هزواً ويتركه لاتصالات المشاهدين تفعل به ” أى الضيف ” ما يشاء ” أى المذيع ” !
لكن الدور الأساسى الذى يلعبه المذيع فى معظم تلك البرامج هو دور “المشعللاتى” الذى يسخّن هذا على ذاك وبكل هدوء وبراءة الأطفال فى عينيه يؤكد .. ” أنا باهّدي النفوس ” لكنه خلال الفاصل الإعلاني يمسك تارة بالمقصّ يفتحه ويغلقه فى حركات هيستيرية وتارة أخرى بفردتَي نعال وبصوت ماري منيب يقول طوبة على طوبة خلّي العركة منصوبة ، طوبة على طوبة خلّي الإعلانات مطلوبة .
وعلى ذِكْر الإعلانات فإن الشركات المعلنة تفضلها ساخنة ، أقصد أنها تختار برامج التوك شوالتى تكون إسماً على مسمّى أى تتميز حواراتها “بالشو” ولكن لابد أن يكون هذا الشو فى درجة حرارة الماء المغلي ، إما هذا وإما أن تكون الموضوعات نفسها ساخنة ويا حبّذا لو أصاب المعلن برنامجاً يجمع ” الحسنيين ” سيعلن بالملايين ضامناً عودتها إلى جيبه مليارات فى أقرب وقت .
أصحاب المحطات الفضائية حددوا ميعاداً لا يَخلِفه إلا قلة من القنوات بسويعات قبله أودقائق بعده ، العاشرة مساءً كل يوم يبدأ مهرجان التوك شو للجميع واللى ما يشترى .. يتفرج .