أنشر هذه الواقعة ليس فقط لأن صاحبها الذى رواها لي مؤخرا تربطني به علاقة صداقة وثيقة ممتدة منذ 15 عاما، ولكن لأن تفاصيلها يؤكدها المنطق وسير الأحداث وما نراه من تتابعات وتحولات كل يوم على الساحة السياسية والإعلامية فى مصر، باختصار بعد «30 يونيو» كان المطرب حمزة نمرة من الذين وقفوا فى صف محمد مرسي رافضا الإطاحة به، كانت العاصفة عاتية وقتها وناله ما نال كل معارض لما حدث، سواء كان معارضا لأنه منتمٍ إلى الإخوان ويريدهم فقط على السلطة، أو لأن أفكاره السياسية ترفض ما جرى رغم اقتناعه بخطايا مرسي ومَن يمثلهم، بعد ذلك بأسابيع تلقى نمرة عرضًا من شبكة «الجزيرة» للعمل هناك، فى البداية قيل له إنه سيعمل فى تخصصه، أى هندسة الصوت وما له علاقة بالفواصل الموسيقية.
عندما سافر اكتشف العرض الحقيقى والعمل مقابل راتب مجزٍ جدا داخل قناة الجزيرة مباشر- مصر وبعيدا عن تخصصه، ماذا كان سيعمل حمزة نمرة؟ ضيفًا، نعم مجرد ضيف، يظهر فى البرامج ويحوِّل تغريداته المعارضة لـ 30 يونيو وخريطة الطريق إلى تصريحات ستأخذ طريقها الأوسع للانتشار بالطبع لأنها تخرج من مطرب محسوب على شباب الثورة، لكن نمرة رفض العرض دون تفكير ولم يتورط ويتكسب من موقفه السياسي، وعاد فورا إلى القاهرة لأنه بالأساس لديه وظيفة أخرى بعيدا عن الطرب، بينما قبل وظيفة الضيف هؤلاء الذين اختاروا بيع بضاعة المعارضة بألف دولار يوميا، والآن لا يذكرهم أحد، ولن تبقي عليهم الجزيرة طويلا، سيخرجون من التجربة كلها بحفنة من الدولارات مهما زادت لن تضمن لصاحبها أرضًا يختم حياته فى ترابها.
لا أكتب هذه الرواية الآن بمناسبة ألبوم حمزة نمرة الجديد، لست مختصا فى الموسيقى، وكنت ممن اشتبكوا مع نمرة عبر تويتر بعد 30 يونيو ، لكن المراجعات مطلوبة دائما، والرئيس السيسي صرَّح أكثر من مرة بأن من يرد أن يعارض فليفعل لكن بلا عنف، وإغلاق النوافذ أمام المختلفين معنا بالداخل يجعل أبوابا أخرى مفتوحة لهم فى الخارج، وللأسف معظمهم ليس لديه القدرة على الرفض كما فعل حمزة نمرة.
نقلًا عن “جريدة التحرير”
اقرأ أيضًا